الطريق إلى الجنة
شرط دخول الجنة
ما من شكّ أنّ الله -تعالى- خلق الخلق، وأراد لهم الهداية ، والنجاة في الآخرة، وأرسل لهم الرسل عليهم السلام، وشرع لهم الشريعة القويمة؛ ليتقرّبوا من خلالها إلى الله تعالى، فيُكرمهم في الآخرة برضوانه، وجنّاته، لكنّ الله -تعالى- اشترط لمن أراد دخول الجنة شرطاً رئيسياً، لا يصحّ دونه أيّ عملٍ صالحٍ، أو حسنةٍ يقدّمها؛ وهو الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، وإرجاع النية في الاعمال إليه، حيث يقول الله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)، والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- يوضّح حقيقة الأمر، عندما سألته زوجته عائشة -رضي الله عنها- عن رجلٍ في الجاهلية، كان له أعمالٌ صالحةٌ، فهل ستشفع له، فأجابها قائلاً: (لا ينفعهُ، إنهُ لم يقُلْ يوماً: ربِّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدِّينِ)، ولذلك فإنّ أيّ عملٍ صالحٍ لم يسبقه إيمانٌ بالله تعالى، لن يكون مُوصلاً إلى الجنة.
طريق الجنة
ما من شكّ بأنّ الطريق إلى دخول الجنةيُشترط فيه القيام بالأعمال الصالحة التي افترضها الله تعالى، أو شرعها على عباده، بعد تحقيق الإيمان، وأداء العمل لوجه الله سبحانه، وفيما يأتي ذكرٌ للأعمال الصالحة التي قُرنت مباشرةً بدخول الجنة:
- الإكثار والمداومة على الأعمال الصالحة، وهو سببٌ عامٌ تندرج تحته أسبابٌ أخرى.
- إمهال المعسر الذي توجّب عليه قضاء الدين، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ رجلاً لَم يعملْ خَيرًا قطُّ، وكان يُدايِنُ النَّاسَ، فيقولُ لرَسولِه: خُذْ ما تَيَسَّر، واترُكْ ما عَسُرَ، وتجاوَزْ، لعلَّ اللهَ أن يتجاوَزَ عنَّا، فلمَّا هلَكَ قال اللهُ: هل عمِلتَ خيراً قطُّ؟ قال: لا، إلَّا أنَّه كانَ لي غلامٌ، وكنتُ أُدايِنُ النَّاسَ، فإذا بَعَثْتُه يَتقَاضَى قلتُ لهُ: خُذْ ما تَيَسَّرَ، واترُكْ ما عَسُرَ، وتجاوَزْ، لعلَّ اللهَ أن يتجاوَزَ عنَّا، قال اللهُ: قد تجاوَزتُ عنكَ).
- إماطة الأذى عن الطريق ، حيث يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (نزَع رجُلٌ لم يعمَلْ خيراً قطُّ، غُصْنَ شوكٍ عن الطَّريقِ، إمَّا كان في شجرةٍ، فقطَعه فألقاه، وإمَّا كان موضوعاً؛ فأماطه فشكَر اللهُ له بها، فأدخَله الجنَّةَ).
- كثرة ذكر الله تعالى؛ فغراس الجنّة يُنبت من ذكر الله سبحانه، فكانت الوصيّة بالذكر كلمّا استطاع الإنسان.
- كثرة الاستغفار، ومن ضمنه؛ كثرة ترديد سيد الاستغفار ؛ لفضله العظيم، فإنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يخبر عن فضله، فيقول: (إذا قالَ حينَ يُمسي فماتَ دخلَ الجنَّةَ، أو: كانَ من أَهْلِ الجنَّةِ، وإذا قالَ حينَ يصبحُ فماتَ من يومِهِ مثلَهُ).
- قراءة آية الكرسي دُبر كلّ صلاةٍ، ففي الحديث الشّريف: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ).
- دوام ترديد دعاء السوق عند دخوله، حيث يترتّب عليه عظيم الأجور ، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من دخل السوقَ فقال: لا إلهَ إلّا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يحيى ويميتُ وهو حيٌّ لا يموتُ بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ كتب اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ).
- دوام سؤال الله -تعالى- دخول الجنة، فورد في الحديث أنّه ما من عبدٍ يسأل الله الجنة سبع مرّاتٍ، إلّا نادت الجنّة لربّها أن يجعله من أهلها.
- الإكثار من قول: لا إله إلّا الله، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من كانَ آخرُ كلامهِ لا إله إلّا اللهُ دخلَ الجنةَ).
- المحافظة على الصلاة، حيث يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (خمسُ صلواتٍ كتبهُنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على العبادِ، بين اليومِ والليلةِ، فمن جاء بهنَّ، لم يُضَيِّعْ منهم شيئاً، استخفافاً بحقهِنَّ، كان لهُ عند اللهِ عهدٌ أن يُدخلَهُ الجنةَ).
- كثرة الصّيام لله تعالى، فمن خُتم له وهو صائمٌ دخل الجنة، كما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
- الإنفاق في سبيل الله تعالى، فإنّ الله -تعالى- اشترى من العبد ماله ونفسه، فكانت العلاقة وطيدةً بين الإنفاق ورضا الله، ودخول جناته.
- الاجتهاد في برّ الوالدين ، فهما بابٌ من الأبواب التي تُوصل إلى الجنة.
- السعي لحسن تربية البنات.
- طاعة المرأة لزوجها، فقد جاءت امرأةٌ للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- تسأله عن شأنٍ لها، فقال لها: (أذاتُ زوجٍ أنتِ؟ قالت: نعم قال: فأين أنتِ منه؟ قالت: ما آلوه إلّا ما عجزتُ عنه قال: فكيف أنتِ له فإنه جنتُكِ ونارُكِ).
- حُسن الخُلق، فهو من أكثر ما يُدخل المرء الجنة ، كما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
جانب من نعيم الجنة
إنّ الجنة التي أعدها الله -تعالى- للمؤمنين ، تستحقّ أن يجتهد لها العبد في حياته؛ لعظيم بهائها وحُسنها، ولقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، والقرآن أيضاً شيئاً من نعيمها، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (قال اللهُ: أعددتُ لعبادي الصالحين: ما لا رأَتْ عينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ)، والجنة فيها موضع السوط خيرٌ من الدنيا بأكملها، كما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهي مآل كلّ نعيمٍ وهناءٍ وسرورٍ وطمأنينةٍ، فيها يدخل المؤمنون زُمراً ومجموعاتٍ، وجوههم مضيئةٌ، تستقبلهم الملائكة ، تطهّروا من الغلّ، والحسد ، والبغض، فلا خلاف بينهم، يدخلون فإذا بالحسن كلّه أمامهم، حيث إنّ بناء الجنة من ذهبٍ وفضةٍ ، وحتى التراب فيما من الزعفران والمسك، لا ينتهي التنعمّ بالطعام والشراب الذي يستلذونه، ولا يتغوّطون بعده، ولا يتبولون، وفيها الأنهار جاريةٌ، والغرف مبنيةٌ، والأشجار سيقانها من ذهبٍ وفضةٍ، وهم في ذلك النعيم خالدون، وإنّ ذلك من تمام النعيم.