الشخصية الدقيقة أو الوسواسية
الشخصيّة الدقيقة
تقترب الشخصيّة الدقيقة من المثاليّة ومحاولة الوصول للكمال، وهو الحدّ الذي يُشعر المرء بعدم الرضا عمّا قام به، فيتمسك بمعايير صعبة ومستحيلة في بعض الأحيان تختلف عن طبيعة إتقان العمل، أو الاهتمام بالتفاصيل بشكلٍ أكبر، الأمر الذي يُعيق طريقة سير عمله، ويتسبب في مشاكل قد تؤثر على حياته، وقد تصل إلى الشعور بالقلق، أو الاكتئاب، أو اضطرابات معيّنة، أو الخوف من النجاح، وذلك عندما ينتهي حال المرء بالشّك في قدراته وإمكانياته، مما يُعيق حياته المهنيّة والعلميّة، أو الاجتماعيّة، وقد ينتج ذلك عن اندفاع المرء ونشاطه الزائد في حدث أو عمل مُعيّن، الأمر الذي يجعله يتردد ويخشى عدم القدرّة على النجاح في أدائه، ويشك في قدراته، ويخاف من الفشل.
الشخصيّة الوسواسيّة
تُعد الشخصيّة الوسواسيّة ناتجاً عن اضطرابٍ عقليّ يُعرف باضطراب القلق أو اضطراب الشخصيّة الوسواسيّة، يدفع المرء للتقيّد بالأنظمة والقوانين بشكلٍ صارم مما يُشعره بالحاجة المُفرطة والرغبة بالحصول على الكمال، أو قد يدفعه للسيطرة بشكلٍ مُبالغ به، وانعدام المرونة، أو الانفعال والعناد بشكلٍ يُفقدّه التركيز والقدرّة على التواصل مع الآخرين، والموازنة بشكلٍ صحيح بين العمل الجيّد والمثاليّة المُفرطة، وهو اضطراب نفسي يحتاج إلى علاج، حيث إن ما يُميّزه ويجعله مُشابهاً للوسواس القهري هو وعيّ الشخص وإدراكه لحقيقة أنّ أفكاره غير منطقيّة إلا أنّه لا يتسطيع مقاومتها والتغلّب عليها، بالتالي فهو بحاجة لعلاج الطبيب النفسيّ.
أعراض الشخصيّتين الدقيقة والوسواسيّة
هنالك بعض الاختلافات بين الشخصيّتين الدقيقة والشخصيّة الوسواسيّة، وتظهر من خلال أعراض كل منهما، وهي:
أعراض الشخصيّة الدقيقة
من مظاهر وعلامات الشخصيّة الدقيقة ما يأتي:
- الشعور بالخوف والخشيّة من الفشل عند الرغبة والإقدام على الأعمال المُختلفة.
- تعمد استغراق الكثير من الوقت والمماطلة في إنجاز العمل رغم عدم حاجته للوقت، بدافع الخوف من عدم إتقانه وإنجازه بشكلٍ مثاليّ.
- الاجتهاد في مقاومة الشخص لأفكاره، مما يجعله غير قادرٍ على التعلّم أو حتى أنجاز عمله بشكلٍ جيّد بسبب الضغط الداخليّ الذي يعيشه.
- الشعور بأن أي عمل يفعله المرء يحتاج إلى تعبٍ وعناء ليكون مثاليّاً، رغم أن بعض الأعمال تُنجز بسهولةٍ ولا تحتاج لهذا التعقيد.
أعراض الشخصيّة الوسواسيّة
تظهر بعض أعراض الشخصيّة الوسواسيّة من خلال النقاط الآتية:
- اتباع القواعد والمنهجيّة الصارمة عند العمل في سبيل تحقيق المثاليّة سواء أكانت قواعد أخلاقيّة أو قواعد عمليّة.
- الاهتمام بشكلٍ مبالغٍ به في التفاصيل، والشعور بالحاجة للدقة عند القيام بالعمل، أو تكرار المهمّة في سبيل إنجازها بمثاليّة.
- انحياز الشخص للعمل وإخلاصه له بشكلٍ مُبالغٍ به على حساب حياته الإجتماعيّة.
- عدم قدرة المرء على التعاون مع الآخرين في إنجاز العمل، والرغبة بالعمل الفردي خوفاً من عدم إنجازه بشكلٍ جيّد، أي عدم الاعتماد على غيره، والقلق عند التفاعل مع الزملاء.
- الاحتفاظ بالأشياء عديمة القيمة، وغير المفيدة، أو الإقتصاد بإنفاق المال بشكلٍ غريب.
التعامل مع الشخصيّة الوسواسيّة وعلاجها
يُمكن التعامل مع الشخصيّة الوسواسيّة من خلال زيارة الطبيب النفسيّ ، واتباع إرشاداته، والسير على خطة العلاج، التي قد تتضمن النقاط الآتية:
- تدريبات الاسترخاء: تُساعد تمارين الاسترخاء على الحدّ من الإجهاد والعَجلّة المرافقة للمريض، وتزيد من شعوره بالراحة، وهي أحد أجزاء العلاج النفسيّ، حيث تتم من خلال ممارسة بعض تمارين ورياضات التأمل، مثل: اليوغا، والتي تشاي (بالإنجليزيّة: Tai chi)، وتمارين البيلاتس (بالإنجليزيّة: Pilates).
- العلاج السلوكي المعرفي: يُعزز هذا العلاج الصحة العقليّة للمرء، حيث يُقلل من تركيزه في العمل، ويحدّ من التوتّر والقلق المرافقان له، ويتم على يد أخصائيّ الصحّة العقليّة من خلال تنظيم جدولٍ زمني خاص بالمريض، يُركّز على العلاقات الإجتماعيّة، والعائلة والأنشطة المريحة والممتعة التي تُقلل من الإجهاد لديه.
- العلاج بالأدويّة: يتم العلاج باستخدام بعض الأدويّة التي تحدّ من شعور المريض بالهوس، وهذه الوصفات تتم على يدّ الأخصائي الصحيّ وتحت إشرافه ومراقبته، كما أنّ بعضها لا تُعطى على المدى البعيد، حيث يكون استخدامها مؤقتاً ومدموجاً مع استخدام بعض التقنيّات السابقة في العلاج.
التعامل مع الشخصيّة الدقيقة
يُمكن التعامل مع الشخصيّة الدقيقة بشكلٍ أفضل من خلال اتباع بعض النصائح ، ومنها ما يأتي:
- محاولة المرء تجنّب الدقة والكماليّة من تلقاء نفسه. وذلك من خلال النقاط الآتية:
- وضع أهداف منطقيّة وواقعية يُمكن للشخص تحقيقها بناءً على قُدراته، ومواجهة الخوف من الفشل، عبر توقع النتائج الإيجابيّة والسلبيّة، وتقبّلها بروحٍ رياضيّة أياً كانت.
- تقسيم الأهداف الكبيرة إلى عدة مراحل، إضافةً للتركيز على القيام بعملٍ واحدٍ في وقت محدد؛ لضمان تحقيق الأهداف بمرونةٍ وسلاسة.
- إدراك المرء حقيقة الخطأ، وأنّ الجميع مُعرّضون لارتكابه، وأنّه فُرصةً لاكتساب خبرة جديدة، والتعلّم منه بشكلٍ جديّ يقوده للنجاح لاحقاً.
- اللجوء للأخصائي النفسيّ عندما يشعر المرء بتفاقم الحالة، وعدم السيطرة على نفسه، أو عند مراودته بعض الأفكار الغريبة، مثل: إيذاء نفسه، أو الآخرين ممن حوله.
- اتباع طريقة العلاج المعرفي السلوكي المذكورة سابقاً للشخصيّة الوسواسيّة، والتي تتم تحت إشراف الطبيب المُختص.
الفرق بين الشخصيّة الوسواسيّة واضطراب الوسواس القهري
يختلف مفهوم وأعراض الوسواس القهري عن اضطراب الشخصيّة الوسواسيّة، حيث إنّه اضطرابٌ عقلي يضُمّ أفكار ومعتقدات تُشعر الشخص بالقلق والخوف بشكلٍ مُفرط، وقد يدفع صاحبه للقيام بتصرفات غير مرغوبة تحت تأثير شعوره بالإكراه والهوَس، وهي تُعرف بالدوافع؛ حيث تُرغمه على تكرار سلوك معيّن عدّة مرات بشكلٍ مُقلق ومُبالغ به، ويمتاز هذا الاضطراب بتحليّ المصاب بالوعي والإدراك الكامل لحقيقة الأمور من حوله، لكنه يعجز عن السيطرة على مشاعر الهوس الداخليّة التي تجعله يرغب بالاستمرار في تكرار العمل، كمثال قيام الشخص بفرز النفايات المنزليّة والتحقق منها بدافع الخوف من فقدان شيء ثمين بها، رغم إدراكه التام بأنّه لا يمتلك شيئاً ثميناً يستحق عناء البحث بشكلٍ مُستمر عدة مرات خوفاً من فقدانه، إلا أنّ لديه شعوراً داخليّاً بالقلق والهوس يعجز عن السيطرة عليه، ويُرغمه على تكرار البحث.