السبع الموبقات
السبع الموبقات في الإسلام
وردت السبع الموبقات في الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ وأَكْلُ الرِّبا، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصِناتِ الغافِلاتِ المُؤْمِناتِ).
وفي هذا الحديث أمر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالابتعاد والاجتناب عن هذه المهلكات السبع، فإن هذه المهلكات تحبس العبد على الصراط وتودي به إلى نار جهنم، فمعنى الموبقات أي الذنوب المهلكات للعبد، فلا بدّ أن يبتعد المسلم عنها، وسنوضح المقصود بكل واحدة منها من خلال العناوين التالي ذكرها:
الشرك بالله
ذكر العلماءُ في بيان معنى الشرك أنه اعتقاد العبد بوجود صفة من صفات كمال الله في غيره، كأن يظن أحد بأن هناك من يعلم الغيب غير الله -تعالى-، أو يعتقد الشخص أن الخير والشر بيد أحد غير الله، وأن يعبد غير الله بأن يسجد لشجر أو أنس أو جن، أو يعتقد امتلاك أحد القدرة المطلقة على التصرف غير الله، وإشراك غير الله في العبودية والأولوهية من أكبر الكبائر.
والشرك شر كبير وخطر عظيم على العبد، فإن التوحيد مقياس الفلاح يوم القيامة، يقول -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا).
السحر
عرف ابن القيم السحر بأنه: "عزائم ورقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجته، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه"، والسحر منه ما يكون حقيقة ويكون باستجلاب العون من الشياطين بتقديم القربات لهم، ومنه ما يكون ضربًا من التخيلات لا حقيقة لها، وفي السحر شرّ عظيم على الساحر لكفره بتقربه للشياطين بأعمال الشعوذة والشرك، وشر عظيم بما يتسبب به من أذى للآخرين.
قتل النفس التي حرّم الله
القتل من عادات الجاهلية التي قضى عليها الإسلام وأبطلها، بل وجعل قتل النفس بغير حق من المهلكات في الدنيا والآخرة، فإن أول ما يقضى به يوم القيامة بين الناس الدماء، فيقتص للمقتول من قاتله، وهذا دليل على تغليظ أمر الدماء، وبيان عظم خطر القتل على المجتمع، فليس في حقوق الآدميين شيء أخطر من الدماء.
أكل الربا
إن أكل الربا لهُ مخاطر كبيرة على المجتمع، لذا فقد جاءت عدة أحاديث تبين عقوبة الربا، والتي أيضًا تلعن أكل الربا وتلعن آكله وموكله، وكل من يسعى أو تكون له يد فيه، فإن أكل الربا سبب لخسارة العبد للدنيا والآخرة، فإن فيه إعانة على الباطل وفسادًا للمجتمع.
يقول -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، ويقول -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
أكل مال اليتيم
إن من أخطر الأمور في المجتمع أن يسلب حق الضعيف، ويؤكل مال اليتيم، لذا جاء الحديث وعدّه من الموبقات التي تهلك صاحبها وتودي به إلى نار جهنم، وقد ذكر بعض العلماء أن أكل مال اليتيم من أسباب سوء الخاتمة -والعياذ بالله-، وأكل مال اليتيم أي الأخذ منه بغير وجه حق، وحدود كل هذا مفصل عند العلماء في كتبهم.
التولي يوم الزحف
والمقصود بالتولي يوم الزحف الفرار من العدو في المعركة، والهرب من وجه الجيش المهاجم، فإن ذلك من الجبن، كما أن فيه تفكيكًا لقوة المسلمين وإضعافًا لشوكتهم، وفيه ضياع لبلاد المسلمين، وإضعاف للدين وقضاء عليه، وهو مما يعرض البلاد للاستيلاء عليها، وسبي النساء وقتل الأولاد، ولا بد أن يكون المسلم شجاعًا يفدي دينه بروحه دون خوف أو جبن.
قذف المحصنات المؤمنات الغافلات
إن من أهم أسباب حفظ المجتمع ردع الناس عن نشر الشائعات فيه، لذا فقد كان من المهلكات التي تهلك صاحبها يوم القيامة قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، وقذف المحصنات يعني اتهام المؤمنات بالزنا ظلمًا وجورًا، والمحصنات هنّ العفيفات عن الفواحش، فهن سليمات بريئات مما يوصفن به، وفي هذا الفعل خطر كبير يدركه العاقل.