الزخرفة الإسلامية في العصر العباسي الثاني
مفهوم الزخرفة الإسلامية
تُعدّ الزخارف الإسلامية نوعًا من أنواع الفنون الإسلامية الناتجة عن ازدهار الدولة الإسلامية، امتازت بالعديد من الخصائص الجمالية التي أضافت للقطع الفنية جمالًا وطابعًا خاصًا بها، وقد بدأت نشأة هذا النوع من الزخارف في عهد الخلفاء الراشدين الأوائل، وعمل المسلمون على تطوير هذا النوع من الفنون، حيث اهتموا بتزيين المساجد لتأخذ شكلًا مميّزًا عن غيرها من العمران، ومن أوائل الخلفاء المهتمين بالزخرفة الإسلامية الخليفة عبد الملك بن مروان، وظهر ذلك بوضوح في تزيين قبّة الصخرة المشرّفة في القدس الشريف.
أشكال الزخرفة الإسلامية في العصر العباسي الثاني
بدأ العصر العباسيّ الثاني في الظهور منذ توّلى الخلافة المتوّكل على الله العباسيّ عام 232هـ، إلى أن انتهى عام 334هـ وذلك عند حكم الأتراك، وامتازت الزخرفة الإسلامية بصفات تجمعها كالبعد عن التعقيد والبساطة في الأشكال الزخرفية، وعلى الرغم من ذلك نرى بعض النماذج التي من خلالها يمكن معرفة الفترة الزمنية المنتمية إليها، ومن الفنون المستخدمة في الزخارف الإسلامية في العصر العباسيّ الثاني ما يلي:
الأرابيسك
قام الغرب بإطلاق مصطلح الأرابيسك على الزخارف الإسلامية بجميع أشكالها الهندسية والورقية، ولقد اهتمت الدولة العباسية بهذا الفن الذي كان بارزًا في هويتها العمرانية وجميع آثارها، وتكون فن الأرابيسك في العصر العباسي من نموذجين، وهما:
- التوريق أو التشجير: هذا النوع من الزخارف يتميز بأشكاله النباتية الظاهرة في الخطوط الملتوية والدائرية، بالإضافة لاستخدام أشكال الطيور والحيوانات وأيضًا استخدام خطّ النسخ.
- التسطير: ظهرت في هذا النوع من الزخارف الأشكال الهندسية، والخطوط المستقيمة، والزوايا، كما برز استخدام النجوم، والمُضلّعات، بالإضافة إلى استعمال الخطّ الكوفيّ.
الخزف
يُعدّ الخزف من المواد الأساسية للزخرفة في العصر العباسيّ، إذ استطاع فنانو الدولة العباسية بواسطتها تشكيل العديد من الزخارف البديعة، لقد امتاز هذا العصر بتنوّع الأساليب الفنيّة المستخدمة في نماذجه، كما نرى أنّه قد تأثر بالفن الساسانيّ، وتميّزت الأواني الخزفية بألوانها البراقة المعدنية والتي كانت بديلًا عن الأواني الذهبية والفضية التي نهى الإسلام عن استخدامها، بسبب ارتباطها بالترف، والبذخ، والإسراف.
أثر الزخرفة الإسلامية في العصر العباسيّ الثاني
اتخذّ الفن الإسلاميّ شكلًا جديدًا في العصر العباسيّ الثاني إذ انتقلت سيادة الإسلام فيه إلى العراق، حيث نرى أنّ الطراز العباسيّ هو أوّل المراحل الواضحة في الفن الإسلاميّ، كما نرى تميّزالزخارف الإسلامية في هذا العصر بتصاميمها البسيطة وكثرة استخدام الأشكال الهندسية السداسية والمربعة، وتُعد المدرسة المستنصرية في سامراء من أهمّ المباني العباسية الشهيرة بهذا النوع من الزخارف، وقد برع فيها الفنانون المسلمون بتغطية أسطحها الجامدة بواجهة بديعة شُكلّت الدائرة فيها إلى أنماط مختلفة حوّلتها إلى أسطح مليئة بالحياة، كما نلاحظ ظهور ملامح الفن الساسانيّ، كما أشارت الحفريات الموجودة في عاصمة الخلافة سامراء خلال الفترة ما بين عام 222هـ إلى عام 276هـ.
أنواع الزخرفة الإسلامية
تعدّدت أشكال الزخارف الإسلامية وتنوّعت على مرّ العصور، وفيما يلي أهمّ أشكالها:
- الزخارف الكتابية: أتقن الفنّانون وتفننوا في استخدام الخط الكوفيّ في كلٍ من الأشكال المرّبعة والمستطيلات تدوين الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة.
- الزخارف الهندسيّة: مثل المضلّعات والأشكال الهندسيّة، التي استخدمها الفنانون في تزيين صفحات القرآن الكريم، وزخرفة القطع الخزفية والخشبيّة.
- الزخارف النباتيّة: ظهرت نتيجة تأثّر المسلمين بالطبيعة من حولهم، وكان استخدامهم للورقة بشكل هندسيّ بعيد عن شكلها الحقيقيّ ممّا يدلّ على سيطرة الفن التجريديّ في زخارفهم.
سمات الزخرفة الإسلاميّة
- امتازت الزخارف الإسلاميّة في العصر العباسي الثاني بعدد من الخصائص التي جعلتها نموذجًا للإبداع، ومنها ما يلي:
- تصوير حضارة الدين الإسلاميّ وتتبّع نهضته.
- الابتعاد عن استخدام الصور المجسدّة للطبيعة والإنسان.
- عدم محاكاة أنواع الفنون الأخرى والالتزام بطابعٍ خاصٍ بها.
- السعي إلى التطوّر المستمر وتقديم النماذج الحديثة واللوحات الساحرة الجمال باستعمال الخطوط الزخرفيّة المتنوّعة.
- الابتعاد عن التبذير باستخدام مواد بسيطة وليست مُكلفة.
- استخدام مًضلّعات النجوم والزخارف غير البارزة، وعدم الإكثار من استخدام الحُليّ البارزة.
- القضاء على المساحات الواسعة في النموذج باستخدام التكرار لتعبئة الفراغات.