الرسائل في النثر الأندلسي
الرسائل في النثر الأندلسي
احتلّ الأدب الأندلسي (92 هجري وحتى 897 هجري) مكانة متميزة في نفوس الدارسين والباحثين، لأنه انفرد بخصائص جعلته متفرداً مستقلاً عما سواه من فنون الأدب في المشرق العربي ، ولا يقل النثر في الأندلس أهمية عن الشعر الأندلسي، فله جماله وسحره الخاص اللذان جعلاه قريباً من النفوس وسهل الفهم والتناول، وفن الرسائل في الأندلس من الفنون النثرية الراقية التي شغلت مساحة واسعة في النثر الأندلسي وقامت على بنية ثقافية رفيعة.
حظيت الرسائل بكتّاب معظمهم من الشعراء الفرسان الذين استطاعوا بموهبتهم الشعرية وذوقهم الأدبي الارتقاء بأساليب التعبير، ومعالجة شتى الموضوعات في رسائلهم، فظهرت الرسائل المتنوعة ومنها الرسائل الديوانية ، والرسائل الإخوانية، وتزخر المكتبات العربية بالكثير من الرسائل الأندلسية التي تنوعت أغراضها بين تعزية وتهنئة وعتاب ووصف ونقد ، وغيره من الأغراض التي تناولتها الرسائل في العصر الأندلسي.
أنواع الرسائل الأندلسية
تقسم الرسائل في العصر الأندلسي إلى ما يأتي:
الرسائل الديوانية
الرسائل الديوانية هي الرسائل الصادرة من ديوان الخليفة، لتوجّه إلى الولاة، والعمال، وقادة الجيش، ومنها ما يرسل إلى الأعداء لتحذيرهم وترهيبهم ، من ذلك ما رد به المعتمد بن عباد رداً حازماً قوياً على رسالة ل (أذفونش) يقول فيها: "من الملك المنصور بفضل الله المعتمد على الله محمد بن المعتضد بالله، إلى الطاغية الباغية (أذفونش) الذي لقب نفسه ملك الملوك وتسمى بذي الملتين، سلام على من اتبع الهدى فأول ما نبدأ به من دعواه أنه ذو الملتين والمسلمون أحق بهذا الاسم" إلى أن قال : " فالحمد لله الذي جعل عقوبتنا توبيخك وتقريعك بما أطارت من دونه، وبالله نستعين عليك ولا تستبطي مسيرتنا إليك"
الرسائل الإخوانية
هي الرسائل التي تدور بين الإخوان والأصدقاء، وتتعدد أغراض الرسائل الإخوانية، حيث منها:
- رسائل التهاني .
- رسائل التعازي .
- رسائل التهادي .
- رسائل الشفاعات .
- رسائل الاستزارة .
- رسائل التشوق .
- رسائل خطبة النساء .
- رسائل الاستعطاف .
- رسائل الشكوى .
- رسائل الشكر .
- رسائل العتاب .
وغيرها من أغراض الرسائل التي تقتضيها طبيعة الحياة الأندلسية، ومن أمثلة الرسائل الإخوانية رسالة لسان الدين بن الخطيب إلى صديقه ابن خلدون ، وفيها قال: " أما الشوق فحدّث عن البحر ولا حرج، وأما الصبر فسل به أية درج، بعد أن تجاوز اللوى والمنعرج، لكن الشدة تعشق الفرج والمؤمن ينشق من روح الله الأرج، " إلى أن يقول: "وكادت لوعة الاشتياق تفضي إلى السياق."
الخصائص العامة للرسائل في النثر الأندلسي
على الرغم من تفرّد كل رسالة أندلسية بسمة تميزها عن غيرها، إلا أن الرسائل الأندلسية اشتركت بصفات عامة منها:
- إجادة الوصف وإبداع التصوير.
- حسن الابتداء بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
- تنوع المحسنات البديعية كالطباق، والجناس، و السجع .
- إظهار البراعة الأسلوبية .
- معالجة القضايا النفسية والاجتماعية والعقلية .
- الميل إلى الإيجاز، والعناية بقوة العبارات .
- حسن الختام كالختام بآية قرآنية أو السلام، ونحوه من الخواتيم الحسنة .
أشهر كتّاب الرسائل في العصر الأندلسي
اشتهر الكثير من كتّاب الرسائل في العصر الأندلسي يُذكر منهم:
- المعتمد بن عباد
هو المعتمد محمد بن المعتضد أمير إشبيلية من سلالة النعمان بن المنذر ولد عام 431 للهجرة عاش حياة مترفة وأحضر له أبوه المعلمين والفقهاء وعلماء اللغة العربية ، وظهرت عليه مبكرا علامات الذكاء والفطنة وتفتحت ملكته الشعرية ، تولى الحكم 461 للهجرة ، توفي 488 هجرية .
- يوسف ابن تاشفين : هو أحد الأمراء المسلمين البرزين في تاريخ الغرب الإسلامي .
- تميم بن المعز بن باديس: كان جواداً حليماً تولى شؤون المهدية في الثالثة والعشرين من عمره .
- ابن زيدون: هو الذي كتب الرسائل الجدية والهزلية، أما الهزلية فكانت على لسان ولادة بنت المستكفي إلى ابن عبدوس يسخر منه، وأما رسائله الجدية فكانت موجهة لابن جهور يستعطفه فيها لإخراجه من السجن .
كتّاب آخرون
اشتهر من كتاب الرسائل النثرية في العصر الأندلسي من يأتي أيضاً:
- البزلياني الذي استكتبه أمير غرناطة .
- ابن حزم.
- ابن زيدون.
- ابن شهيد.