الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله هي التعريف به وبرسالته، وهي رسالة الأنبياء جميعاً ووظيفتهم المقدسة، ورسالة الدعاة من بعدهم وهي واجبة واستحق حاملها مدح الله الثناء عليه حيث قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) {فصلت:33} وللدعوة إلى الله شروط وآداب لابدَّ من تحققها وفيما يأتي شيء من التفصيل في ذلك.
شروط لازمة في الدعوة إلى الله
- العلم بما يدعو إليه، فلا تصحّ الدعوة من إنسان مع جهله بما يدعو إليه تؤتي أكلها أصلاً.
- العلم بالمدعو وثقافته، واختيار العبارات والوسائل التي تناسبه.
- امتلاك وسائل الدعوة المناسبة، ومداخل ومفاتيح القلوب، كالموعظة الحسنة، والرسالة الهادفة، والعبارة الحكيمة، واللفتة الذكيّة.
- امتلاك الداعية مهارات الإقناع والتأثير، وتسلّحه بالدليل الصحيح، عقلياً كان أو نقلياً، وبحسب ما يناسب حال المدعوّ فهناك من لا ينفع معه الدليل النقليّ، كمن لا يؤمن بمن نقل عنه الدليل أصلاً.
- القدوة الحسنة، وذلك بأن يكون الداعية أسوة حسنة للنَّاس فيما يدعوهم إليه من صفات وسجايا، وذلك بالتزامه الأخلاق الحسنة والصفات الجيّدة والنبيلة، فالدعوة بلسان المقال أبلغ من اقتصارها على المقال، ومتى انفصلت حال الداعية عن صفاته ووقع التناقض بينهما فقدت الدعوة تأثيرها وجوهرها، بل أصبحت دعاية سيّئة للفكرة وحاملها.
- توفُّر الثقافة المناسبة، وهي ثقافة لازمة ومعينة للداعية في دعوته، كمعرفة أحوال النّاس، وعاداتهم، وإحاطته بالسياسة ومظاهرها، ومعرفته ببعض القضايا المعاصرة، وإحاطته بالفقه بما تقوم به العبادة بشكل خاصّ، وبما يندرج في المعاملات بشكل عام، وكذلك امتلاكه أدوات التواصل الحديثة، كالفيس بوك، والتويتر، والماسنجر، وقدرته على توظيفها بما يخدم الدعوة، ويرغب فيها.
- توفُّر الحكمة المناسبة أثناء عرض الدعوة، فامتلاك العلم وحده لا يكفي إن لم يقترن ذلك بالحكمة، والحكمة تشمل أسلوب الخطاب وطرق التأثير على النَّاس، وقد حث عليها الله عندما قال: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) {النحل:125}
- من الصفات التي يجب أن تكون مقترنة بالحكمة ومرافقة لها، صفة اللين والتي تفيد معنى الرفق والسهولة وعدم التشدّد في الكلام، فقد أكّد الله على ذلك حتى مع غير المسلمين، فها هو يوجِّه موسى إلى استخدام أسلوب اللين في الخطاب مع فرعون، فخاطب سبحانه موسى وأخيه هارون قائلاً: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) {طه: 43 ـ 44} فهناك مواقف إذاً تقتضي اقتران الحكمة باللين.
إنّ الدعوة إلى الله ليس من وظيفة المختّصين بعلومها فقط، واجب على كلّ مسلم أن يكون داعية إلى الله ومن منطلق عمله الذي يمارسه، فالطبيب، والمهندس والتاجر، والسائق والمدرس، وعامل النظافة، كلّ هؤلاء عليهم واجب الدعوة، وكلّ واحد منهم يمتلك القدرة على الدعوة إلى الله ومن موقع عمله، وذلك باستشعاره فكرة الدعوة كقيمة وواجب دينيّ، ثمَّ التزامه العمليّ بالإسلام في مجال عمله، وذلك بإتقانه العمل وإيجاد منافذ للدعوة من خلاله.