الخط الكوفي الفاطمي
الخط الكوفي الفاطمي
الخط الكوفي الفاطمي هو مسمّى من مسمّيات الخط الكوفي العربي، ظهر في عهد الدولة الفاطمية، أي بعد القرن العاشر ميلادي، وهو امتدادٌ للخط الكوفي العربي الذي يعدّ نوعاً من أنواع الخطوط العربية القديمة، والذي ازدهر في القرن السابع ميلادي في مدينة الكوفة بالعراق ومنها اكتسب اسمه، لذا، يمكن القول بأن الخط الكوفي هو الأصل، وأن الخط الكوفي الفاطمي منبثق عنه.
الفرق بين الخط الكوفي والخط الكوفي الفاطمي
حسب المصادر التاريخية، ليس هنالك فرقٌ ضخم يُذكر بينهما سوى الفروقات البسيطة الآتية:
فروقات في الشكل
يمكن ملاحظة فروق بسيطة بين الخط الكوفي الفاطمي والخط الكوفي العربي الأصلي، وذلك باحتواء الفاطمي عدد أكبر من المنحنيات، والحلقات من عددها في الخط الأصلي، أما بالنسبة للزخارف والرسومات حول الحروف وعليها، فقد دخلت إلى الخط الكوفي الفاطمي والخط الكوفي عامةً في وقت متأخر.
النشأة
ظهر مصطلح الخط الكوفي قبل مصطلح الخط الكوفي الفاطمي بما يقارب الثلاث مائة سنة تقريبًا، حيث ظهر الخط الكوفي في القرون الأولى للإسلام، ويعادلها القرن السابع ميلادي، والثامن، حتى العاشر تقريبًا.
أما بالنسبة لمصطلح الخط الكوفي الفاطمي، فقد ظهر أول مرة في عهد الخلافة الفاطمية ؛ فقد قاموا بتعديلات بسيطة بالخط كما ذكرنا سابقًا، وامتدّت الدولة الفاطمية على كامل أقصى شمال أفريقيا، إلى جانب دول الشام، وأجزاء بسيطة من شبه الجزيرة العربية، وهذا يفسّر رؤيته منتشرًا على المباني الأثرية الإسلامية في هذه المواقع، وخاصةً مصر، التي كانت عاصمتها.
مكانة الخط الكوفي الفاطمي في الإسلام
كانت تُكتب اللغة العربية قبل ظهور الخط الكوفي دون أي علامات متحركة أو نقاط، فقد كانت عبارة عن خطوط متّصلة فقط تتشكّل فيها الحروف بشكل مفهوم للعرب، ولكن، مع قدوم الإسلام تغير الأمر، فقد أصبح الإسلام دينًا للعرب وغير العرب، وكان من الضروري إيجاد خط مفهوم للجميع لقراءة القرآن والنصوص العربية، فكان الخط الكوفي هو الحل الأنسب:
كتابة القرآن الكريم
يعتبر الخط الكوفي من الخطوط القديمة والتي استُخدمت ل كتابة القرآن الكريم ، فقد استخدمه مختلف الصحابة في كتابة القرآن، وقد أمر الخليفة عثمان بن عفّان رضي الله عنه استخدامه على نطاق واسع لنسخ القرآن، واستخدمه أيضًا الصحابي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وبعد ظهور الخلافة الفاطمية، وظهور مفهوم الخط الكوفي الفاطمي، استمرّ المسلمون في استخدامه لكتابة القرآن.
زخرفة العمران والمباني الإسلامية
هناك دلائل واقعية ملموسة على استخدام الدولة الفاطمية للخط الكوفي الفاطمي قديمًا على العمارة الإسلامية من الحجر والسيراميك والأعمدة المزخرفة فيها، إذ يمكن رؤية الآيات القرآنية والكتابات الإسلامية بهذا الخط على أقسامها، كما يمكن العثور على كتابات به في العملات التاريخية، مثل عملات السلاجقة والعثمانيين.
ميزات الخط الكوفي الفاطمي
فيما يلي أبرز ميزات الخط الكوفي:
- الأهمية: يعتبر الخط الكوفي عامةً، والخط الكوفي الفاطمي خاصةً، من أجمل الخطوط العربية وأكثرها شهرة، حتى قال الباحث القلقشندي: "تطوّرت من الخط الكوفي العربي جميع الخطوط الحالية"
- الانتشار: ينتشر الخط الكوفي الفاطمي من المغرب العربي حتى بلاد الشام ومكة والمدينة المنورة، فقد كان الخط العربيّ الأشهر، وتم استخدامه بشكل أساسي في منطقة شمال أفريقيا، وبشكل مخصص في مصر؛ نظرًا لكونها موقع وعاصمة الخلافة الفاطمية.
- الجمالية: استُخدِم الخط الكوفي الفاطمي في زخرفة الأبنية والمساجد والقصور والمنشآت العامة؛ وذلك لأنّه يُعتبر خطًا شديد الأناقة، ويحتوي على نمط زخرفي بديع.
- الحس الفنّي: يتميز الخط الكوفي الفاطمي بالزخرفة الفريدة من نوعها بين الحروف؛ كإدراج الزخارف النباتية من الحروف بشكل يُظهر أن الزخرفة قد نبتت من الحرف، كما اتبع نمط زخرفة الأرضية بزخارف نباتية متشابكة وجميلة يكتب فوقها بالخط الكوفي، كما يتميز بأنه يكتب بحروف عريضة سمكية وشديدة الاستقامة مع استثناء حرفي الراء والواو من هذه القاعدة.
أشكال الخط الكوفي الفاطمي
فيما يلي أشكال الخط الكوفي الفاطمي:
- الخط الكوفي البسيط: وهو من أنواع الخط الكوفي، والخط الكوفي الفاطمي تحديدًا، وهو مجرّد من الزخارف، وتتميز كلماته بانتهائها بقوائم حروف على هيئة المثلث، ويمكن رؤية نقوش كثيرة بهذا الخط على المساجد القديمة في مصر.
- الخط الكوفي المورق المشجر: لقد برز هذا النوع من الخط في مصر، وتحديدًا في العهد الفاطمي، ويتميز هذا النمط من الخط الكوفي باشتماله على زخارف تنبعث من الحروف القائمة والمستقيمة للكلمات؛ حيث تبرز منها وريقات نباتية وكأنها قد نبتت من الحروف المستقيمة، ويتميز هذا النوع من الخط بشدة جماله.
- الخط الكوفي المعقود: ويتميز هذا النمط من الخط الكوفي بنمط من الزخرفة يربط الحروف وعمدانها ببعضها البعض فتصبح متداخلة، وكأنّها عُقدة، ومع المستوى العالي من الجمال والفن في هذا الخط، إلا أنه يبدو معقدًا لا تسهل قراءته.
- الخط الكوفي الهندسي أو المربّع: وفي هذا الخط تُرسم الحروف بالاعتماد على الأشكال الهندسية، ويتميز بالاستقامة، وكأنه مربع بزاويا أربعة، وتكون زوايا الكلمات قائمة ذات خط سميك يملأ الفراغ المحيط بالكلمة.
آلية كتابة الخط الكوفي
يكتب الخط الكوفي بأدوات خاصة تتمثل بالقصبة (قلم الخط)، ولها عدة أنواع تتناسب مع كل خط، ومن أنواع هذه القصبة وأسمائها: المزهر، والمورق، والمعشق، والموشح، والمنحصر، والمنعقد، وقد تطورت هذه القصبة، وأضيف لها بعض التحسينات في الصناعة، فأصبحت قصبة لينة أو يابسة.