الخصائص الفنية لقصة حي بن يقظان
الخصائص الفنية لقصة حي بن يقظان لابن طفيل
تعددت الدراسات حول قصة حي بن يقظان؛ والتي اشتهرت بين أوساط القارئين، وهي تكشف عن حياة طفل عاش بمعزل عن الحياة الطبيعية، ليجد نفسه في إحدى جزر الهند ، وما كان له إلا أن أخذته ظبية وأرضعته حتى بدأ رحلة كبيرة ومليئة بالاكتشاف في محاولة البحث عن الذات ، وعما يدور حوله، وقد تعددت الخصائص الفنية لهذا العمل الأدبي، منها:
استخدام ضمير الغائب
شارك الراوي في سرد الأحداث بشكل غيريّ، دون اللجوء إلى ت قمُّص ضمير المتكلم؛ فقد قدم سير الأحداث بطريقة إخبارية تعتمد على التسلسل المنطقي، وذكر الشخوص في النص الأدبي، فحينما ذكر مرحلة استغناء الأم عن ابنها ووصوله إلى إحدى جزر الهند وحيدا، قال: "فلما اشتد الجوع بذلك الطفل بكى واستغاث"، إذ يمثل الراوي دورًا خارجيًا في الرواية ، دون أن يشارك في الأحداث بشكل مباشر، فقد تعدد هذا الأسلوب من بداية الرواية وحتى خاتمتها.
الإسهاب
الذي يقصد به الإطالة والتفصيل في الكلام، فقد ركز الكاتب على ذكر أدق التفاصيل والتطرق إلى الأحداث بحذافيرها، وقد لا نبالغ إذا قلنا بأن هذه السمة كانت بارزة جدًا؛ بل وقد سلط الضوء على المواقف التي جمعت الشخصيات بطريقة واضحة تجذب انتباه القارئ، ومنه قول الكاتب عن عالم الحيوان: "وكذلك آلات الصيد تنقسم إلى ما يصلح لحيوان البحر وإلى ما يصلح لحيوان البر"،فقد أطنب في الوقوف عند المشاهد وتقديم صور سمعية وبصرية لها، إلا أن ذلك لم يقلل من قيمة العمل، بل على العكس تمامًا؛ فزاده وضوحًا وعمقًا وكأن القارئ يعيش أحداث القصة مع الشخوص.
سهولة الألفاظ ووضوحها
لقد امتاز أسلوب ابن طفيل في كتابة القصة بطريقة سلسة واضحة لا يشوبها الغموض؛ حيث ركز على استخدام المفردات التي تحمل طابعًا تقريريًا مباشرًا بعيدًا عن الحوشي والغريب؛ مثال ذلك فحينما صور موقف حي بن يقظان للظبية التي أرضعته، فقال:" فكان يناديها بالصوت الذي كانت عادته أن تجيبه عند سماعه ويصيح بأشد ما يقدر عليه"، وعليه فإن هذا الأسلوب استطاع أن يكسب شعبية القراء لمناسبته العامة منهم والخاصة.
توظيف الخيال
عمد الكاتب الخروج عن المألوف والواقع ليقدم ثورة فنية جميلة في النص الإبداعي من خلال تقديم مادة أدبية دسمة، فقد قال الراوي: "وكان قد شاهد قبل ذلك في الأشباح الميتة من الوحوش وسواها"، فقد ذكر بأن حي بن يقظان شخصية تقابل شخوصًا معاكسة فهي وحشية ولا تتمتع بالصفات البشرية، الأمر الذي أعطى لونًا شائقًا للقصة.
تنوع المشاعر
لقد تنوعت ثيمات المشاعر والعاطفة التي حصلت داخل الرواية على اختلاف توجهاتها، منها:
- عاطفة الحب
لقد طغت على الرواية مجموعة من الانفعالات وأساليب التعبير عن مشاعر الإنسان ، إثر موقف أو شخص معين، وبروز هذا السمة في محتوى الكاتب قدم أوتادًا متماسكة ترتكز عليها القصة، والتي تمثلت بحب الظبية للطفل؛ حيث قامت برعايته وكأنه ابنها، فقد ورد: "إن الظبية التي تكفلت به وافقت خصبا ومرعى أثيثا، فكثر لحمها ودر لبنها"، وقد عكس ذلك على الطفل؛ حيث تعلق بها وأبدى شغفه لها بمشاعر الابن لأمه.
- عاطفة القلق
أما من جانب آخر فقد ظهرت عاطفة القلق والاضطراب لدى حي بن يقظان الذي بات يستكشف طبيعة النباتات والحيوانات والنار والأجرام السماوية، فقال: "وما زال يتصفح حركة القمر فيراها آخذة من المغرب إلى المشرق، وحركات الكواكب السيارة كذلك، حتى تبين له قدر كبير من علم الهيئة".