الحفاظ على التراث وتطويره
تعريف التراث
يعرف التراث الشعبي لشعب من الشعوب على أنه كل ما ورثه هذا الشعب من عادات، وتقاليد، وفنون، ومقتنيات مادية، وغير ذلك عن أسلافه؛ حيث يعتبر التراث الشعبي علامةً مميزة وفارقة لكل شعب، بحيث يتميّز به عن باقي الشعوب الأخرى، وتتشكّل به هويته الخاصة. أمّا التراث الإنساني فهو أوسع من التراث الشعبي؛ إذ يتكوّن من كلّ ما توارثته الشعوب الإنسانية عن أسلافها جيلاً بعد جيل، وحضارة بعد حضارة، إلى أن صار التراث اليوم غنيّاً جداً بمكوّناته وعناصره.
العلاقة بين الإرث التاريخي والحضارة
التراث هو الحاضنة التاريخيّة للشعوب على اختلافها، وهو ما يمنحها هويتها المميزة، كما أنّه مصدر الشعور بالانتماء والأمان بالنسبة للمجتمعات الحديثة، كما أنّ التراث قد يكون الدليل الذي يمكن للإنسان من خلاله تفسير الحاضر وحلّ مشكلاته والتنبؤ بالمستقبل وهو الأمر الذي يعد أساس قيام الحضارات على تنوّعها؛ ومن هنا فإنّ الحفاظ على التراث يُعتبر من أولى الأولويات على الإطلاق، غير أنّ العولمة ونمط الحياة المتسارع صعَّب المهمة بشكل كبير على المهتمين بحفظ تراثهم وتوريثه للأجيال اللاحقة.
طرق المحافظة على التراث
واجب الدولة في حفظ التراث
إنّ مسؤولية الحفاظ على التراث تقع أيضاً على عاتق الدولة كما تقع على عاتق الأفراد أنفسهم؛ فسعي الدولة إلى التطوّر لا يجب أن يمنعها من الحفاظ على تراثها، وأصالتها، وعاداتها، وتقاليدها، وهناك العديد من التجارب الناجحة التي تؤكّد على إمكانية القيام بذلك والجمع ما بين الأصالة والمعاصرة،مما يعني ضرورة اتخاذ الدولة لبعض التدابير التي تضمن الحفاظ على التراث وتطويره، حيث أصبح ذلك بات حاجة ملحّة في عصرنا الحالي، فيما يمكن أن تتمثل هذه التدابير بتطوير البحوث والدراسات العلمية والتقنية التي تجعل من الدولة قادرة على مواجهة الأخطار التي قد تهدد تراثها، بالإضافة إلى اتخاذ التدابير القانونية والمالية والإدراية بغية تحديد هذا التراث وصيانته ومتابعته مع تشجيع البحث العلمي في هذا المجال، كما يجب عليها أيضاً تخصيص المؤسسات وتزويدها بالكوادر اللازمة لأسباب عرض التراث وحفظه وحمايته.
واجب الأفراد في حفظ التراث
من أهمّ طرق حفاظ الأفراد على التراث تعريف النشء الجديد به في المدارس ومنذ الصغر؛ حيث يكون ذلك من خلال الطرق المناسبة التي تتناسب مع كافة المراحل العمرية، إلى جانب ذلك فإنّ مسؤولية الحفاظ على التراث تقع أيضاً على عاتق الأهل في البيت، فتنصل الأهل من هذه المسؤولية مع ميل البعض منهم إلى حشو أدمغة الأطفال بمبادئ الثقافات الدخيلة واللاإنسانية في بعض الأحيان قد يعمل على استبدال التراث بما يتضمّنه من مكوّنات جميلة وسامية بالأفكار الهدّامة ممّا سيؤدّي في نهاية المطاف إلى ضياع الهويات الخاصّة بالشعوب المختلفة، وتجدر الإشارة إلى أنّ حفظ التراث يستلزم من الأفراد النظر إليه باعتباره مكوناً مهماً وأساسياً من مكونات شخصياتهم، وأنّه نبراس المستقبل في حين تتأثر هذه الرؤية بمستوى تعليم الفرد وإيمانه بضرورة حفظ هذا التراث وإيلائه الجهود اللازمة لتقديره وحفظه.
تطوير التراث
من أهم الوسائل التي تساعد على تطويرالتراث تطوير طرق عرضه وتضمينه في المناهج المختلفة بالشكل الذي يتناسب مع مستويات الطلبة وقدراتهم الإدراكية، فعرض التراث بالطرق الجامدة لن يخدمه أبداً، بل على العكس فإن ذلك سيتسبّب في نفور الناس منه، ممّا يؤدّي إلى إهداره وضياعه لصالح الثقافات الأخرى. بما أنّ المواقع الأثريّة والسياحيّة تُعتبر جزءاً من الإرث الحضاري لشعب مُعيّن من الشعوب، فإنّه ينبغي الاهتمام بها وتأهيلها من الناحية السياحيّة حتى تصير من نقاط الجذب السياحية الهامة في الدولة، كما ويجب نشر التراث خارج البلاد من خلال الجهات المعنية، والمواطنين الشرفاء الذين ينتمون إلى أرضهم ووطنهم، وقد يتطوّر التراث أحياناً عندما تتلاقح الشعوب المختلفة ممّا يؤدي إلى ظهور العديد من المكونات التراثية الهامة والجديدة.