التعلم الذاتي
مفهوم التعلّم الذاتي
يُعرف التعلّم الذاتيّ على أًنّه اكتساب الفرد للمعلومات، والمهارات، والخبرات بصورة ذاتيّّة ومُستقلة عن أي مؤسسة تربويّة وبالاعتماد على نفسه، إذ تعتبر هذه العملية نشاطاً واعياً ينبع من اقتناع ودوافع داخلية لدى الفرد تحثّه على تحسين وتطوير شخصيته، وقدّراته، ومهاراته عن طريق ممارسة المُتعلم لمجموعة من الأنشطة والنشاطات التعليمية بمفرده من مصادر هادفة ومختلفة بعد تشخيصه لغاياته التعليميّة، وصياغة أهدافه، وتحديد الوسائل الملائمة له، بحيث يضع خطة تعليمية تتتناسب مع سرعته بالتعلّم، وميوله وتوجهاته.
تتأثّر عملية التعلّم الذاتي بمجموعة من العوامل؛ مثل عمر الشخص، ومستوى ذكائه، وقدراته الإدراكية ومواهبه، وقدرته على التعلّم بنفسه، والمعوقات الجسدية والاقتصادية للمتعلّم، والبيئة الاجتماعية المناسبة للتعلّم، ومدى الدافع والإرادة للاستمرار بهذه العملية التعلّيمية.
سمات وخصائص التعلّم الذاتي
يتميز التعلّم الذاتي بمجموعة من الخصائص والسمات، وهي كما يأتي:
- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلّمين وتقليلها، وأخذ حاجات المتعلّم ورغباته، وقدراته، واهتماماته بعين الاعتبار.
- مساعدة المتعلّم على التقدّم والتطور بشكل أفضل عن طريق بذل جهد ذاتيّ وفقاً للمعرفة والمهارات المُراد اكتسابها.
- اتخاذ المتعلّم القرار بنفسه وتحمّل مسؤوليته لتحقيق هدفه.
- التخلص من النظام والأساليب التعليمية التقليديّة، وذلك باستخدام أساليب وأنشطة غير اعتياديّة، ومختلفة عن باقي الأنماط التعليمية الأخرى.
- تحديد مستوى الفرد التعليمي وتقييمه بالاعتماد على أنظمة التغذية الراجعة، إذ يساعد ذلك على توضيح هدفه، ومعرفة ما يلزمه من جهد ووقت، ومهارات للوصول للهدف المُراد.
- إعطاء المتعلّم الحرية الكافيّة باختيار الوقت المناسب للتعلّم، والأنشطة والأساليب المُراد اتباعها، وتنسيق التقويم الذاتي لبدء تحقيق هدفه.
- تعزيز ودعم شعار التعلم مدى الحياة، أي أنّ عملية التعلّم مستمرة طوال الوقت.
مبرّرات التعلّم الذاتي
ظهر أسلوب التعلّم الذاتي ليواكب جميع الأحداث والتطورات بكل المقاييس، ومن هنا يستوجب ذكر حاجة الفرد للتعلم الذاتي، وهي كما يأتي:
- مواكبة جميع التغييرات والمُجريات بسبب ما يشهده العالم من انفجار معرفي في كافة المجالات، مما يساهم في بناء مجتمع قائم على العلم والمعرفة.
- الابتعاد عن جميع الأساليب والأنظمة التعليمية التربوية المُعتادة والروتينية.
- توفير المهارات لتلبية حاجات سوق العمل التنافسي.
- تطوير مهارات متعلقة بالعمل والدراسة وغيرها.
- المُساهمة بحل المُشكلات الشخصيّة والمهنيّة التي قد تواجه الفرد بصورة فرديّة.
- حاجة المتعلّم لمعرفة العديد من المهارات والخبرات والمعلومات السليمة.
أهداف التعلّم الذاتي
يختلف الهدف من عملية التعلّم الذاتي باختلاف غاية المتعلّم أو الهدف المُراد تحقيقه، ويُذكر منها ما يأتي:
- اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة لمواصلة عملية التعلّم بشكل ذاتي.
- وقوع عملية التعليم على عاتق الفرد، وذلك بتعليم نفسه بنفسه.
- المساهمة ببناء مجتمع بنّاء وهادف، وجعل عملية التعلّم محوراً أساسيّاً وثابتاً بالمجتمع.
- تحقيق عملية تعلّم مستمرة مدى الحياة.
- الحصول على المهارات، والمعرفة، والمهارة بطريقة سلسة وسهلة على المتعلّم، بالإضافة لتكلفتها المنخفضة، وقدرته على اختيار المساق الملائم له دون التقييد بالزمان والمكان.
أهمية التعلّم الذاتي
يعكس التعلّم الذاتي أهمية بالغة تتلخص بالنقاط الآتية:
- مواكبة الانفتاح المعرفي المستمر الحاصل في العالم.
- تعلّم المهارات واكتساب المعرفة بأقل جهد مبذول، وبتكلفة منخفضة، ودون أي تقيّد بالزمان أو المكان للحصول عليها.
- وجود دور إيجابي للمتعلّم في عملية التعلّم الذاتي، وضمان مشاركته الفعّالة أثناء عملية التعلم.
- تغيير سلوكيات المتعلّم، وزيادة ثقته بنفسه، وتطوير مهارة تحمّل المسؤوليّة لديه.
- توفير تغذية راجعة للفرد مما يسهم بتحسين أداء المتعلّم أول بأول.
- إتاحة الفرصة للمتعلّم لاكتشاف مواهبه والمجالات التي يبدع بها.
مهارات التعلّم الذاتي
تستلزم عملية التعلّم الذاتي مجموعة من المهارات التي تفيد باكتساب المعرفة، ومهارات تتعلق بعملية تقييم الفرد لنفسه، وأخرى تتناسب مع مجتمع المعرفة تتعلق بقدرة المتعلّم على النقد، والتحليل، والاكتشاف، والتفسير، والإقبال على التعلّم لمدى الحياة وغيرها الكثير، بالإضافة لمهارات معرفية متعلقة بالتوظيف المعرفي المُكتسب، ومهارات دراسيّة تقتضي بالكتابة والقراءة، ومهارات حياتيّة، ومهارات فنيّة تتبلور باستخدام الطرق والأدوات التي تسهل وصوله لهدفه وفقاً لخبراته، وهناك مجموعة من المهارات المهمة، وهي كما يأتي:
- الاستعداد والقابلية لعملية التعلم، ويكمن ذلك بوجود دافع لدى الشخص للتعلّم.
- استغلال جميع الظروف المتوفرة في بيئة المتعلّم على أكمل وجه لمساهمة بتحقيق غايّاته.
- تقبّل الرأي االآخر.
- التوصل والتفاوض وإدارة الوقت.
- مواجهة الضغوط.
مصادر التعلّم الذاتيّ
تتعدد مصادر التعلّم الذاتي التي تُمكّن الفرد أو المتعلّم من تطوير نفسه أو شخصيته، والوصول للمعرفة والمهارات، إذ تساهم بتوفير نطاق واسع من المعرفة والمعلومات اللازمة لتحقيق أهدافه، وهي كما يأتي:
- الكتب والمكتبات والمنشورات.
- وسائل الإعلام المُختلفة.
- البرامج التعليمية المُتعددة.
- المؤتمرات والمحاضرات، والأنشطة الثقافيّة.
- مواد تعليميّة مُبرمجة، ومطبوعة، وصوتيّة أو مرئيّة.
- المواقع التعليمية عبر الإنترنت، والبرامج التعليمية عبر الكمبيوتر.
طرق التعلّم الذاتي
يمكن اتباع مجموعة من الطرق التعليمية لتحقيق التعلّم الذاتي، ومن أهمها الآتي:
- التعلّم المبرمج: وذلك من خلال وضع برنامج متسلسل ومنظّم ومجزّء للمتعلّم بحيث يراعي قدّراته ليتمكن من إنجازه، وما يميّز هذه الطريقة مراعاتها للفروق الفرديّة واختلاف سرعة المتعلمين.
- التعلّم الإلكتروني والتكنولوجي: إذ يتم استخدام شبكة الإنترنت للحصول على المعرفة الواسعة بشتى أنواعها سواءً مكتوبة، أو سمعيّة، أو بصريّة، أو أفلام الفيديو وغيرها، بحيث تمكنّه من أخذ المعرفة والمعلومة من عدة مصادر موثوقة.
- التعلّم بالاستقصاء والاكتشاف: إذ ينبغي على الطالب التساؤل، والبحث، والقراءة وعدم قبول المعلومة كما هي وأخذها كمسلّمات، فعلى الطالب إثارة التساؤلات حول ما يبحث عنه للوصول إلى المعلومة بنفسه.
- التعلّم في مجموعات صغيرة: قد يظن البعض أن هذه الطريقة من التعلّم قد تتعارض مع التعلّم الذاتي، ولكن بحقيقة الأمر أن هذه الطريقة تساعد المتعلّم على الوصول للمعرفة من خلال تبادل الآراء والخبرات مع غيره بدلاً من الاعتماد على المُحاضر.
- التعلّم باستخدام أسلوب حل المشكلة: وتتمثل بمحاولة حل المشكلة بشكل فردي عند وجودها أو في حال افتراضها، مما يُكسب المتعلّم المهارات والقدرات على حل المشاكل التي تواجهه بصورة إبداعيّة، وهذا ينمّي فكره ويطوره.
- التعلّم بواسطة التمثيل والدراما: إذ تتبلور العملية التعليميّة الذاتيّة بتمثيل المتعلّم دوراً ما بنفسه للمادة المُراد تعلمها.
- التعلّم الميدانيّ: فيرتكز هذا النوع من التعلّم على زيارة المُتعلّم للمتاحف ووالآثار، والحدائق والغابات، والمؤسسات المختلفة، إذ يتأكد ويوثق المعلومة على أرض الواقع.
- التعلّم من خلال المشاريع الذاتيّة: إذ يكلَّف المتعلّم بعمل مشروع متكامل الخطة والتنفيذ بحيث يتكفل بكافة تفاصيله، ويكون المتعلّم مسؤولاً ومحوراً رئيسياً لهذا المشروع لتحقيق أفضل النتائج.
استراتيجيات التعلّم الذاتي
يعتقد الكثير من المُعلّمين والمتعلّمين أنّ التحصيل الأكاديمي العالي ناتج عن زيادة الساعات الدراسيّة إلا أنه وفي الحقيقة يعتمد بشكل أساسي على اتباع مجموعة من الاستراتيجيات لزيادة فاعلية التعلّم، ومن تلك الاستراتيجيات:
- التعلّم المعزّز بالاختبار: تُعرف استراتيجية التعلم المعزز بالاختبار أو استرجاع المعلومات (بالإنجليزية: Retrieval Practice) على أنها قدرة الطالب على تذّكر المعلومات بناءً على الاختبارات التي تُعطى له، فقد تكون اختبارات تحريرية وتكون فيها الإجابات أكثر إسهاباً وتفصيلاً، ويتم فيها تنشيط المعرفة واسترجاع المعلومات للمحتوى التعليمي، أما النوع الثاني فهو الاختبارات الموضوعية كالاختيار من متعدد، إذ تقتصر على اختيار الإجابة الصحيحة.
- التفسير الذاتي التفصيلي: تعتمد استراتيجية التفسير الذاتي التفصيلي (بالإنجليزية: Elaborative self-explanation) على الطالب في إثارة الأسئلة حول المحتوى التعليمي لتحفيز الذاكرة والتذّكر، والتي بدورها تُحفّز استرجاع المعلومات، مما يساعد على فهم المادة بشكل أفضل واستخدام المعرفة في حل المشكلات.
- الممارسة الموزّعة: تُستخدم استراتيجية الممارسة الموزّعة (بالإنجليزية: Distributed Practice) لضمان تذكّر المعلومات في المحتوى التعليمي لفترة طويلة، ويكون ذلك بتجزئة المحتوى الدراسي وتوزيع الجهد ودراسته على جلسات مختلفة، مما يشكل القدرة على استرجاع المعلومات لفترة طويلة، فعلى سبيل المثال يُنصح عند دراسة المادة للامتحان بتقسيمها إلى أجزاء لدراستها على فترة زمنية طويلة وليس بالتكرار لساعات طويلة قبل الامتحان.
- الممارسة المتداخلة: تعتمد استراتيجية الممارسة المتداخلة (بالإنجليزية: Interleaved Practice) على دراسة مواضيع مختلفة أو مواد متعددة في الوقت ذاته بدلاً من دراسة نفس المادة، والتركيز عليها جيداً قبل الانتقال لدراسة المواد الاخرى، وتعتبر هذه الطريقة أكثر فاعلية في تنمية مهارات العقل على حل المشكلات والتصنيف، والقدرة على نقل المعلومات التي تمّ اكتسابها، والاحتفاظ بها لمدة طويلة.
خطوات التعلّم الذاتي
ينبغي اتباع عدّة خطوات للارتقاء بالعملية التعليمية عند تطبيق عملية التعلّم الذاتي، أهمها:
- تحديد أهداف التعلّم: ينبغي على الطالب تحديد الهدف المُراد تحقيقه من خلال تحديد المجال الذي يرغب في البحث والقراءة حوله، أو المهارة المُراد اكتسابها.
- فهم النهج الخاص بالطالب: وتكمن في تحديد الطالب للوسيلة أو الطريقة التي تناسبه في عملية التعلّم، واختيار الموضوعات التي تتناسب مع اتجاهاته.
- تنمية الدوافع الداخلية: ويأتي هذا الدافع ذاتياً من خلال الرغبة في التعلّم، فهو لا يأتي إلا بالتدريب والتعليم، ويمكن تعزيز هذا الدافع بالقراءة، والبحث عن المعلومات والحقائق، ومشاركة ما تمّ تعلّمه مع الآخرين.
- البدء بتكوين خلفية عن الموضوع: من خلال البدء بقراءة الموضوع وفهمه بشكلٍ تدريجي، ثم التعمّق في تفاصيله، ليستطيع الطالب فهم الموضوع بشكل كامل من جميع جوانبه.
- استخدام الاستراتيجيات القائمة على اللعب: من الضروري في العملية التعليمة استخدام التحّفيز والتعزيز في التعلّم، ويكون ذلك بأن يضع الطالب مكافأة من نوعٍ ما عند إنجاز هدف ما، مما يكسبه دافعاً للوصول لهذا الهدف للحصول على المكافأة.
- صُنع شيءٍ مما تعلمه الطالب: أي ضرورة مراجعة وتلخيص ما تمّ تعلمه من خلال الرسم التخطيطي، أو دفتر تلخيص، أو أغنية، وهذا يساعد على استرجاع المعلومات وترسيخها في عقل الطالب، ووضع أهداف جديدة تُكمّل ما تمّ تحقيقه من أهداف.
- مشاركة الطالب لما تعلّمه مع الآخرين: وذلك بمناقشة ما تعلّمه من خبرات ومعلومات للآخرين، وبالتالي تأكيد تلك المعلومات، وتنمية ثقته بنفسه أمامهم.
- مراقبة عمليّة التعلّم الخاصة بالطالب: على الطالب متابعة ما تمّ تعلّمه، والتحقق من مدى قدرته على إنجاز أهدافه التي وضعها ومتابعتها وتقييمها بشكل مسّتمر، ويكون ذلك وفقاً للمعايير التي وضعها الطالب بنفسه.
الفرق بين التعلّم الذاتي والتعلّم التقليدي
يختلف التعلم الذاتي والتقليدي بمجموعة من الفروقات، ويبين الجدول الآتي مقارنة بينهما:
الرقم | وجه المقارنة | التعلّم الذاتي | التعلّم التقليدي |
---|---|---|---|
1 | المتعلّم | المتعلّم محور رئيسي وفعّال بالعملية التعليمية. | المتعلّم متلقٍ. |
2 | المعلم | في حال وجود معلم فيكون دوره تشجيعياً وتحفيزياً. | ملقن. |
3 | الطرق | متنوعة وتتناسب مع جميع الفروق الفردية. | يتم اعتماد أسلوب واحد مع جميع المتعلّمين. |
4 | الوسائل | متنوعة ومتعددة، ومختلفة. | سمعيّة وبصرية لجميع المتعليمين. |
5 | الهدف | بما يتناسب مع العصر ومجرياته لمواكبته. | محدّد. |
6 | التقويم | يحدده المتعلّم. | يحدده المعلّم. |