التربية وعلاقتها بالمجتمع
تعريف التربية والتنشئة المجتمعية
يتمحور مفهوم التربية بالمرتبة الأولى حول دور الوالدين في تنشئة الأبناء، ورعايتهم وحثّهم على الأخلاق الطيبة، والصفات الحسنة، وأهم المهارات الحياتية التي تنعكس على السلوك والفكر للأبناء، حاضراً ومستقبلاً.
يتوسّع مفهوم التربية أو التنشئة ليمتد من الأسرة إلى المدرسة والمجتمع، إذ يتمكن الفرد من التكيّف تدريجياً بمخالطته للمجتمع، دون أن يتم إغفال دور المجتمع في نمذجة السلوكيات العامة، وقولبتها أو تأطيرها بالقبول أو الرفض، بحيث تصبح بمثابة المعيار المرجعي الذي يحتكم له الأفراد تلقائياً، بوصفها معايير المجتمع وضوابطه العامة وأعرافه.
طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
تتداخل العوامل المؤثرة في العملية التربوية، ويعد المجتمع واحداً من أهم تلك العوامل، فمنذ مرحلة مبكرة يبدأ الطفل بالتفاعل مع مجتمعه المصغر، أي أسرته، ليبدأ مرحلة إدراكية جديدة، ويبدأ معها أثر هذا التفاعل بالظهور على سلوكيات الطفل البسيطة، بحيث تتطور كفاءات الطفل وتنمو شخصيته وإدراكه، بالتزامن مع تطور تفاعله الاجتماعي، كنوع من أنواع تطور العلاقة الكردية بين التفاعل مع المجتمع وتأثيره على التربية بصفة عامة.
تتمثل العلاقة بين التربية والمجتمع ضمن ثلاثة محاور رئيسية، تتنامى منذ الطفولة، أولها طبيعة السياق الاجتماعي الذي ينشأ فيه الفرد، خاصة على نطاق الأسرة التي تتولى شؤون الرعاية والتوجيه المباشرين، أما ثاني المحاور فهو ما يتعلّق بتطور الكفاءات المرافقة للنمو الطبيعي والنضوج الفكري، والمحور الثالث هو ذلك التصوّر الذي يكوّنه الفرد عن ذاته والمجتمع.
أثر وأهمية البيئات المجتمعية على التربية
يمكن تلخيص البيئات الاجتماعية في حيز الماديات المحيطة بالفرد، والموارد والعلاقات الاجتماعية التي يتمتع بها ويتفاعل معها، فمثلاً يتأثر الطفل بالبيئة المادية المحيطة به، كالمرافق التعليمية، ومستوى المعيشة العام، أما عل الصعيد المجتمعي فإن ذلك مرتبط بتوفر الموارد الاجتماعية ومدى تطورها، ومدى ترابط العلاقات الاجتماعية التي تثري تجربة الأفراد وخبراتهم.
تكمن أهمية البيئات المجتمعية في طبيعة تأثيرها على الفرد بمختلف مراحله العمرية، وتقوم بتلك التأثيرات بشكلها المباشر وغير المباشر، فالأبوان، ومكان السكن، وطبيعة الأقارب والجيران، والبيئة المدرسية ، ومستوى الحي والمرافق الموجودة فيه، وسلامة العلاقات الاجتماعية أو توترها، كلها بيئات وعوامل تؤثر بشكل متكرر على الطفل، والمراهق، وكل من الأبوين، وعلى الأسرة بشكل عام.
عناصر التنشئة المجتمعية وتأثيرها التربوي
تعد الأسرة، ووسائل الإعلام، والثقافة المجتمعية، من أهم العناصر المؤثرة في صياغة التأثير المجتمعي على الأفراد، وكذلك انتماءات الشباب وقناعاتهم، فكل ذلك ينشأ تدريجياً ويتشكّل ضمن عدة مواقف متراكمة، فمثلاً للبيئة العربية خصوصيتها المكتسبة من المعتقدات والقيم المجتمعية والأعراف التي تضبط سلوكيات المجتمعات ضمن إطار الثقافة العربية المتعارف عليها عالمياً.