أجمل ما قال أبو العلاء المعري
يأتي على الخلق إصباحٌ وإمساءُ
يأتي على الخلقِ إصباحٌ وإمساءُ
- وكلّنا لصروفِ الدّهرِ نَسّاءُ
وكم مضى هَجَريٌّ أو مُشاكلُهُ
- من المَقاول سَرّوا الناسَ أم ساءوا
يموجُ بحركِ والأهواءُ غالبةٌ
- لراكبيهِ فهل للسُفْنِ إرساءُ
إذا تعطّفتِ يوماً كنتِ قاسيةً
- وإن نظرتِ بعينٍ فهي شَوساء
إنسٌ على الأرض تُدمي هامها إحَنٌ
- منها إذا دَمِيَتْ للوحش أنساءُ
فلا تغُرّنْكَ شُمٌّ من جبالهمُ
- وعِزّةٌ في زمان المُلكِ قعساء
نالوا قليلاً من اللذّاتِ وارتحلوا
- برَغمِهِمْ فإذا النّعماءُ بأساءُ
الأمرُ أيسر مما أنتَ مضمرُهُ
الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مُضمرُهُ
- فاطرَحْ أذاكَ ويسّرْ كلّ ما صَعُبا
ولا يسُرّكَ إن بُلّغْتَهُ أمَلٌ
- ولا يهمّك غربيبٌ إذا نعبا
إنْ جدّ عالمُكَ الأرضيُّ في نبأٍ
- يغشاهُمُ فتصوّرْ جِدّهُمْ لَعبِا
ما الرّأيُ عندكَ في مَلْكٍ تدينُ لهُ
- مصرٌ أيختارُ دون الرّاحةِ التّعبا
لن تستقيمَ أُمورُ النّاس في عُصُر
- ولا استقامتْ فذا أمناً وذا رعبا
ولا يقومُ على حقٍّ بنو زمنٍ
- من عهد آدمَ كانوا في الهوى شُعَبا
أراني في الثّلاثة من سجوني
أراني في الثّلاثة من سجوني
- فلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري ولزومِ بيتي
- وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ
من لي أن أقيمَ في بلدٍ
من ليَ أن أقيمَ في بلدٍ
- أُذكَرُ فيه بغير ما يجبُ
يُظَنُّ بيَ اليُسرُ والديانةُ والعلـ
- ـلمُ وبيني وبينها حُجُبُ
كلُّ شهوري عليّ واحدةٌ
- لا صَفَرٌ يُتّقى ولا رجبُ
أقررْتُ بالجهل وادّعى فَهَمي
- قومٌ فأمري وأمرُهم عجَبُ
والحقُّ أني وأنهم هدرٌ
- لستُ نجيباً ولا همُ نُجُبُ
والحالُ ضاقتْ عن ضمِّها جسدي
- فكيف لي أن يضمّه الشَّجَبُ
ما أوسعَ الموت يستريح به الجسـ
- ـم المعنّى ويخفتُ اللَّجَبُ
إن غاضَ بحرٌ
إن غاضَ بحرٌ مدّةً
- فلَطالمَا غَدَرَ الغديرُ
فلكٌ يدورُ بحكمَةٍ
- ولهُ بلا رَيْبٍ مُدِير
إنْ مَنّ مالِكُنا بِما
- نهوَى فمالِكُنا قدير
بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ
بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ
- وعلى الزّخارِفِ ضُمّتِ الأسفارُ
وإذا اقتضيتَ معَ السّعادةِ كابياً
- أوْريتَهُ ناراً فقيلَ عَفار
أمّا زمانُكَ بالأنيسِ فآهِلٌ
- لكنّهُ ممّا تَودُّ قِفار
أقفرتُ منْ جهتينِ: قَفرِ مَعازَةٍ
- وطعامِ ليلٍ جاءَ وهو قَفار
وإذا تَساوى في القبيحِ فعالُنا
- فمنِ التّقيُّ وأيُّنا الكَفّار
والنّاسُ بينَ إقامةٍ وتحمّلٍ
- وكأنّما أيّامُهمْ أسْفار
والحتفُ أنصفَ بينهم لم تمتنعْ
- منه الرّئالُ ولا نجا الأغفار
والذّنبُ ما غُفرانُهُ بتصنّعٍ
- منّا ولكنْ ربُّنا الغَفّار
وكم اشتكتْ أشفارُ عينٍ سُهدَها
- وشفاؤها ممّا ألمّ شِفار
والمرءُ مثلُ اللّيثِ يفرِسُ دائماً
- ولقدْ يخيبُ وتَظفَرُ الأظفار
ولطالما صابرْتُ ليلاً عاتماً
- فمتى يكونُ الصّبحُ والإسفار
يرجو السّلامةَ رَكبُ خَرقٍ متلِفٍ
- ومن الخَفيرِ أتاهُمُ الإخفار
اللُّبُّ قُطبٌ
اللُّبُّ قُطبٌ والأمورُ له رَحًى
- فيهِ تُدَبَّرُ كلُّها وتُدارُ
والبدرُ يكمُلُ والمحاقُ مآلُه
- وكذا الأهِلّةُ عُقْبُها الإبدارُ
إلزمْ ذَراكَ وإن لقيتَ خَصَاصةً
- فاللّيثُ يَستُرُ حالَهُ الإخدار
لم تَدرِ ناقةُ صالحٍ لمّا غَدَت
- أنّ الرّواحَ يُحَمُّ فيه قُدار
هذي الشخوص من التّراب كوائِن
- فالمرءُ لولا أن يُحِسّ جِدار
وتَضِنُّ بالشيءِ القليلِ وكلُّ ما
- تُعطي وتَملِكُ ما له مقدار
ويقولُ داري من يقولُ وأعبُدي
- مَهْ فالعبيدُ لربّنا والدّارَ
يا إنسَ كم يَردُ الحياةَ مَعاشرٌ
- ويكونُ من تلفٍ لهم إصدار
أترومُ من زمنٍ وفاءً مُرضياً
- إنّ الزّمانَ كأهلِه غدّار
تقِفونَ والفُلكُ المُسخَّرُ دائرٌ
- وتقدِّرونَ فتَضحكُ الأقدار