البوليمرات واستخداماتها
تعريف البوليمرات
يُشير مفهوم البوليمر (بالإنجليزية: Polymer ) إلى مركب كيميائي أو خليط من المركبات المكونة من جزيئات متكررة، والتي تتشكّل من خلال عملية البلمرة (بالإنجليزية: Polymerization )، إذ إنّه يعرف باسم المبلمر، حيث تعرف البلمرة بأنّها تفاعل كيميائي يحدث بين جزيئين أو أكثر، حيث يتّحدان لتكوين مركب كيميائي يحتوي على جزيئات هيكلية متكررة .
تُعدّ البوليمرات من المواد الطبيعية أو الاصطناعية التي تضم جزيئات كبيرة جدًا من المونومرات (جزيئات كيميائية بسيطة)، كما أنّ البوليمرات تتكون من نوع واحد من المونومرات أو أكثر، وفي حال كان البوليمر يتكوّن من أكثر من نوع من المونومرات، فإنّه يُطلق عليها اسم البوليمرات المشتركة. يوجد العديد من الأمثلة على البوليمرات في الكائنات الحية مثل: البروتينات، والسليلوز، والأحماض النووية، كما تعدّ البوليمرات من مكونات المعادن مثل؛ الألماس، والكوارتز، والفلسبار، وفي بعض المواد المصنوعة مثل؛ الزجاج، والورق، والبلاستيك، والمطاط.
تاريخ البوليمرات
يتلخّص تاريخ البوليمرات بما يأتي:
- صَنع الإنسان البوليمرات الاصطناعية باستخدام المواد المتوفرة في الطبيعة مثل السيليلوز.
- صُنعت مجموعة من أهم المواد البوليمرية خلال القرن والنصف الماضي من البلاستيك والألياف واللدائن.
- صنعت مادة البلاستيك من معالجة السيليلوز المستخرج من ألياف القطن في شجر الكافور بغرض حماية الفيلة.
- طُوّرت مادة بلاستيك (الباكليت) والذي لا يحتوي على جزيئات طبيعية كبديل اصطناعي لعازل شيلاك (عازل كهربائي طبيعي)
- يتميز الباكليت بأنّه متين ومقاوم لدرجات الحرارة العالية، وسهل التشكيل.
- تطلّبت الحرب العالمية الثانية توسعاً في صناعة البلاستيك للحفاظ على الموارد الطبيعية النادرة عبر إنتاج البدائل.
- اخترع والاس كاروثرز النايلون (الحرير الصناعي) في عام 1935م، والذي استخدم في صناعة المظلات والحبال والدروع الواقية والخوذات.
- أُنتج البلاستيك بكميات كبيرة بعد انتهاء الحرب، واستُخدم كمادة بديلة للفولاذ المستخدم في السيارات، وبديلًا عن الورق والزجاج في عملية التغليف.
- ازداد القلق بشأن نفايات البلاستيك في فترة السبعينيات والثمانينيات حتّى ظهرت فكرة إعادة التدوير النفايات البلاستيكية عبر جمع ومعالجة المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التصنيع.
- بيَّن العلماء مؤخرًا أنّ البلاستيك يحتوي على بعض المواد مثل الفثالات (بالإنجليزية: Phthalates) التي تلحق الضرر بصحة الإنسان.
- تتسرب مادة الفثالات إلى الغذاء والمياه والأجسام، وتؤثر على عمل الغدد الصماء المسؤولة عن إنتاج الهرمونات.
تركيب البوليمرات
تتركّب البوليمرات من جزيئات الكربون والأكسجين والهيدروجين المتكرر لتكوين سلسلة طويلة، إذ ترتبط فيما بينها بروابط كيميائية (الروابط التساهمية والروابط الثانوية)، وتدعى الوحدات الأساسية في البوليمرات بالمونومرات، كما يوجد من البوليمرات عدة أنواع، إذ إنّ لكلّ نوع منها ترتيب معين، بالإضافة إلى مجموعة معينة من الذرات التي تدخل في تركيبها.
تؤثّر شدة الصلابة ودرجة الانصهار وطريقة التوصيل في خصائص البوليمرات وتركيبها الداخلي، ويمكن أن تكون البوليمرات مادة عضوية مكونة من ذرات الكربون التي تحتوي على أربعة إلكترونات في الغلاف الخارجي، حيث إنّها تستطيع تشكيل روابط تساهمية مع الذرات الأخرى.
يتكون البوليمر بولي إيثلين (بالإنجليزية: Polyethylene) وفقًا للمعادلة الآتية: C₂H₄ C₂H₄ → C₄H₈.
أنواع البوليمرات
يوجد نوعان من البوليمرات؛ البوليمرات الطبيعية (بالإنجليزية: Natural Polymer)، والبوليمرات الاصطناعية (بالإنجليزية: Synthetic Polymer)، وفيما يأتي توضيح لهما:
البوليمرات الطبيعية
تصنّف البوليمرات الطبيعيّة إلى نوعين وهما: بوليمرات عضوية وغير عضوية، و تؤدي البوليمرات الطبيعية العضوية دورًا مهمًا في الكائنات الحية، إذ تُوفر المواد البنائية الأساسية، وتشارك في العمليات الحيوية، وفيما يأتي مجموعة من الأمثلة عليها:
- السليلوز
يعرّف السليلوز بأنّه مجموعة من المواد المتواجدة في النباتات، وتُشكل الأجزاء الصلبة منها، فا لسيليلوز (بالإنجليزية: Cellulose) هو عديد السكريات (بالإنجليزيّة: Polysaccharide)، إذ إنّه يتكون من جزيئات السكر.
- اللجنين والراتنجات
يعد اللجنين (بالإنجليزية: Lignin) شبكة معقدة ثلاثية الأبعاد من البوليمرات، أما راتنجات الخشب (بالإنجليزية: Various Resins) فهي بوليمرات مكونة من هيدروكربون بسيط وأيزوبرين .
- البروتينات والأحماض النووية
تتكون بوليمرات البروتين (بالإنجليزية: Protein) من الأحماض الأمينية، في حين تتكوّن الأحماض النووية (بالإنجليزية: Nucleic Acid) من النيوكليوتيدات، وهي جزيئات معقدة تتكوّن من قواعد تحتوي على النيتروجين والسكريات وحمض الفوسفوريك.
- النشويات
تعدّ النشويات (بالإنجليزية: Starches) من مصادر الطاقة الغذائية، لأنّها بوليمرات طبيعية تتكون من الجلوكوز . يُوجد بعض الأمثلة على البوليمرات غير العضوية في الطبيعة مثل؛ الألماس والجرافيت، اللذان يتكونان من الكربون، إذ ترتبط ذرات الكربون مكونة شبكة ثلاثية الأبعاد في الألماس؛ ممّا يمنحه خاصية الصلابة، كما يستخدم الجرافيت في عملية التشحيم وصنع أقلام الرصاص .
البوليمرات الاصطناعية
تُنتَج البوليمرات الاصطناعية من خلال أنواع متعددة من التفاعلات الكيميائية، ومن أهمّ الأمثلة عليها ما يأتي:
- البولي إيثيلين
يتّصف البولي إيثيلين (بالإنجليزية: Polyethylene) بأنّه بلوري، وشفاف، ولدن (أي يصبح أملسًا عند تعرضه لدرجة الحرارة)، كما أنّه يستخدم في الدهان و تصنيع الزجاج والحاويات.
- البولي بروبيلين
يُعرّف البولي بروبيلين (بالإنجليزية: Polypropylene) بأنّه مادة بلورية لدنة، حيث تستخدم في صناعة النسيج.
- بولي بوتادين، وبولي إيزوبرين، وبولي كلوروبرين
تُستخدم كلّ من مادة بولي بوتادين (بالإنجليزية: Polybutadiene)، وبولي إيزوبرين (بالإنجليزية: Polyisoprene)، وبولي كلوروبرين (بالإنجليزية: Polychloroprene) في صناعة المطاط .
- البوليسترين
يتصف البوليسترين (بالإنجليزية: Polystyrene) بكونه مادة زجاجية وشفافة ولدنة، كما أنّها تستخدم في صناعة الألعاب، والمجسمات البلاستيكية.
- بولي فينيل كلوريد
يعد بولي فينيل كلوريد (بالإنجليزية: Polyvinyl Chloride) من البوليمرات الاصطناعية، وهي مادة صلبة لا لون لها، كما أنّها لدنة وقابلة للتشكيل، حيث تستخدم كمادة لاصقة، وفي أعمال الدهان.
الخصائص الفيزيائية والكيميائية للبوليمرات
تتميز البوليمرات بمجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية، والتي تتضح فيما يأتي:
الخصائص الفيزيائية للبوليمرات
من أهمّ الخصائص الفيزيائية للبوليمرات ما يأتي:
- تتمتع بقوة شد كبيرة؛ بسبب ازدياد طول السلسلة.
- غير قابلة للذوبان، إذ إنّها تتحول من الحالة البلورية إلى شبه بلورية.
- غير موصلة للحرارة، وهي قابلة للتمدد الحراري بكميات واتجاهات مختلفة.
الخصائص الكيميائية للبوليمرات
من أهمّ الخصائص الكيميائيّة للبوليمرات ما يأتي:
- تتميز بقوة ربط عرضي؛ نتيجة الترابط الهيدروجيني والأيوني.
- تتميز بمرونة عالية؛ بسبب الرابطة ثنائية القطب الناتجة عن السلاسل الجانبية.
- تمتلك درجة انصهار منخفضة؛ بسبب السلاسل التي تربط بقوى فان دير فالس الضعيفة.
- تتميّز بمعدل نفاذية منخفض جدًا.
تسمية البوليمرات
يُشتق اسم البوليمر من اسم المونومر الذي يدخل في تركيبه، وفي مثال على ذلك يسمى بوليمر بولي ايثين (بالإنجليزية: Poly Ethene) نتيجة تكوّنه من مونومر إيثين (بالإنجليزية: Ethene)، وفيما يأتي توضيح لكيفية تسمية البوليمرات:
- تسمية المونومر
يُبدأ بتسمية المركب الكيميائي الأساسي (المونمر) عن طريق حساب عدد ذرات الكربون؛ مثلًا يبدأ اسم المركب الذي يحوي ذرة كربون واحدة بـ(ميث) والذي يحوي ذرتين بـ(إيث)، ثم تحديد أنواع الروابط ؛ أحادية أم ثنائية وهكذا، والمجموعات الوظيفية المتواجدة وأعدادها كالكحول والكيتونات وغيرها.
- تسمية البوليمر
تُوضع كلمة (Poly) ثم يفتح قوسين لوضع اسم المونومر بداخلهما، وذلك في حال كان البوليمر يحتوي على مونومر واحد مثل poly (Methyl Methacrylate)، وإذا كان المونومر كلمة واحدة يحذف كلّ من القوسين مثل؛ Polystyrene.
- إضافة التعقيد
تتكوّن البوليمرات المشتركة من أكثر من مونومر، فتُسمى باستخدام بعض المحددات التي تكتب بالخط المائل التي تشير إلى البوليمر المكون من مونومرات موزعة عشوائيًا، بحيث توضع هذه المحددات في بداية التسمية أو بين أسماء المونومرات مثل؛ (cyclo-polystyrene-graft-polyethylene).
- التسمية القائمة على الهيكل
يُمكن تسمية البوليمرات وفقًا لهيكلها بدلًا من المونومرات المكونة لها، تحديدًا حسب وحدة التكرار (الوحدة الفرعية الهيكلية) التي يحصل عليها بتجزئة بنية البوليمر إلى أصغر وحدة تكرار ممكنة مثل؛ 1-bromoethane-1,2-diyl.
استخدامات البوليمرات وتطبيقاتها
تُستخدم البوليمرات في عدة مجالات مثل الصناعة، والطب، والزراعة، والتطبيقات الهندسية، و التطبيقات الطبية الحيوية ، ويمكن توضيح ذلك فيما يأتي:
استخدامات البوليمرات في الصناعة
تُستخدم أنواع عدة من البوليمرات في الصناعة، وفيما يأتي توضيح لها:
- البولي بروبين
يُستخدم في صناعة المنسوجات، وأدوات التعبئة والتغليف والقرطاسية والحبال والألعاب، أيضًا يستخدم في صناعة البلاستيك وهياكل الطائرات، وفي عملية البناء.
- البوليسترين
يُستخدم في صناعة أدوات التعبئة والتغليف، والعبوات الزجاجية، والألعاب، كما يدخل أيضًا في صناعة الحاويات، والنظارات، والخزائن، والأغطية، بالإضافة إلى الأدوات المنزلية التي تستخدم لمرة واحدة، كما أنّه يستخدم في عملية العزل.
- الباكليت
يُستخدم في صناعة المفاتيح الكهربائية، و المواد العازلة ، والأسلحة النارية، وأدوات المطبخ مثل الأكواب ودلال القهوة، كما يستخدم أيضًا في تصنيع الألعاب، والمجوهرات، وأقراص الكمبيوتر.
- بولي فينيل كلوريد
يَدخل في صناعة الأنابيب المستخدمة في شبكات الصرف الصحي، كما يعد عازلًا كهربائيًا، إذ إنّه يستخدم في صنع الكابلات الكهربائية.
- كلوريد البوليفينيل
يُستخدم في صناعة الملابس والأثاث، ويدخل أيضًا في صناعة أرضيات الفينيل، وفي صناعة الأبواب والنوافذ.
- راتنجات اليوريا فورمالدهايد
يدخل في صناعة القوالب، والحاويات غير القابلة للكسر، والمواد اللاصقة، والألواح المصفحة، والقوالب.
- جليبتال
يُستخدم في صناعة أنواع مختلفة من الدهانات .
استخدامات البوليمرات في الطب
يُوجد عدة استخدامات للبوليمرات في المجال الطبي، وهي كما يأتي:
- تُستخدم في أجهزة توصيل الأدوية (نظام تقديم الدواء)، والدعامات الوعائية، والخيوط الجراحية، والأجهزة المساعدة في التخلص من الجلطات.
- تدخل في علاج تمدد الأوعية الدموية، وانسداد القناة الشريانية، وتقويم الأسنان.
- تُستخدم في غسيل الكلى.
- تُستخدم في تثبيت العظام وإصلاح الأربطة والأوتار.
- تُساعد على تحفيز صناعة الدواء وتجريبه؛ بسبب استجابتها للمثيرات الخارجية للجسم مثل؛ الإجهاد الميكانيكي، الكهرباء، التغير في درجة الحرارة.
- تُستخدم في الجراحة التجميلية مثل؛ تكبير محيط الجمجمة والوجه.
- تُستعمل كبديل للنواة اللّبية.
استخدامات البوليمرات في الزراعة
تُستخدم البوليمرات في الزراعة كما يأتي:
- إنتاج المياه بدون ترك أثر سلبي على الموارد الطبيعة.
- زيادة جودة المبيدات الحشرية، وتحسين كفاءة المبيدات العشبية.
- توفير التهوية والتغطية عند إضافتها للتربة، وتحسين نموّ النباتات وصحّتها.
- إزالة الأيونات المعدنية من التربة والماء.
استخدامات البوليمرات في التطبيقات الهندسية
تُستخدم البوليمرات في عدة تطبيقات هندسية، مثل:
- البناء والنقل والإلكترونيات.
- المعالجة الكيميائية، فتعد البوليمرات مواد بديلة عن المعادن المختلفة والسبائك.
- هندسة الإلكترونيات والآلات الصناعية.
استخدامات البوليمرات في التطبيقات الطبية الحيوية
تُستخدم البوليمرات في صناعة المواد الطبية الحيوية، مثل:
- صمام القلب، والأوعية الدموية التي تصنع من الداكرون، والتفلون، والبولي يوريثين.
- صناعة خيوط الجراحة، والزرعات.
- صناعة عدسات العين، وأجهزة تصريف مياه العين الزرقاء.
مستقبل البوليمرات في حياة الإنسان
تُعد البوليمرات ضرورية في حياة الإنسان ومستقبله، إذ تسهم في رفع مستوى معيشته نتيجة تكلفتها المنخفضة، بالإضافة إلى أنّها تجعل ممتلكاته خفيفية وآمنة ومتينة، كما أنّها تؤدي دورًا في إيجاد وسائل للتعامل مع التحديات التي يواجهها الإنسان في المستقبل فيما يتعلق بالطاقة، والموارد، والغذاء، والصحة، والنقل، والبنية التحتية، والاتصالات، ويتضح ذلك فيما يأتي:
- تدخل في صنع الأجهزة الطبية، والأعضاء الصناعية.
- تُستخدم في توفير الطاقة، وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة.
- تسهم في إيجاد بيئة اقتصادية عن طريق استخدامها في صنع أدوات حفظ المواد الغذائية، وتناول الطعام والشراب، والتخزين، والألواح البلاستيكية.
- تُستخدم في الصناعات الإلكترونية والكهربائية مثل المقابس وعزل الأسلاك والكابلات، وفي الصناعات الخزفية.
- توظف في تقنية الخلايا الجذعية.
- تُستعمل في عملية في التعبئة والتغليف.
- تدخل في صناعة السيارات، والمركبات الفضائية.
- تُسهم في تطوير أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية .
- تُساعد على توفير الوقود الأحفوري.