الاتحاد قوة
الاتحاد يجلب القوة
في الاتحاد قوة وفي التفرقة ضعف، هذا مثل نسمعه كثيرًا، فمنا من يمر عليه مرور الكرام، ومنا من يتأمله جيدًا؛ ليكتشف خفايا معانيه، فالاتحاد قوة يعني أنّ كل قوة تكون ضعيفةً إن لم تتوحد الجهود، والضعف هلاك وانقسام، لا يقوى عليه إلا الاتحاد، فهو شجرة ذات فروع وجذور وأصول ممتدة، والاتحاد قوة يعني أنّ الاتحاد مشاورة ومؤازرة وإنصات واحترام.
الاتحاد يضمن قوة المجتمع، ويُسهل حياة الناس، ويخلق بيئةً ومجتمعًا صحيًا تسوده العدالة والحكمة والأخلاق العالية، ويعود بالخير والنفع على الأفراد، ويُخفف الأعباء بالتدريج، ويُعزز مفهوم التسامح، وهو علامة لمجتمع متحضر، فالاتحاد قوة مفهوم لا يهزمه مفهوم آخر.
قوة الاتحاد في الأخلاق الفاضلة
المساعدة والمعاونة والشعور في الآخرة أسمى الأخلاق الفاضلة التي تحث عليها عبارة "الاتحاد قوة"، فكلنا لا نمشي طريق الحياة وحدنا، بل هي قافلة تسير نحو هدف محدد، يُقال: "النمل إذا اجتمع انتصر على السبع"، فالاتحاد سرّ نجاح المجتمعات والأفراد فيها، وهذا ما أدركه نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- حينما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
أول ما قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- عند وصوله للمدينة هو الإخاء بين المهاجرين والأنصار، فحثهم في ذلك على الأخلاق الفاضلة، وأهمية مفهوم التعاون والشعور بالآخر، وأكّد على الإسلام على ذلك المفهوم، إذ دعا الله تعالى إلى الوحدة وعدم التفرق، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
الاتحاد يهزم الضعف وأشكاله
الإرادة تصنع المستحيلات، فما بالكم إذا كانت إرادة جماعية، فالاتحاد يهزم التخلف والضعف والتبعية، ويُؤكد على مفهوم العمل المشترك، فالاتحاد أولى خطوات النجاح، ولا تعني القوة في الاتحاد البطش وظلم الآخرين، أو التعاون على الإيذاء، بل هي وسيلة للرقي والبناء وعلو الهمة والدافعية، قال الشاعر الطغرائي:
كونُوا جميعَاً يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى
- خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا
تأبَى القِداحُ إِذا اجتمعْنَ تكسُّرًا
- وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا
الاتحاد يعني التعاون
في الختام، لا يُبنى البيت من حجر واحد، بل يُبنى بروح الفريق الواحد المتعاون، كما أنّ لا نحلة واحدة تجلب العسل وحدها، وكما تستند الشجرة على الشجرة، فإنّ الإنسان يستند على أخيه الإنسان، وهذه روح التعاون، فيد الله مع الجماعة، والتعاون قوة تحل كل المشكلات، يقول أحمد شوقي:
إنَّ التَّعاون قوَّةٌ عُلويةٌ
- تبني الرِّجالَ وتبدعُ الأشياءَ
فَليَهنِهِم حازَ اِلتِفاتَكَ سَعيُهُم
- وَكَسا نَدِيَّهُمو سَناً وَسَناءَ
لَم تَبدُ لِلأَبصارِ إِلّا غارِساً
- لِخَوالِفِ الأَجيالِ أَو بَنّاءَ
كما من مظاهر التعاون الإيجابي في المجتمع؛ مساعدة كبار السن، صلة الأرحام والاطمئنان على الأقارب، التعاون بين رجال الأمن لحماية البلاد، وغيرها من المظاهر، إضافةً إلى أنّ التعاون هو أساس التراحم بين البشر، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.