أجمل قصائد الرثاء بالفصحى
قصيدة أبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس
لكلّ شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
- فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ
- مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد
- ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
- إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ
- كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
- وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
- وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب
- وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له
- حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك
- كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه
- وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
- يوماً ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
- وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
قصيدة إيليا أبو ماضي في رثاء أبيه
طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
- وذا بعضها الثاني يفيض به جفني
أبي ! خانني فيك الرّدى فتقوضت
- مقاصير أحلامي كبيت من التّين
وكانت رياضي حاليات ضواحكا
- فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني
وكانت دناني بالسرور مليئة
- فطاحت يد عمياء بالخمر والدّنّ
فليس سوى طعم المنّية في فمي
- وليس سوى صوت النوادب في أذني
ولا حسن في ناظري وقلّما
- فتحتهما من قبل إلاّ على حسن
وما صور الأشياء ، بعدك غيرها
- ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن
على منكي تبر الضحى وعقيقه
- وقلبي في نار ، وعيناي في دجن
أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي
- وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن
فمستنكر كيف استحالت بشاشتي
- كمستنكر في عاصف رعشة الغضن
يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى
- وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني
قصيدة ابن الرومي يرثي ابنه
بكاؤكُما يشفي وإن كان لا يجدي
- فجودا فقد أودى نظيركمُا عندي
بُنَيَّ الذي أهدتهُ كفَّاي للثَّرَى
- فيا عزَّة َ المهدى ويا حسرة المهدي
ألا قاتل اللَّهُ المنايا ورميها
- من القومِ حَبّات القلوب على عَمدِ
توخَّى حِمَامُ الموت أوسطَ صبيتي
- فلله كيف اختار واسطة العقدِ
على حين شمتُ الخيرَ من لَمَحاتِهِ
- وآنستُ من أفعاله آية الرُّشدِ
طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحى مَزَارهُ
- بعيداً على قُرب قريباً على بُعدِ
لقد أنجزتْ فيه المنايا وعيدَها
- وأخلفَتِ الآمالُ ماكان من وعدِ
لقد قلَّ بين المهد واللَّحد لبثُهُ
- فلم ينسَ عهد المهد إذ ضمَّ في اللَّحدِ
تنغَّصَ قَبلَ الرَّيِّ ماءُ حَياتهِ
- وفُجِّعَ منه بالعذوبة والبردِ
ألحَّ عليه النَّزفُ حتى أحالهُ
- إلى صُفرة الجاديِّ عن حمرة الوردِ
وظلَّ على الأيدي تساقط نَفْسْه
- ويذوِي كما يذوي القضيبُ من الرَّنْدِ
فَيالكِ من نفس تساقط أنفساً
- تساقط درٍّ من نِظَام بلا عقدِ
عجبتُ لقلبي كيف لم ينفطرْ لهُ
- ولو أنَّهُ أقسى من الحجر الصَّلدِ
بودِّي أني كنتُ قُدمْتُ قبلهُ
- وأن المنايا دُونهُ صَمَدَتْ صَمدِي
ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي
- وللرَّبِّ إمضاءُ المشيئة ِ لا العبدِ
قصيدة جرير يرثي الفرزدق
لَعَمْرِي لَقَدْ أشجَى تَميماً وَهَدّها
- على نَكَباتِ الدّهرِ مَوْتُ الفَرَزْدَقِ
عَشِيّة َ رَاحُوا للفِرَاقِ بِنَعْشِهِ
- إلى جَدَثٍ في هُوّة الأرْضِ مُعمَقِ
لَقد غادَرُوا في اللَّحْدِ مِنَ كان ينتمي
- إلى كُلّ نَجْمٍ في السّماء مُحَلِّقِ
ثَوَى حامِلُ الأثقالِ عن كلّ مُغرَمٍ
- ودامغُ شيطانِ الغشومِ السملقَّ
عمادُ تميمٍ كلها ولسانها
- وناطقها البذاخُ في كلَّ منطقِ
فمَنْ لذَوِي الأرْحامِ بَعدَ ابن غالبٍ
- لجارٍ وعانٍ في السلاسلِ موثقَ
وَمَنْ ليَتيمٍ بَعدَ مَوْتِ ابنَ غالَبٍ
- وأمَّ عيالٍ ساغبينَ ودردقِ
وَمَنَ يُطلقُ الأسرَى وَمن يَحقنُ الدما
- يداهُ ويشفي صدرَ حرانَ محنقِ
وكمْ منْ دمٍ غالٍ تحملَ ثقلهُ
- وكانَ حمولا في وفاءٍ ومصدقِ
وَكَمْ حِصْنِ جَبّارٍ هُمامٍ وَسُوقَة
- إذا ما أتَى أبْوَابَهُ لَمْ تُغلَّقِ
تَفَتَّحُ أبْوَابُ المُلُوكِ لِوجْهِهِ
- بغيرْ حجابٍ دونهُ أو تملقُّ
لتبكِ عليهِ الأنسُ والجنُّ إذ ثوى
- فتى مضرٍ في كلَّ غربِ ومشرقِ
فتى عاشُ يبني المجدَ تسعينَ حجة
- وكانَ إليَ الخيراتِ والمجدِ يرتقي
فما ماتَ حتى لمْ يخلفْ وراءهُ
- بِحَيّة ِ وَادٍ صَوْلَة ً غَيرَ مُصْعَقِ