اجمل القصائد الشعرية
قصيدة أقِلِّي عَلَيَّ اللِّوْمَ يا ابْنَة مُنْذِرِ لعروة بن الورد
قال عروة بن الورد :
أقِلِّي عَلَيَّ اللِّوْمَ يا ابْنَة َ مُنْذِرِ
- ونامِي، فإنْ لم تَشْتَهي النَّومَ فاسْهَرِي
ذَرِيني ونَفسي أُمَّ حَسَّانَ، إنني
- بها قبل أن لا أملك البيع مشتري
أحاديثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالدٍ
- إذا هو أمسى هامة فوق صير
تُجَاوِبُ أحْجَارَ الكِنَاسِ وتَشْتَكِي
- إلى كلِّ معروفٍ تراهُ ومُنْكَرِ
ذَرِيني أُطَوِّفْ فِي البلادِ لعلَّنِي
- أخَلِّيكِ أو أغْنِيكِ عن سُوءِ مَحْضَرِ
فإن فاز سهم للمنية لم أكن
- جَزُوعاً، وهَلْ عن ذاكِ من مُتَأخَّرِ
وإن فاز سهمي كفكم عن مقاعد
- لكم خلف أدبار البيوت ومنظر
تقول لك الويلات هل أنت تارك
- ضَبُوءَاً بِرَجْلٍ تارة ً وبِمنسرِ
ومستثبت في مالك العام إنني
- أرَاكَ عَلَى أقْتَادِ صَرْماءَ مُذْكِرِ
فَجُوعٍ بها لِلصَّالِحِينَ مَزِلَّة ٍ
- مخوف رداها أن تصيبك فاحذر
أبى الخفض من يغشاك من ذي قرابة
- ومن كل سوداء المعاصم تعتري
ومستهنيء زيد أبوه فلا أرى
- له مدفعاً فاقني حياءك واصبري
لَحَى الله صَعْلُوكاً إذَا جَنَّ ليلُهُ
- مصافي المشاش آلفاً كل مجزر
يَعُدُّ الغِنى مِن نَفسِهِ كُلَّ لَيلَةٍ
- أَصابَ قِراها مِن صَديقٍ مُيَسَّرِ
يَنامُ عِشاءً ثُمَّ يُصبِحُ ناعِساً
- يَحُتُّ الحَصى عَن جَنبِهِ المُتَعَفِّرِ
قَليلُ اِلتِماسِ الزادِ إِلّا لِنَفسِهِ
- إِذا هُوَ أَمسى كَالعَريشِ المُجَوَّرِ
يُعَينُ نساءَ الحَيِّ ما يَسْتَعِنَّهُ
- ويمسي طليحاً كالبعير المسحر
ولكن صعلوكاً صفيحة وجهه
- كَضَوْءِ شِهَابِ القابِسِ المُتَنَوِّرِ
مطلاً على أعدائه يزجرونه
- بساحتهم زجر المنيح المشهر
وإنْ بَعِدُوا لا يَأْمَنُونَ اقْتِرَابَهُ
- تَشَوُّفَ أهلِ الغائبِ المُتَنَظَّرِ
فذلكَ إنْ يَلْقَ المنيّة َ يلْقَها
- حَمِيداً، وإنْ يَسْتَغْنِ يوماً فأجْدِرِ
أيهلك معتم وزيد ولم أقم
- على ندب يوماً ولي نفس مخطر
ستفزع بعد اليأس من لا يخافنا
- كواسع في أخرى السوام المنفر
يطاعن عنها أول القوم بالقنا
- وبيض خفاف ذات لون مشهر
فَيَوماً عَلى نَجدٍ وَغاراتِ أَهلِها
- وَيَوماً بِأَرضٍ ذاتِ شَتٍّ وَعَرعَرِ
يناقلن بالشمط الكرام أولي القوى
- نِقَابَ الحِجَازِ في السَّرِيح المُسَيَّرِ
يُرِيحُ عليَّ اللَّيلُ أضَيافَ ماجدٍ
- كريم، ومالِي سَارحاً مالُ مُقْتِر
قصيدة هلْ رسمُ دارسة ِ المقامِ يبابِ لحسّان بن ثابت
قال حسّان بن ثابت :
هلْ رسمُ دارسة ِ المقامِ، يبابِ
- متكلكٌ لمسائلٍ بجوابِ
ولَقَدْ رَأيْتُ بِهَا الحُلولَ يَزِينُهُمْ
- بِيضُ الوُجُوهِ ثَوَاقِبُ الأحْسَابِ
فدعِ الديارَ وذكرَ كلّ خريدة
- بَيْضَاءَ، آنِسَة ِ الحدِيثِ، كَعَابِ
واشْكُ الهُمُومَ إلى الإلهِ وَمَا تَرَى
- مِنْ مَعْشَرٍ مُتَألَبِينَ غِضَابِ
أمُّوا بِغَزْوِهِمِ الرّسُولَ، وألّبُوا
- أهْلَ القُرَى ، وَبَوَادِيَ الأعْرَابِ
جَيْشٌ، عُيَيْنَة ُ وَابنُ حَرْبٍ فيهِم،
- متخمطينَ بحلبة ِ الأحزابِ
حتّى إذا وَرَدُوا المَدينة وارتَجَوْا
- قَتْلَ النّبيّ وَمَغْنَمَ الأسْلابِ
وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بأيْدِهِمْ،
- ردوا بغيظهمِ على الأعقابِ
بهُبُوبِ مُعصِفَة ٍ تُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ،
- وجنودِ ربكَ سيدِ الأربابِ
وكفى الإلهُ المؤمنينَ قتالهمْ
- وَأثَابَهُمْ في الأجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ
مِنْ بَعدِ ما قَنَطوا، فَفَرّجَ عَنهُمُ
- تنزيلُ نصّ مليكنا الوهابِ
وَأقَرَّ عَيْنَ مُحَمّدٍ وَصِحابِهِ،
- وأذلَّ كلَّ مكذبٍ مرتابِ
مُسْتَشْعِرٍ لِلْكُفْرِ دونَ ثِيابِهِ،
- والكفرُ ليسَ بطاهرِ الأثوابِ
عَلِقَ الشّقَاءُ بِقَلْبِهِ، فَأرَانَهُ
- في الكُفْرِ آخِرَ هذِهِ الأحْقَاب
قصيدة لَقَدْ هَتَفَ اليَوْمَ الحَمامُ ليُطرِبَا لجرير
قال جرير :
لَقَدْ هَتَفَ اليَوْمَ الحَمامُ ليُطرِبَا و
- عنيَّ طلابَ الغانيات وشيبا
وَأجْمَعْنَ منكَ النَّفْرَ مِن غيرِ رِيبَة ٍ
- كما ذعرَ الرامي بفيحانَ ربربا
عَجِبتُ لما يَفري الهوَى يومْ مَنعِجٍ
- ويوماً بأعلى عاقل كانَ أعجبا
وأحببتُ أهلَ الغور منْ حب ذي فناً
- وأحببتُ سلمانينَ منْ حبَّ زينبا
يُحَيُّونَ هِنداً، والحِجابانِ دونَها
- بنفسي أهلٌ أنْ تحيا وتحجبا
تَذكّرْتَ و الذّكرَى تَهيجُك وَاعتَرى
- خيالٌ بموماة حراجيجَ لغبا
لَئِنْ سَكَنَتْ تَيْمٌ زَماناً بغِرّة ٍ،
- لقدْ حديتْ تيمٌ حداءً عصبصبا
لقَدْ مَدّني عَمروٌ و زيدٌ من الثّرى
- بأكثرَ مما عندَ تيم وأضيبا
إذا اعتركَ الآورادُ يا تيمُ لم تجدْ
- عناجاً ولا حبلاً بدلوكَ مكربا
وَأعلَقتُ أقْرَاني بتَيمٍ لَقَدْ لَقوا
- قطوعاً لأعناق القرائنَ مجذبا
ولو غضبتْ يا تيمُ أوزيلَ الحصا
- عَلَيكَ تَميمٌ لم تجدد لكَ مغصْبا
وما تعرفونَ الشمسَ إلاَّ لغيركمْ
- ولا منْ منيرات الكواكبَ كوكبا
فَإنّ لَنَا عَمْراً وسَعداً عَلَيكُمُ،
- وَقَمْقَامَ زَيْدٍ والصّريحَ المُهَذَّبَا
سَأُثْني عَلى تَيْمٍ بِمالا يَسُرُّها،
- إذا أرْكُبٌ وَافَوْا بنَعمانَ أرْكُبَا
فإنّكَ لَوْ ضَمّتْكَ يا تَيْمُ ضَمّة ً
- مَنَاكِبُ زَيْدٍ لم تُرِدْ أنْ تَوَثَّبَا
فودتْ نساءُ الدارميينَ لو ترى
- عُتَيْبَة َ أوْ عايَنّ في الخَيلِ قَعْنَبَا
أزيدَ بنَ عبدِ اللهِ هلاَّ منعتمُ
- أُمَامَة َ يَوْمَ الحَارِثيّ وزَيْنَبَا
أخَيْلُكَ أم خَيْلي تَدارَكنَ هانِئاً
- يثرنَ عجاجاً بالغبيطينِ أصهبا
فهلْ جدعُ تيمٍ لا أبالكَ زاجرٌ
- كنَانَة َ، أوْ نَاهٍ زُهَيراً وتَولَبَا
فلا يضغمن الليثُ عكلاً بغرة ٍ
- وعكلٌ يشمونَ الفريسَ المنيبا
وَأخْبِرتُ تَيْماً نادِمِينَ فَسَرّني
- ملامة ُ تيمٍ أمرها المتعقبا
قصيدة أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ لأبي فراس الحمداني
قال أبو فراس الحمداني :
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ ،
- أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ ،
- ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ !
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى
- وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي
- إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ ،
- إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا
- وأحسنَ ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ ، العذرُ
وما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ
- لأحرفها ، من كفِّ كاتبها بشرُ
بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ غَادَة ً
- هوايَ لها ذنبٌ ، وبهجتها عذرُ
تَرُوغُ إلى الوَاشِينَ فيّ، وإنّ لي
- لأذْناً بهَا، عَنْ كُلّ وَاشِيَة ٍ، وَقرُ
بدوتُ ، وأهلي حاضرونَ ، لأنني
- أرى أنَّ داراً ، لستِ من أهلها ، قفرُ
وَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ، وإنّهُمْ
- وإيايَ ، لولا حبكِ ، الماءُ والخمرُ
فإنْ كانَ ما قالَ الوشاة ُ ولمْ يكنْ
- فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ مَا شَيّدَ الكُفرُ
وفيتُ ، وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ
- لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ
وَقُورٌ، وَرَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزّها،
- فتأرنُ ، أحياناً ، كما يأرنُ المهرُ
تسائلني: منْ أنتَ؟ وهي عليمة ٌ،
- وَهَلْ بِفَتى ً مِثْلي عَلى حَالِهِ نُكرُ؟
فقلتُ ، كما شاءتْ، وشاءَ لها الهوى :
- قَتِيلُكِ! قالَتْ: أيّهُمْ؟ فهُمُ كُثرُ
فقلتُ لها: لو شئتِ لمْ تتعنتي ،
- وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ!
قالتْ: لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا!
- فقلتُ: "معاذَ اللهِ! بلْ أنت لاِ الدهرُ،
وَما كانَ ل لأحزَانِ ، لَوْلاكِ، مَسلَكٌ
- إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ
وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ
- إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ
فأيقنتُ أنْ لا عزَّ، بعدي، لعاشقٍ
- وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ صِفْرُ
وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً
- إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ الهَجْرُ
فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها،
- لَهَا الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ العُذْرُ
كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة ً
- على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ
تجفَّلُ حيناً ، ثم تدنو كأنما
- تنادي طلا ـ، بالوادِ ، أعجزهُ الحضرُ
فلا تنكريني ، يابنة َ العمِّ ، إنهُ
- ليَعرِفُ مَن أنكَرْتِهِ البَدْوُ وَالحَضْرُ
ولا تنكريني ، إنني غيرُ منكرٍ
- إذا زلتِ الأقدامِ ؛ واستنزلَ النضرُ
وإني لجرارٌ لكلِّ كتيبة ٍ
- معودة ٍ أنْ لا يخلَّ بها النصرُ
وإني لنزالٌ بكلِّ مخوفة ٍ
- كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ
فَأَظمأُ حتى تَرْتَوي البِيضُ وَالقَنَا
- وَأسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذّئبُ وَالنّسرُ
وَلا أُصْبِحُ الحَيَّ الخَلُوفَ بِغَارَة
- وَلا الجَيشَ مَا لمْ تأتِه قَبليَ النُّذْرُ
وَيا رُبّ دَارٍ، لمْ تَخَفْني، مَنِيعَة ٍ
- طلعتُ عليها بالردى ، أنا والفجرُ
وحيّ ٍرددتُ الخيلَ حتى ملكتهُ
- هزيماً وردتني البراقعُ والخمرُ
وَسَاحِبَة ِ الأذْيالِ نَحوي، لَقِيتُهَا
- فلمْ يلقها جهمُ اللقاءِ ، ولا وعرُ
وَهَبْتُ لهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ
- ورحتُ ، ولمْ يكشفْ لأثوابها سترُ
ولا راحَ يطغيني بأثوابهِ الغنى
- ولا باتَ يثنيني عن الكرمِ الفقر
وما حاجتي بالمالِ أبغي وفورهُ؟
- إذا لم أفِرْ عِرْضِي فَلا وَفَرَ الوَفْرُ
أسرتُ وما صحبي بعزلٍ، لدى الوغى ،
- ولا فرسي مهرٌ ، ولا ربهُ غمرُ !
ولكنْ إذا حمَّ القضاءُ على أمرىء ٍ
- فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ، ولا بحرُ !
وقالَ أصيحابي: الفرارُ أوالردى ؟
- فقُلتُ: هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرّ
وَلَكِنّني أمْضِي لِمَا لا يَعِيبُني،
- وَحَسبُكَ من أمرَينِ خَيرُهما الأسْرُ
يقولونَ لي: بعتَ السلامة َ بالردى
- فَقُلْتُ: أمَا وَالله، مَا نَالَني خُسْرُ
وهلْ يتجافى عني الموتُ ساعة ً
- إذَا مَا تَجَافَى عَنيَ الأسْرُ وَالضّرّ؟
هُوَ المَوْتُ، فاختَرْ ما عَلا لك ذِكْرُه،
- فلمْ يمتِ الإنسانُ ما حييَ الذكرُ
ولا خيرَ في دفعِ الردى بمذلة ٍ
- كما ردها ، يوماً بسوءتهِ " عمرو"
يمنونَ أنْ خلوا ثيابي ، وإنما
- عليَّ ثيابٌ ، من دمائهمُ حمرُ
وقائم سيفي ، فيهمُ ، اندقَّ نصلهُ
- وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ،
- (وفي الليلة ِ الظلماءِ ، يفتقدُ البدرُ )
فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي يَعْرِفُونَه
- وتلكَ القنا، والبيضُ والضمرُ الشقرُ
وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ
- وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ، وَانْفَسَحَ العمرُ
ولوْ سدَّ غيري ، ما سددتُ، اكتفوا بهِ؛
- وما كانَ يغلو التبرُ ، لو نفقَ الصفرُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا،
- لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا،
- ومنْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
أعزُّ بني الدنيا، وأعلى ذوي العلا،
- وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ
قصيدة شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي لصفي الدين الحلي
قال صفي الدين الحلي:
شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
- ونزولي في كلّ يومٍ بوادٍ
ومقيلي ظلُّ المطيّة، والتُّرْ
- بُ فِراشي، وساعداها وسادي
وضَجيعي ماضي المَضاربِ عَضْبٌ
- أصلحتهُ القيونُ من عهدِ عادِ
أبيضٌ أخضرُ الحديدة ِ ممّا
- شقّ قدماً مرائرَ الآسادِ
وقميصي درعٌ كأنّ عُراها
- حبكُ النّملِ أو عيونُ الجرادِ
ونَديمي لَفظي، وفكري أنيسي،
- وسروري مائي، وصبريَ زادي
ودليلي من التوسّمِ في البيـ
- ـدِ لِبادي الأعلامِ والأطوادِ
وإذا ما هدَى الظّلامُ، فكَمْ لي
- من نُجومِ السّماءِ في السبل هادي
ذاكَ أنّي لا تَقبَلُ الضّيمَ نَفسي،
- ولو أنّي افترشتُ شوكَ القتادِ
هذه عادّتي، وقد كُنتُ طِفلاً،
- وشَديدٌ عليّ غَيرُ اعتِيادي
فإذا سرتُ أحسبُ الأرضَ ملكي،
- وجَميعَ الأقطارِ طوعَ قِيادي
وإذا ما أقَمتُ، فالنّاسُ أهلي،
- أينَما كنتُ، والبلادُ بلادي
لا يَفوتُ القُبولُ مَن رُزِقَ العَقـ
- ـلَ وحُسنَ الإصدارِ والإيراد
وإذا صَيّرَ القَناعة دِرْعاً
- كانَ أدعى غل بلوغِ المُرادِ
لَستُ ممّنْ يَدِلُّ مَع عَدَمِ الجَـ
- ـدّ بفِعْلِ الآباءِ والأجداد
ما بَنيتُ العَلياءَ إلاّ بجَديّ،
- وركوبي أخطارَها واجتهادي
وبلَفظي، إذا ما نَطَقتُ، وفَضلي،
- وجدالي عن منصبي وجلادي
غَيرَ أنّي، وإنْ أتَيتُ منَ النّظْـ
- ـمِ بلَفْظٍ يُذيبُ قَلبَ الجَماد
لَستُ ك البحتريّ أفخَرُ بالشّعْـ
- ـرِ وأَثني عِطفَيّ في الأبراد
وإذا ما بَنَيتُ بَيتاً تَبَختَرْ
- تُ كأنّي بنيتُ ذاتَ العِمادِ
إنّما مَفخَري بنفسي، وقَومي،
- وقناتي، وصارمي، وجوادي
معشرٌ أصبحتْ فضائلُهم في الأرْ
- ضِ تُتلَى بألسُنِ الحُسادِ
ألبسوا الآملينَ أثوابَ عزِّ،
- وأذلّوا أعناقَ أهلِ العِنادِ
كم عَنيدٍ أبدى لنا زُخرُفَ القَوْ
- لِ وأخفَى في القلبِ قدحَ الزّنادِ
ورمانا من غدرهِ بسهامٍ،
- نَشِبَتْ في القُلُوبِ والأكباد
فسرينا إليهِ في أجمِ السُّمْـ
- ـرِ بغابٍ يسيرُ بالآسادِ
وأتَينا مِن الخُيولِ بسَيْلٍ
- سالَ فوقَ الهِضابِ قبلَ الوِهاد
وبرزنا منَ الكماة ِ بأطوا
- دِ حُلومٍ تَسري على أطواد
كلّما حاولوا الهوادَة َ منّا
- شاهدوا الخيلَ مُشرفاتِ الهَوادي
وأخذنا حقوقنا بسيوفٍ
- غنيتْ بالدّما عنِ الأغمادِ
فكأنّ السيوفَ عاصِفُ ريحٍ
- وهُمُ في هبوبِها قومُ عادِ
حاولتْ رؤوسهمْ صعوداً فنالتـ
- ـهُ ولكنْ من رؤوسِ الصِّعادِ
فَلَئِنْ فَلّتِ الحَوادِثُ حَدّي
- بعدَما أخلصَ الزّمانُ انتقادي
فلقد نلتُ من مُنى النّفسِ ما رُمْـ
- ـتُ وأدركتُ منهُ فوقَ مُرادي
وتحَقّقتُ انّما العَيشُ أطوا
- رٌ كلٌّ مصيرُهُ لنفادِ
قصيدة سَئِمْتُ الحياة َ وما في الحياة ِلأبي القاسم الشّابي
قال أبو القاسم الشّابي :
سَئِمْتُ الحياة، وما في الحياة ِ
- وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ
سَئِمتُ اللَّيالي، وَأَوجَاعَها
- وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ
فَحَطّمتُ كَأسي، وَأَلقَيتُها
- بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ
فأنَّت، وقد غمرتها الدموعُ
- وَقَرّتْ، وَقَدْ فَاضَ مِنْهَا الحَبَابْ
وَأَلقى عَلَيها الأَسَى ثَوْبَهُ
- وَأقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئَابْ
فَأَينَ الأَمَانِي وَأَلْحَانُها؟
- وأَينَ الكؤوسُ؟ وَأَينَ الشَّرابْ
لَقَدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلاَمِ
- وَقَدْ رَشَفَتْها شِفَاهُ السَّرابْ
فَمَا العَيْشُ فِي حَوْمة ٍ بَأْسُهَا
- شديدٌ، وصدَّاحُها لا يُجابْ
كئيبٌ، وحيدٌ بآلامِه
- وأَحْلامِهِ، شَدْوُهُ الانْتحَابْ
ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزَاهِيرُهَا
- فنِمْنَ، وقَد مصَّهُنَّ التّرابْ
لَوينَ النَّحورَ على ذِلَّة ٍ
- ومُتنَ، وأَحلامَهنَّ العِذابْ
فَحَالَ الجَمَالُ، وَغَاضَ العبيرُ
- وأذوى الرَّدى سِحرَهُنَّ العُجابْ
قصيدة قال السماء كئيبة! وتجهّما لإيليا أبو ماضي
قال إيليا أبو ماضي :
قال السماء كئيبة! وتجهّما
- قلت: ابتسم يكفي التجهّم في السما!
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم
- لن يُرجع الأسف الصِّبا المُتصرّما!!
قال: التي كانت سمائي في الهوى
- صارت لنفسي في الغرام جــهنّما
خانت عــــهودي بعدما ملَّكـتُها
- قلبي، فكيف أطيق أن أتبسَّــما!
قلـــت: ابتسم واطرب فلو قارنتها
- لقضيتَ عــــمرك كــلّه مُتألّما
قال: الــتجارة في صراع هائل
- مثل المسافر كاد يقتله الـــظّما
أو غادة مسلولة محــتاجة
- لدم، وتنفث كلما لهثت دما!
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
- وشفائها، فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرماً وتبيت في
- وَجَلٍ كأنك أنت صرت المجرما؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم
- أَأُسرُّ والأعداء حولي في الحِمى؟
قلت: ابتسم، لم يطلبوك بذمّهم
- لو لم تكن منهم أجل وأعظما!
قال: المواسم قد بدت أعلامها
- وتعرضت لي في الملابس والدمى
وعلي للأحباب فرض لازم
- لكن كفّي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم، يكفيك أنّك لم تزل
- حيّاً، ولست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرّعتني علقما
- قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعلّ غيرك إن رآك مُرنّما
- طرح الكآبة جانباً وترنّما
أتُراك تغنم بالتبرّم درهما
- أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟
يا صاح، لا خطرٌ على شفتيك أن
- تتثلما، والوجه أن يتحطّما
فاضحك فإن الشُّهب تضحك والدُّجى
- متلاطم، ولذا نُحبّ الأنجما!
قال: البشاشة ليس تسعد كائناً
- يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت ابتسم ما دام بينك والرّدى
- شبرٌ، فإنّك بعد لن تتبسّما
قصيدة وَلَقَد مُتّ غَيرَ أَنِّيَ حَيُّ لبدر شاكر السياب
قال بدر شاكر السياب :
وَلَقَد مُتّ غَيرَ أَنِّيَ حَيُّ
- يَومَ بانَت بِوُدِّها خَنساءُ
مِن بَني عامِرٍ شِقُّ نَفسي
- قِسمَةً مِثلَما يُشَقُّ الرِداءُ
أَشرَبَت لَونَ صُفرَة في بَياضٍ
- وَهيَ في ذاكَ لَدنَةٌ غَيداءُ
كُلُّ عَينٍ مِمَّن يَراها مِنَ النا
- سِ إِلَيها مُديمَةٌ حَولاءُ
فَاِنتَهوا إِنَّ لِلشَدائِد أَهلاً
- وَذَروا ما تُزَيِّنُ الأَهواءُ
لَيتَ شَعري وَأَينَ مِنّي لَيتٌ
- إِن لَيتاً وَإِن لَوّاً عَناءُ
أَيُّ ساعٍ سَعى لِيَقطَعَ شِربي
- حينَ لاحَت لِلصابِحِ الجَوزاءُ
وَاِستَظَلَّ العُصفورُ كُرهاً مِعَ الضَب
- ب وَأَوفى في عودِهِ الحِرباءُ
وَنَفى الجُندُبُ الحَصى بِكُراعَي
- وأذكَت نيرانَها المَعزاءُ
مِن سُمومٍ كَأَنَّها حَرُّ نارٍ
- سَعَفتَها ظَهيرَةٌ غَرّاءُ
وَإِذا أَهلُ بَلدَةٍ أَنكَروني
- عَرَفَتني الدَوُيَّةُ المَلساءُ
عَرَفَت ناقَتي الشَمائِلَ مِنّي
- فَهيَ إِلّا بُغامها خَرساءُ
عَرَفَت لَيلَها الطَويلَ وَلَيلى
- إِنَّ ذا اللَيلَ لِلعُيونِ غِطاءُ
قصيدة سُرُورا جنينا وسرّا عجيبا لعلي الغراب الصفاقسي
قال علي الغراب الصفاقسي:
سُرُورا جنينا وسرّا عجيبا
- أعاد الشّباب وزان المشيبا
وقد عمّ كلّ الورى أنسه
- فلم تر في النّاس شخصا كئيبا
فلم يشكُ دهرا أخُو حاجة
- ولا أوحش البينُ يوما غريبا
بختن بني الملك من لم تجد
- لهم في بني الدّهر يوما ضريبا
أُسودُ شرى ونُجومُ سُرى
- شُموسُ ضُحى في العلى لن تغيبا
سليمان يتلوهُ حمّودةٌ
- ونجلا مليك تسامى حسيبا
أيا ملك الفضل فاهنأ وطب
- بذا الختن قلبا وصدرا رحيبا
وأصغ لما قال تاريخهُ
- ختانٌ به اللهُ زادك طيبا
قصيدة هَاجَكَ مِنْ أَرْوَى كَرَسِّ الأَسْقَامْ لرؤبة بن العجاج
قال رؤبة بن العجاج :
هَاجَكَ مِنْ أَرْوَى كَرَسِّ الأَسْقَامْ
- وَمَنْزِلٍ بَالٍ كَخَطِّ الأَقْلامْ
وَالدَهْرُ يَهْوِي بِالفَتَى فِي أَسْوامْ
- إِلَى تَقَضِّي أَجَلٍ أَوْ إِهْرامْ
وِمِنْ عَناءِ المَرْءِ طُولُ التَهْيَامْ
- وَبَلْدَةٍ فِي ضَاحِلٍ وَأَقْتامْ
عَلَى هَوَادِيهَا أُرُومُ الآرامْ
- خَوْصَاءَ تَرْمِي رَكْبَهَا بِالأَجْرَامْ
بَيْنَ البَيَادِي مِنْ صَدَاها الهَيَّامْ
- مِنْ صائِحِ الهامِ وَبُوم الأَبْوامْ
بادَرْتُ وِرْداً مِنْ قَطَاهَا النَأَّامْ
- إِلَى مُحِيلَاتِ المَسَاقِي أَسْدامْ
مِنْ دَاثِرٍ دَفْرٍ وَمِنْ داوٍ طامْ
- يَصْدُرْنَ فِي عَارِي المَعَارِي نَهَّامْ
بِقُلُصٍ يَصْدُعْنَ بَيْن الأَوْجَامْ
- ضَرْحَ المَعَالِي عَنْ قِيَاس الأَنْشامْ
تَرَى ذُرَى أَصْوَائِهَا فِي الآكامْ
- يَقْمِصْنَ فِي الآلِ اهْتِزازَ الدُوَّامْ
وَقُلْت أَقْوَالَ مُحِيطٍ عَمَّامٍْ
- لَا يَنْبَغِي الذِكْرُ بِضِبْسٍ شَتّامْ
وَمِدْحَتِي قَوْمِي بِمَنْعِي الأَحْشامْ
- إِنَّ تَمِيماً بِمُنىً بِالإِتْمَامْ
وَنَجَلَتْ كُلُّ حَصانٍ مِتْآمْ
- لَهُ عَلَى رَغْمِ الحَسُودِ الرَغَّامْ
بِكُلِّ مَحْمُودِ الدَسِيعِ هِلْقامُ
- إِنَّ تَمِيماً تُبْتَلَى بِأَقْوامْ
لَيْسُوا بِأَخْوَالٍ وَلَا بِأَعْمَامْ
- لَنَا إِذَا اهْتَزَّ الشَبَا فِي الأَشْطامْ
لَا يَتَوَقُّونَ حُدُودَ الإِسْلَامْ
- مِنْ رِقَّةِ الدِينِ وَبُعْد الأَرْحامْ
أَخْبَثُ أَحْزابٍ وَشَرُّ أَحْزامْ
- ناصِرُهُمْ مِنْ فَاسِقٍ وَخَدَّامْ
مِنْهُمْ لُكَيْزٌ وَهْيَ شَنُّ الأَصْرَامْ
- وَنُكْرُهَا العَادُّونَ طُور الأَقْسامْ
وَالأَسْدُ وَالأَسْدُ صِغَار الأَحْلامْ
- رُدُّوا إِلَى قَمَاءَةٍ وَأَلآمْ