جعفر الطيار هو الصحابي الجليل أبو عبد الله جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، وهو ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو شبيهُهُ في الخَلْق والخُلُق، وكان يُحبه حباً كبيراً، ويفرح لرؤيته كثيراً، حتى أنه قال:
(واللَّهِ ما أدري بأيِّهما أفرَحُ ؟ بفتحِ خَيبرَ أم بقُدومِ جعفَرٍ)،
وقد لُقبَ جعفر -رضي الله عنه- بالطيار؛ لأن الله -تعالى- أبدله بجناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة، بعد أن قُطعت يداه يوم استشهاده في غزوة مؤتة .
إنجازات جعفر الطيار
وردت العديد من المناقب والفضائل لجعفر الطيار -رضي الله عنه- التي نستطيع أن نذكر بعضها في إطار الإنجازات، ومنها:
- كان جعفر من السابقين الأولين في الإسلام، فقد أسلم في مكة مُبكِّراً في بداية الدعوة الإسلامية.
- ك ان دخوله في الإسلام حَميَّةً وحِمايةً للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الأذى، ونصراً وعزَّاً للمسلمين، فقد كانوا أذلاء مقهورين، يُقاسون أنواع العذاب من قريش.
- قام جعفر بأسلوبه الفذ وذكائه وحكمته بإقناع النجاشي بصدق دعوة الإسلام وأحقية رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بذلك حمى المسلمين من الخطر العظيم الذي كان محدقاً بهم، وذلك عندما ناظرَ عمرو بن العاص الذي جاء مع المشركين في ذلك الوقت، وكانوا يريدون من النجاشي أن يُسلمهم المسلمين، ولكن جهودهم باءت بالفشل بفضل الله -تعالى- وتوفيقه.
- كان إسلام النجاشي ملك الحبشة على يدي جعفر -رضي الله عنه-.
- كان جعفر أول من عُقر فرسه في الإسلام.
- قام جعفر بالمحافظة على لواء المسلمين مرفوعاً في معركة مؤتة، وقد كلفه ذلك التضحية بكلتا ذراعيه وبحياته كلها حيث ارتقى شهيداً.
صفات جعفر الطيار
الصفات الخَلْقية
إن صفات جعفر الطيار تتقدم الصفوف الأولى من الكمال البشري، فقد كان يشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- في صفاته الخَلْقية، حيث خاطبه النبي يوماً فقال: (أشْبَهْتَ خَلْقي وخُلُقي) ، ومن ذلك نعلم أنه كان جميلاً جداً لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أجمل الخلق على الإطلاق، وأكملهم في الصفات الحسنة والبهاء.
الصفات الخُلُقية
اتصف جعفر -رضي الله عنه- بأكمل الأخلاق وأفضلها كما شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم بذلك، ومن تلك الصفات:
- الجود والكرم: فقد كان جواداً كريماً واشتُهر بإطعامه الطعام للفقراء والمساكين، حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كنَّاهُ بأبي المساكين، وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قوله: (وكانَ أخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بنُ أبِي طَالِبٍ؛ كانَ يَنْقَلِبُ بنَا فيُطْعِمُنَا ما كانَ في بَيْتِهِ، حتَّى إنْ كانَ لَيُخْرِجُ إلَيْنَا العُكَّةَ الَّتي ليسَ فِيهَا شَيءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ ما فِيهَا).
- التواضع: ومما يدل على تواضعه أنه لم يعترض على تأمير زيد بن حارثة على جيش مؤتة وهو فيه، جاء في الحديث: (بعثَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ- جيشَ الأمراءِ وقالَ: عليكُم زيدُ بنُ حارثةَ، فإن أصيبَ زيدٌ، فجعفرٌ، فإن أُصيبَ جعفرٌ، فعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ الأنصاريُّ، فوثبَ جعفرٌ فقالَ: بأبي أنتَ يا رسول اللَّهِ وأمِّي، ما كنتُ أرهبُ أن تستَعمِلَ عليَّ زيدًا قالَ: امضوا، فإنَّكَ لا تدري أيُّ ذلِكَ خيرٌ).
- الشجاعة والتضحية: فقد كان من أشجع الناس وأشدهم بأساً، فجاهد في سبيل الله -تعالى- بكل ما أوتي من قوة، وقاتل في معارك الإسلام قتالاً عظيماً، وقد استُشهد في غزوة مؤتة وفي جسده بضعٌ وتسعون طعنة، حيث كان هو الأمير الثاني لجيش المسلمين بعد استشهاد أميره الأول زيد بن حارثة ، وقد ضحَّى جعفرُ -رضي الله عنه- بحياته وهو يستميت في رفع راية المسلمين، فقد أمسك الراية بيده اليسرى بعد أن قُطعت يده اليمنى، ثم قُطعت اليسرى أيضاً، فاحتضن الراية بعضديه حتى سقط على الأرض شهيداً مقداماً.