إكرام الضيف في الإسلام
إكرام الضيف في الإسلام
دعا الإسلام إلى التزام مكارم الأخلاق ، وجعلها سبباً لدخول الجنّة، فقد سئل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن أكثر الأعمال التي تُدخل الجنة فقال: (تَقوى اللَّهِ وحُسنُ الخلُقِ)، وإكرام الضيف من الأخلاق التي دعا إليها الشرع وتتعلّق به عدّة أمورٍ بيانها فيما يأتي:
- إكرام الضيف من الأخلاق التي دعا الإسلام المسلم إلى التحلّي بها؛ لِما فيها من نشر الألفة والمحبة بين الناس، فضلاً عن أثرها في تماسك المجتمع وترابطه، وقد تجلّى هذا الخلق العظيم في قصة إكرام النّبي إبراهيم -عليه السلام- الملائكة لمّا جاءته، فأحسن استقبالهم وقدّم لهم عجلاً سميناً وقرّبه إليهم زيادةً في إكرامهم، على الرغم من عدم معرفته إيّاهم وعدم علمه بأنّهم ملائكةٌ، فكان إبراهيم أول من أضاف الضيف.
- حدّد الشرع المدّة التي ينبغي للمُستضيف ضيافة ضيفه بثلاث أيامٍ، أمّا ما بعدها فيُعدّ كرماً من المُضيف وصدقةً منه عليه، وإنّه يلزم بالمقابل أن يلتزم الضيف باحترام المضيف، وألّا يستثقل عليه بأي شكلٍ، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن خويلد بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جائِزَتُهُ يَوْمٌ ولَيْلَةٌ، والضِّيافَةُ ثَلاثَةُ أيَّامٍ، فَما بَعْدَ ذلكَ فَهو صَدَقَةٌ، ولا يَحِلُّ له أنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حتَّى يُحْرِجَهُ).
- أشار الشرع إلى أنّ إكرام الضيف سببٌ للبركة وتوسعة الرزق ، أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (طَعامُ الِاثْنَيْنِ كافِي الثَّلاثَةِ، وطَعامُ الثَّلاثَةِ كافِي الأرْبَعَةِ).
أحاديث في إكرام الضيف
وردت أحاديث صحيحة تحدّثت عن فضل إكرام الضيف، منها:
- أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (وإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا).
- أخرج الإمام البخاريّ عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (قُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بقَوْمٍ فلا يَقْرُونَنَا، فَما تَرَى؟ فَقالَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ نَزَلْتُمْ بقَوْمٍ فأمَرُوا لَكُمْ بما يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فإنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا منهمْ حَقَّ الضَّيْفِ الذي يَنْبَغِي لهمْ).
مظاهر إكرام الضيف
أولاً: الترحيب بالضيوف
يُستحسن بالضيف الترحيب بضيوفه والاستبشار بقدومهم وإظهار التودّد إليهم، وعدم التأفّف من مجيئهم، أخرج البخاري عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (لَمَّا قَدِمَ وفْدُ عبدِ القَيْسِ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَرْحَبًا بالوَفْدِ، الَّذِينَ جَاؤُوا غيرَ خَزَايَا ولَا نَدَامَى).
ثانياً: عدم الإسراف في ضيافة المضيف
الإسراف منهيٌ عنه في جميع الأحوال، والأصل أن يعمد الإنسان في ضيافته إلى ما هو متعارف عليه بين الناس في الضيافة، وما هو على قدر استطاعته بما تيسّر دون تكلّفٍ.
ثالثاً: توقير العلماء وكبار السن
الجدير بالمضيف أن يبدأ بضيافة الكبار احتراماً لهم وإظهاراً لقدرهم وتوقيرهم، فإنّ توقير الكبير أمرٌ مطلوبٌ شرعاً، ثم من السنّة أن يقدّم الإيمن فالأيمن ودليل ذلك ما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّهُ رَأَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا، وأَتَى دَارَهُ، فَحَلَبْتُ شَاةً، فَشُبْتُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ البِئْرِ، فَتَنَاوَلَ القَدَحَ فَشَرِبَ، وعَنْ يَسَارِهِ أبو بَكْرٍ، وعَنْ يَمِينِهِ أعْرَابِيٌّ، فأعْطَى الأعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قالَ: الأيْمَنَ فَالأيْمَنَ).
رابعاً: مصاحبة الضيف لباب البيت عند خروجه
يُسنّ للمضيف مصاحبة الضيف عند إرادة مغادرته البيت إلى باب المنزل احتراماً له وتوددّاً إليه حتى لا يشعر بالإحراج بالخروج وحده.
خامساً: الدعاء للمُضيف
يستحبّ من باب تأليف القلوب وإسعاد المُضيف أن يدعو الضيف له بالخير والرزق شكراً له على حسن استقباله وضيافته، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلام طعِم عند سعدِ بنِ عُبادةَ، فلمَّا فرغ قال: أكلَ طعامُكم الأبرارُ، وصلَّتْ عليكم الملائكةُ، وأفطر عندكم الصَّائمونَ).
سادساً: عدم إيذاء الضيف
لا يجوز إيذاء الضيف بأي شكلٍ كان قولًا أو فعلًا، فليس من أخلاق المسلم ذلك، والشرع لا يرضى ذلك بحالٍ، وعلى المُضيف أن يحسن استقبال ضيفه فيسامره ويبادله أطراف الحديث بما هو خيرٌ، ويتجنّب الغيبة والنميمة وكلّ ما من شأنه أن يفسد المجلس.