إظهار الفرح بالعيد من تعظيم شعائر الله، فكيف يكون؟

الأعياد في الإسلام
شرع الله لنا من الأعياد ما يفرحنا دون بطر، وما يحدد شخصيتنا دون تقليد، وما يشيع في حياتنا السعادة والاستقرار، حيث جاء الإسلام وفي الناس عادات وتقاليد، فكان شأنه من تلك العادات والتقاليد أن أقر منها الصالح الذي يسمو بالإنسانية ويرقى بها، ويعطيها القوة والصلاح، ورفض ما عدا ذلك، أما الأعياد التي شرعها الإسلام فهي عيدان، عيد الفطر، وعيد الأضحى، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كان لكم يومانِ تلعبونَ فيهما، وقدْ أبدَلَكم اللهُ بهما خيرًا منهما: يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحَى)، أولهما يأتي بعد انتهاء شهر رمضان المبارك مباشرة وهو عيد الفطر وهو يوم الفطر نفسه، الموافق أول يوم من شوال، جعله الله عيداً لإتمام المسلم فريضة الصيام، أما عيد الأضحى: فهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يلي عرفة، وسمي عيداً شكراً لله للتوفيق لفريضة الحج.
إظهار الفرح بالعيد من شعائر الله
إظهار الفرح والسرور في العيد جائز بل مندوب في الإسلام، وهو مما شرعه الله -تعالى- لعباده، ولأن الله -عز وجل- جعل في هذه الأعياد شعائر دينية ظاهرة كصلاة العيد والخطبة والذبح، فقد كان من أعمال القلوب أن تعظم هذه الشعائر وتظهر الفرح بها لقول الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، ولذلك فإن إظهار الفرح بالعيد من شعائر الله -عز وجل-.
كيفية إظهار الفرح بالعيد
يظن بعض الناس أن الإذن بالفرح والاحتفال يعني جواز فعل المحظورات والمحرمات، فيطلق لنفسه العنان لتفعل ما تشاء مما تهوى، ولا يهتم بما يفعله أهله وأولاده إن كان فيه مخالفات شرعية أم لا، محتجاً بالعيد ومشروعية الفرح فيه، وهذا غير صحيح؛ لأن الدين الإسلامي دين الوسطية فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا إجحاف، وهذا هو حال الإسلام في جميع أموره فهو لا يعتني بناحية دون أخرى، وهذه الوسطية تدل على اعتداله، ولذلك فإن هنالك مظاهر للاحتفال بالعيد في الإسلام وطرقا لإظهار الفرحة به، نبينها فيما يلي:
الخروج إلى صلاة العيد
صلاة العيد شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، التي حث عليها الشرع المطهر، وسنة مؤكدة عند جماهير العلماء، بل اعتبرها البعض واجبة، لذا كان حرياً بالمسلم أن يحافظ على هذه الشعيرة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فيخرج إليها الرجال والنساء والصغار، ومن السنة أن يخرجوا مشياً على الأقدام، وأن تخرج حتى المرأة الحائض، لما جاء في صحيح مسلم: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قالَتْ: أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إحْدَانَا لا يَكونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِن جِلْبَابِهَا).
التزين في الثياب
من مظاهر الفرح أن يبدو المسلم بأبهى صورة وأفضلها ومن السنة أن يلبس الجديد، فإن لم يجد فثياب جميلة ونظيفة وأن يتطيب لتكون رائحته عطرة جميلة وهذا مما جاء عن الصحابة في إظهار الفرحة بالعيد، قال ابن المنذر: كان ابن عمر يصلي الفجر وعليه ثياب العيد، وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الزينة والطيب في كل عيد، واستحبه الشافعي، وخرج البيهقي بإسناد صحيح عن نافع، أن ابن عمر -رضي الله عنه- كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه.
الضرب بالدف والغناء
أباح الرسول -صلى الله عليه وسلم- الغناء والضرب بالدفوف في يوم العيد لما فيه من إظهار الفرح والسرور بالعيد لما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ أبَا بَكْرٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَهَا يَومَ فِطْرٍ أوْ أضْحًى، وعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بما تَقَاذَفَتِ الأنْصَارُ يَومَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: دَعْهُما يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ).
اللعب في يوم العيد
أَذِنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- باللعب والنظر إلى اللعب في يوم العيد لما فيه من ترويح على النفس وإظهار للسرور وبث للسعادة بين المتواجدين، لما جاء في قصة لعب الأحباش في المسجد يوم العيد بالحراب وعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- تنظر إليهم، وقد جاء في الحديث الذي روته عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ يَومَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودانُ بالدَّرَقِ والحِرابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإمَّا قالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فأقامَنِي وراءَهُ، خَدِّي علَى خَدِّهِ، وهو يقولُ: دُونَكُمْ يا بَنِي أرْفِدَةَ حتَّى إذا مَلِلْتُ، قالَ: حَسْبُكِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فاذْهَبِي) ، ومعنى قوله -عليه السلام-: (دونكم يا بني أرفدة): أي الزموا ما أنتم عليه، وفيه إقرار منه لفعلهم.
مخالفة طريق العودة من صلاة العيد
من السنة الشريفة أن يذهب المسلم لأداء صلاة العيد من طريق وأن يغيرها حين عودته، لما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ)، وذلك لإظهار شعائر العيد وليعم الفرح بسائر الطرقات وبين جميع البيوت وهو الأدعى لتفقد أحوال المسلمين بعضهم لبعض ولإفشاء السلام بينهم في هذا اليوم العظيم.
التبسم وإدخال السرور على الأهل
للابتسامة في هذا الدين شأن عظيم وأجرها كأجر الصدقة وهي مطلوبة في سائر الأوقات، إلا أن التبسم والبشاشة في وجوه المسلمين وعدم العبوس يكون أدعى في العيد الذي فيه يتجلى الفرح بكل أشكاله، وهذا مما حث عليه النبي الكريم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ)، ومن المستحب إدخال السرور على أهل البيت و صلة الرحم وتفقد الأقارب في أيام العيد لتعم السعادة ويسود الفرح في هذا اليوم العظيم.