إسهامات الأنثروبولوجيا التطبيقية
تعريف الأنثروبولوجيا التطبيقية
تُعرّف الأنثروبولوجيا التطبيقية بأنّها إحدى فروع علم الأنثروبولوجيا، التي تعتمد على أُسس خدمة المجتمع عمليًا من خلال توظيف نتائج البحوث الأنثروبولوجية وفقًا لاحتياجات المجتمع والدولة، وتعود نشأة هذا الحقل إلى نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين في أوروبا عندما جُمعت المعلومات الإثنوغرافية الخاصّة بالشعوب البلجيكية والفرنسية والهولندية.
وُظّفت هذه البيانات في خدمة مؤسسات الدولة، وتعدّ الحكومة المكسيكية أوّل من اعترف رسميًا بالفائدة الكبيرة لهذا العِلم، وكان ذلك في عام 1917م، وتتميز الأنثروبولوجيا بأنّ أغلب فروعها ذات جانب تطبيقي، فعلماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية يعملون في التصميم الصناعي ويهتمون ب علم الأركيولوجيا كضرورة ومصدر رئيسي لتاريخ الشعوب.
علاقة الأنثروبولوجيا التطبيقية بالعلوم الطبيعية
يعدّ علم الأنثروبولوجيا من العلوم الحديثة التي تُعنى بدراسة الإنسان ككائنٍ حي وعضويٍ يعيش في نظام اجتماعي وفقًا لقوانين معينة وتعرف بعلم الأناسة أيّ علم الإنسان، وارتبطت الأنثروبولوجيا منذ نشأتها بالعلوم الأخرى، ومن أهمّها علم الأحياء، وهو العلم الذي يدرس الكائنات الحية باختلاف أنواعها، ومن أهم هذه الكائنات؛ الإنسان.
تعدّ علوم وظائف الأعضاء وعلوم التشريح من العلوم التي تتفرّع من علم الأحياء، والتي تهدف إلى دراسة التطوّر الذي يحدث لأعضاء الإنسان، لذلك كانت نظرية التطوّر محورًا رئيسيًا يربط بين الأنثروبولوجيا عامةً والعلوم الطبيعية، ف الأنثروبولوجيا التطبيقة تسهم بالربط بين علم الإنسان وبين التطور الذي رافقه عبر العصور، وبذلك يمكن فهم الجذور النظرية للحال التي هو عليها الآن.
تدرُس نظرية التطوّر بالتفصيل التغيُّرات التي تحصل لأجسام وأجناس الكائنات الحية في مختلف أنواعها، كما تهتّم بمعرفة التغيّر الحاصل لأعضاء هذه الكائنات ووظائفها، ومن الناحية العملية والتطبيقية؛ يساعد التطوّر في التنبؤ بمستقبل الكائنات الحية وأهمّها الإنسان ومعرفة مآل البشرية، وتصنيفها وفقًا لأنماط عامةٍ، ومعرفة السبب الرئيسي والجذري في التغيّر الحاصل لا يكون إلّا بالرجوع إلى تاريخ التراث الإنساني، وإجراء دراسات مقارنةً بالحاضر.
أمثلة على الإسهامات التطبيقية للأنثروبولوجيا
يُوجد العديد من الأمثلة على الإسهامات التطبيقية لعلم الأنثروبولوجيا، ومن أهمها:
- قام العديد من الباحثين المتخصصين في علم الأنثروبولوجيا في كل من بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية بإجراء دراسات بيئية ودراسات خاصة بالنّوع الاجتماعي، وبعد تقديم نتائج هذه الدراسات لمؤسسات صنع القرار والحكومة، أُخذت الإجراءات المناسبة وفقًا لنتائجها.
- يعدّ الإسهام الأبرز للأنثروبولوجيا التطبيقة هو ما قام به علماء الأنثروبولوجيا في أستراليا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي عندما وظّفوا نتائج الدراسات الأنثروبولوجية في التعزيز من حقوق الإنسان، وتنفيذ سياسات تتبنى العدالة، وكان لدراسة العالم فرانز بواس التي أثبتت علميًا أن فكرة التمايز العرقي ليست صحيحة أثرًا كبيرًا على القوانين الدولية.
- كان للدراسات الأنثروبولوجية دور مهم في مواجهة السياسات الاستعمارية التي تبنّتها الدول العظمى في القرن العشرين، مما ساعد في انتزاع حقوق الدول الخاضعة للاستعمار في النضال لنيل استقلالها.