إستئصال المرارة بالمنظار
استئصال المرارة بالمنظار
تُعدّ عملية استئصال المرارة بالمنظار (بالإنجليزية: Laparoscopic cholecystectomy) إحدى العمليّات الجراحيّة التي قد يتمّ اللجوء إليها في حال التهاب المرارة أو الحويصلة الصفراويّة (بالإنجليزية: Gallbladder)؛ وهي عبارة عن عضو كمثريّ الشكل يتموضع أسفل الكبد، وتتمثل وظيفتها الرئيسيّة بتخزين العصارة الصفراويّة؛ وهو سائل يتمّ تصنيعه في الكبد للمساعدة على هضم الدهون، ويكون التهاب المرارة مصحوبًا بالألم وظهور بعض الأعراض الأخرى، ممّا قد يستدعي استئصال المرارة في بعض الحالات، ومن الجدير بالذكر أنّه يمكن متابعة ممارسة الحياة بشكلٍ طبيعيّ بعد استئصال المرارة، حيث لا يؤدي استئصال المرارة في أغلب الحالات إلى حدوث مضاعفاتٍ صحيّة.
تُجرى عمليّة استئصال المرارة بالمنظار بإجراء عدد من الشقوق الصغيرة في البطن ويتم استخدام المنظار؛ وهو عبارة عن أنبوب مرن وطويل مزود بكاميرا تساعد الطبيب على توجيه ومراقبة العمل الجراحيّ على شاشة خاصّة في غرفة العمليّات، وتتميّز هذه الطريقة في استئصال المرارة بعدم الحاجة إلى إجراء جرح كبير في عضلات البطن مقارنةً بالجراحة المفتوحة، وعلى الرغم من الحاجة إلى إجراء عدّة شقوق صغيرة في البطن، إلإّ أنّ كل شق من هذه الشقوق يكون أصغر بكثير من الشق المفتوح الذي يُجرى في الجراحة المفتوحة، ويترتب على ذلك تعافي الشخص بشكلٍ أسرع، وشعوره بألم أقل بعد إجراء العملية، وحاجته إلى البقاء في المستشفى لمدة أقل مقارنةً بالجراحة المفتوحة، وبالتالي يكون الشخص قادرًا على العودة للعمل خلال مدّة أقصر، وفي سياق الحديث نذكر أنّ معظم عمليّات استئصال المرارة بالمنظار يتم إجراؤها في العيادات الخارجيّة، حيث يعود الشخص للمنزل في نفس اليوم للتعافي والحصول على الراحة.
دواعي استئصال المرارة بالمنظار
لا يتمّ اللجوء إلى عمليّة استئصال المرارة بالمنظار في العادة إلّا في حال عدم نجاح الطرق العلاجيّة الأخرى التي تكون فيها فرصة حدوث المضاعفات الصحيّة أقل، ويتمّ إجراء هذه العمليّة لعلاج أمراض المرارة وبعض الحالات الصحية المرتبطة بالبنكرياس، علمًا أنّه يجب استشارة الطبيب والاستفسار عن الخيارات العلاجيّة الأخرى ومناقشتها قبل استئصال المرارة، أمّا بالنسبة للحالات التي قد تستدعي اسئصال المرارة بالمنظار، ففيما يأتي بيان هذه الحالات:
- تحصي المرارة: أو ما يُعرف بحصوات المرارة (بالإنجليزية: Cholelithiasis)؛ حيث قد تستدعي هذه الحالة اسئصال المرارة في حال تسببت الحصوات بألم شديد ومتكرر.
- التهاب المرارة: أو التهاب الحويصلة الصفراويّة (بالإنجليزية: Cholecystitis)؛ حيث يحدث التهاب المرارة نتيجة انسداد القناة الصفراوية بفعل الحصى، حيث تنقل القنوات الصفراويّة العصارة الصفراوية من أو إلى المرارة، ممّا يؤدي إلى الشعور بألم شديد يُعرف بالمغص المراريّ أو الصفراويّ (بالإنجليزية: Biliary colic).
- تحصّيّ القناة الصفراويّة: (بالإنجليزية: Choledocholithiasis)؛ في هذه الحالة تتشكّل الحصوات داخل المرارة ثمّ تنتقل إلى القنوات الصفراويّة، أو قد تؤدي في بعض الحالات لانسداد إحدى القنوات، ويترتب على ذلك التهاب المرارة، وحدوث التهاب في البنكرياس في بعض الحالات.
- التهاب البنكرياس الناجم عن حصى المرارة: حيث قد تؤدي حصوات المرارة في بعض الحالات إلى انسداد قنوات البنكرياس المسؤولة عن نقل العصارة الهضمية من البنكرياس، مما يؤدي إلى التهاب البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreatitis).
- خلل حركات المرارة: (بالإنجليزية: Biliary dyskinesia)؛ حيث يحدث ذلك نتيجة وجود اضطرب في حركة المرارة، فتصبح غير قادرة على تفريغ العصارة الصفراوية في الاتجاه الصحيح، ممّا قد يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض المشابهة لالتهاب المرارة.
- انثقاب المرارة: ويحدث ذلك في حال تسرّب العصارة الصفراوية من المرارة أو عند تمزق المرارة.
- أورام المرارة:وتنقسم أورام المرارة إلى أورام حميدة وأورام خبيثة.
كيفية استئصال المرارة بالمنظار
للتحضير لعملية استئصال المرارة بالمنظار يُطلب من الشخص المعنيّ القيام بالأمور الآتية:
- الامتناع عن الطعام: حيث يطلب الطبيب من الشخص المعنيّ تجنب الأكل والشرب قبل أربع ساعات على الأقل من الجراحة، علمًا أنه يمكن شرب كميّات صغيرة من الماء مع الأدوية.
- إعلام الطبيب حول الأدوية المستخدمة: حيث قد يطلب الطبيب من الشخص المعنيّ التوقف عن أخذ بعض الأدوية والمكملات الغذائيّة التي قد ترفع من خطر النزيف ، ويمكن الاستمرار في أخذ بعض الأدوية بعد استشارة الطبيب.
ونوضح فيما يأتي إجراءات عملية استئصال المرارة بالمنظار:
- تخدير الشخص المعنيّ باستخدام التخدير العام (بالإنجليزية: General anesthesia)؛ ويتم ذلك بحقن الدواء المخدّر عبر الوريد الموجود في الذراع، أي أنّ الشخص لن يكون واعيًا أثناء إجراء العملية.
- إدخال أنبوب عبر الحلق لمساعدة الشخص على التنفّس، ليُلاحظ بعد ذلك بدء تأثير المخدّر.
- إجراء شق صغير يتراوح طوله بين 2-3 سنتيمتر بواسطة السرّة، ويتم إجراء عدة شقوق صغيرة يكون طولها 1 سنتيمتر أو أقل في الجانب الأيمن من البطن.
- إدخال أنبوب صغير من خلال أحد الشقوق؛ حيث يتم من خلال هذا الأنبوب ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون (بالإنجليزية: Carbon dioxide)، مما يؤدي لتضخم البطن؛ لتسهيل الوصول إلى المرارة.
- إدخال منظار البطن (بالإنجليزية: Laparoscope) من خلال الشق الكبير الذي تم إجراؤه بواسطة السرة؛ للسماح للجراح برؤية البطن من الداخل ومراقبة العمليّة، حيث يكون الأنبوب مزودًا بضوء وكاميرا في نهايته.
- إدخال الأدوات الجراحيّة الخاصّة عبر الشقوق الأخرى لاستئصال المرارة.
- تفريغ الغاز من البطن، وإغلاق الشقوق بالغرز، وتغطيتها بالضمادات.
التعافي بعد استئصال المرارة بالمنظار
قد يحتاج معظم الأشخاص إلى ما يقارب 6 أسابيع للتعافي من عمليّة استئصال المرارة بالمنظار، حيث قد يحتاج الجسم لعدة أسابيع للعودة لمستوى الطاقة الطبيعيّ، علمًا أنّ الشخص يكون قادرًا على ممارسة معظم الأنشطة الطبيعية خلال أسبوع أو أسبوعين من العمليّة، وخلال مرحلة التعافيّ قد تظهر بعض الأعراض على الشخص، وفيما يأتي بيان هذه الأعراض:
- ظهور الكدمات حول منطقة الجرح والتي تزول من تلقاء نفسها خلال مدّةٍ قصيرة.
- الشعور بألم في البطن والذي قد يمتدّ إلى أحد الكتفين أو كليهما، ويزول هذا الألم خلال عدّة أيّام، ويكون هذا الألم ناجمًا عن بقايا الغاز المستخدم خلال العمليّة.
- الغثيان والتقيؤ، ويمكن التخفيف من هذه المشكلة باستخدام بعض الأدوية الموصوفة من قِبل الطبيب.
- احتقان الحلق نتيجة استخدام أنبوب التنفّس خلال العمليّة، ويمكن تخفيف هذا الاحتقان عن طريق استخدام الأقراص الخاصة بتهدئة الحلق.
- احمرار في الجلد حول جرح العمليّة، ويُعدّ ذلك طبيعيًا في حال اقتصاره على المنطقة المحيطة بالشقوق.
- البراز الرخو بعد تناول الوجبات الغذائيّة، والذي قد يستمر إلى مدّة تصل إلى شهرين أو أكثر في بعض الحالات.
نصائح بعد استئصال المرارة بالمنظار
توجد بعض النصائح والإرشادات التي يمكن اتباعها بعد استئصال المرارة بالمنظار، وفيما يأتي بيان هذه النصائح:
التغذية
نوضح فيما يأتي بعض النصائح الغذائيّة وبعض التعديلات التي يمكن إجراؤها على النظام الغذائيّ بعد استئصال المرارة بالمنظار:
- يمكن تناول الطعام والشراب بعد الاستيقاظ من العمليّة في حال عدم الشعور بالإعياء، حيث يبدأ المريض بشرب كميّة قليلة من السوائل عند استيقاظه من التخدير.
- شرب ما لا يقلّ عن 8-10 أكواب من الماء يوميًا.
- تناول الوجبات الغذائيّة الغنيّة بالألياف لتجنّب التعرض للإجهاد أثناء التبرّز.
- توزيع الوجبات الغذائيّة الكبيرة على عدّة وجبات صغيرة.
- تجنّب تناول الوجبات الغنيّة بالدهون لمدّة شهر تقريبًا بعد العمليّة الجراحيّة، ومن هذه الأطعمة الحليب كامل الدسم، والأجبان، والوجبات السريعة، ومحاولة اختيار الأطعمة قليلة الدسم مثل خبز التوست، والدجاج المشويّ، والأرز.
- تجنّب الأطعمة التي قد تزيد من الإسهال مثل الأطعمة الدهنيّة، ومنتجات الألبان، والأطعمة الحارّة، كما تجدر مراجعة الطبيب في حال استمرار الإسهال لمدّة تزيد عن أسبوعين.
- تجنّب الأطعمة التي قد تؤدي إلى حدوث الإمساك والذي قد يؤدي إلى التعرض للإجهاد أثناء التبرّز، ويمكن اللجوء إلى استخدام مكمّلات الألياف، وفي حال عدم التبرّز لعدّة أيام، تجدر استشارة الطبيب حول استخدام المليّنات (بالإنجليزية: Laxatives).
الأنشطة البدنية
نوضح فيما يأتي بعض النصائح حول طبيعة الأنشطة البدنيّة التي يمكن ممارستها بعد استئصال المرارة بالمنظار:
- الحرص على أخذ قسطٍ كافٍ من الراحة عند الشعور بالتعب، كما أنّ النوم لساعاتٍ كافية يساعد على التعافي والشفاء.
- الحرص على المشي بشكلٍ يوميّ، مع زيادة مدّة المشي تدريجيًا؛ حيث تحفز رياضة المشي الدورة الدمويّة وتقلل من فرصة حدوث الإمساك والالتهابات الرئويّة (بالإنجليزية: Pneumonia).
- يمكن العودة لقيادة السيارة بعد التأكد من إمكانيّة الجلوس براحة لمدةٍ طويلة، وإمكانيّة التبديل بين دواسات القدمين في المركبة بالسرعة اللازمة، كما يجدر تجنّب القيادة خلال فترة استخدام مسكنات الألم بعد العمليّة.
- يجدر تجنّب استخدام حوض الاستحمام لمدّة أسبوعين تقريبًا أو حتى موافقة الطبيب، أمّا بالنسبة للاستحمام فيمكن بعد يوم أو يومين من إجراء العمليّة مع ضرورة التربيت على الجرح لتجفيفه.
- تجنّب ممارسة الأنشطة البدنية المجهدة مثل التمارين الهوائيّة (بالإنجليزية: Aerobic exercise)، وركوب الدراجة، وحمل الأوزان الثقيلة، والركض، حتى يسمح الطبيب بذلك.
الأدوية
نوضح فيما يأتي بعض النصائح المتعلّقة باستخدام الأدوية بعد إجراء عمليّة استئصال المرارة بالمنظار:
- استشارة الطبيب حول العودة لاستخدام الأدوية التي أوقفها الطبيب، وقد يصف الطبيب بعض الأدوية الجديدة، علمًا أنّه يجب الالتزام بتعليمات الطبيب المتعلقة بالأدوية القديمة أو الجديدة.
- استخدام مسكنات الألم التي تُعطى دون وصفةٍ طبيّة في حال عدم وصف الطبيب لأحد المسكنات، مثل دواء الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، أو النابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen)، أو الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) مع ضرورة الالتزام بالتعليمات المرفقة في النشرة الدوائيّة، أمّا في حال وصف الطبيب مسكّنًا للألم فيجب الحرص على اتّباع تعليمات الطبيب بدقّة، مع ضرورة تجنب أخذ أكثر من دواء مسكن للألم في الوقت ذته، إلاّ إذا سمح الطبيب بذلك.
- استشارة الطبيب حول تبديل الدواء المسكّن للألم في حال تسبّبه بالغثيان أو بألم في المعدة، أو يمكن محاولة أخذ الدواء بعد الوجبات الغذائيّة لتقليل انزعاج المعدة.
- سؤال الطبيب عن الأدوية المميعة للدم في حال كان المصاب يأخذها قبل الخضوع للعملية، مثل دواء الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin)، حيث يقرر الطبيب الوقت الصحيح الذي يكون فيه الشخص قادرًا على أخذ الدواء من جديد.
- في حال وصف الطبيب أحد أنواع المضادّات الحيويّة (بالإنجليزية: Antibiotics)، فيجدر الالتزام بتعليمات الطبيب وعدم التوقف عن أخذ الدواء لمجرد الشعور بالتحسن.
الكمادات الباردة
تُستخدام الكمّادات الباردة للتخفيف من ألم وانتفاخ الجرح، ويتم ذلك من خلال لفّ الثلج بقطعة من القماش ووضعها على منطقة الجرح لمدّة تتراوح بين 10-20 دقيقة يوميًّا، وتكرار ذلك كل ساعة إلى ساعتين.
العناية بالجرح
نوضح فيما يأتي بعض النصائح المتعلقة بالعناية بجرح العمليّة خلال فترة التعافي:
- يجدر ترك الشرائط اللاصقة الطبيّة الموضوعة فوق الجرح وعدم محاولة إزالتها، حيث تسقط هذه الشرائط من تلقاء نفسها بعد ما يقارب الأسبوع، وبعد سقوطها بمدة تتراوح بين 24-48 ساعة يجدر غسل منطقة الجرح بالماء الدافئ والصابون وتركها حتى تجف.
- في حال استخدام الدبابيس الطبيّة لإغلاق الجرح، فإنّه يجب المحافظة عليها جافة ومراجعة الطبيب بعد مدة تتراوح بين 7-10 أيام لإزالتها.
- المحافظة على نظافة وجفاف المنطقة، وفي حال احتكاك منطقة العمليّة بالملابس يمكن لف المنطقة بضمادٍ طبيّ، مع الحرص على تبديل الضماد بشكلٍ يوميّ.
مراجعة الطبيب
يجب الالتزام بمراجعة الطبيب تبعًا للمواعيد المحدّدة بعد إجراء العمليّة، مع عدم التردّد حول سؤال الطبيب عن أيّ استفسار في أي وقت، ويُشار إلى ضرورة الاتصال الفوريّ بالطبيب أو مراجعة الطوارئ الطبيّة في حال ظهور بعض الأعراض بعد إجراء العمليّة، وفيما يأتي بيان هذه الأعراض:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم عن 38.3 درجة مئويّة.
- صعوبة التنفّس .
- ظهور البراز باللون الرماديّ.
- عدم القدرة على تناول الطعام أو الشراب.
- السعال المستمر.
- اصفرار البشرة أو الجزء الأبيض من العينين.
- عدم استجابة الألم لمسكنات الألم المستخدمة.
- تعرض جرح العمليّة للنزف، أو في حال احمرار الجرح، أو الشعور بالدفء عند لمسه، أو في حال ملاحظة خروج الإفرازات الخضراء أو الصفراء السميكة من الجرح.
مخاطر محتملة لاستئصال المرارة بالمنظار
في معظم الحالات لا يصاحب استئصال المرارة بالمنظار حدوث أيّ مضاعفات صحيّة، أو قد تقتصر على بعض المضاعفات البسيطة، وقد تظهر المضاعفات خلال العمليّة أو بعد الانتهاء منها، وقد تتضمّن هذه المضاعفات بعض الاضطرابات في القلب، والخثرات الدمويّة، والنزيف، والعدوى في منطقة العمليّة، والفتق (بالإنجليزية: Hernia)؛ المتمثل بخروج جزء داخلي من الجسم كالأمعاء عبر جدار العضلات المحيط بالبطن، كما يرتفع خطر تسرّب العصارة الصفراويّة إلى التجويف البطنيّ بعد العملية، وتوجد بعض المخاطر المتعلّقة بإلحاق الضرر بأحد الأعضاء المجاورة للمرارة خلال العمليّة مثل الأمعاء الدقيقة أو الغليظة، أو القنوات الصفراويّة، إلاّ أنّها نادرة الحدوث، وفي حال حدوثها فإنّ الشخص يحتاج إلى إجراء جراحةٍ أخرى.