إذاعة مدرسية عن علماء العصر العباسي
إذاعة مدرسية عن علماء العصر العباسي
أسعد الله صباحكم بكل خير وبركة، في هذا اليوم المملوء بالخير والبركة، نطل عليكم بموضوع فريد وشائق وهو عن علماء العصر العباسي، الذين أغنوا الحضارة بميراث علمي كبير، وقدموا للبشرية عظيم المنجزات والاختراعات، فقد كان العصر العباسي عصر الازدهار وذروة التقدم للأمة العربية، إذ كان العلم له منزلة كبيرة في النفوس، وله احترامه الموصول في القلوب.
الدولة العباسية والاهتمام بالعلم
إن من الجدير بالذكر أن العلم كان موفرًا، وكانت الدولة العباسية تدعم العلماء وتقدم لهم العطاء المجزي؛ ليستمروا في مهمتهم العلمية، وكان للناس اهتمام به لأن الترقي في الحياة العملية كانت تتطلب الوصول إلى درجة عالية في العلم.
فقد كان العلماء من المقربين إلى الخلفاء، وكان موظفو الدولة لهم معرفة ثقافية عالية، فقد كان الكاتب تصل درجته عند الخليفة إلى درجة الوزير، إذ لم يكن أي شخص يعين بمثل هذه المهمة، بل كانت توكل لرجال مشهود لهم بالعلم والمعرفة، وصحة اللغة، وحفظه للأشعار والمأثورات وللقرآن الكريم.
علماء العصر العباسي اللغويين
لقد خرّج العصر العباسي أعدادًا غفيرةً من العلماء في كافة المجالات ولا سيما في مجال اللغة، فقد كانت الدراسات اللغوية محل اهتمام العلماء، لأنهم كانوا في طور وضع قواعدها، وإرساء أسسها، فنجدهم قد وضعوا علم النحو، وأبدع فيه غير قليل من العلماء، مثل سيبويه الذي يعدُ من أوائل العلماء الذين ألفوا فيه، وجمعوه في كتاب واحد.
وأيضًا نجد العالم الكسائي الذي يعدُ من أصحاب القراءات القرآنية، يبدع في مجال اللغة، ويدرس ابني الخليفة الأمين والمأمون هذا العلم، وظهر لدينا غير قليل من العلماء اللغويين العظام، الذين أثروا الدرس اللغوي، لا سيما الزّجاج، والفراء، وأبو سعيد السيرافي، والزمخشري وغيرهم، الذين لم يكتفوا بدراسة اللغة بقواعدها، بل تجاوزوا الحد لأن يطبقوا هذه الدراسات على القرآن الكريم.
علماء العصر العباسي في مجال العروض
ولا ننسى أيضًا أنّ هذا العصر قد خرّج عالمًا كبيرًا فنجد الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي كان أستاذًا لسيبويه قد وضع علم العروض، الذي يُعرف من خلاله جيد الشعر من رديئه، فوضع خمسة عشر بحرًا عروضا، ثم جاء تلميذه الأخفش، وتادرك على أستاذه بحرًا قد غفل عنه وسمّاهربالخبب، أو المتدارك، فالخليل استطاع أن يضع علمًا متكامل الأطراف والجوانب، ذاكرًا تقسيماته، ومعرفًا بمصطلحاته، ومحددًا آليات الأشغال به دون تعقيد.
علماء العصر العباسي في الجانب الأدبي والبلاغي
لقد كان هذا العصر مزدحمًا بالعلماء والأدباء وطلبة العلم، وكان الاهتمام واضحًا في مجال الأدب والنقد والبلاغة، فوضع العلماء كثيرًا من المؤلفات النقدية والأدبية التي تعد مرجعًا لا غنى عنها حتى يومنا الحاضر، فظهر لدينا كتب شتى مثل البيان والتبيين والكامل في اللغة والأدب ومجمع الأمثال وأدب الكاتب والشعر والشعراء والبيت و أسرار البلاغة وغيرها، من كتب أثرت الدرس البلاغي والنقدية، وشرحت الأدب والنصوص الشعرية، ووقفت على مواطن الإبداع فيها.
علماء العصر العباسي في الدين
لقد كان اهتمام الناس بالعلم واضحًا في ذلك العصر، ولم يكن مقصورًا على الجانب الدنيوي والعلوم الإنسانية، فظهر في هذا العصر علماءٌ في القراءات القرآنية، ووُضِع فيه مؤلفات ضخمة جُمعت فيها الأحاديث النبوية الشريفة، مثل صحيح البخاري ومسلم، عدا عن كتب السنن، وقد ظهرت كثير من الكتب التي شرحت الأحاديث، وحتى إن بعضها صنفها حسب درجة الصحة، وقد جمع بعض العلماء الأحاديث المكتوبة والموضوعة.
وقد ظهرت كتب التفاسير، التي اعتنت بتفسير القرآن الكريم وشرح آياته، وبيان مقاصده، فظهر تفسير ابن كثير وتفسير الطبري، ومن ثم ظهرت المؤلفات الفقهية، التي كانت تشرح طرق العبادات، وكيفية ممارستها والأوامر والنواهي، وقد ظهرت كتب تتحدث عن جوهر الدين مثل كتاب إحياء علوم الدين للغزالي.
علماء العصر العباسي والعلوم
لقد اهتم العلماء في ذلك العصر بالعلوم التطبيقية، فألفوا في الرياضيات والهندسة والطب، فظهرت إنجازاتهم ماثلةً إلى اليوم أمثال الخوارزمي و ابن سينا وغيرهم، فقد ساهموا جميعًا بوضع أسس العلوم الحديثة، فاخترع الخوارزمي الصفر، ووضع ابن سينا كتاب القانون في الطب الذي صار مرجعا علميا يدرس في كافة العالم، ولا ننسى فضل العرب في البصريات والكيمياء، فكان لهم مؤلفات كثيرة كان لها عظيم الأثر في التطور المعرفي.
لقد كان للعلماء العرب فضل كبير على الإنسانية والعالم، فكان ما قدموه في عصر هزهم وازدهارهم أسسًا متينة قامت عليها الحضارة التي نشهدها اليوم، فعلينا أن نستذكر دومًا ما قدموه لنا، وأن نقتدي بهم حتى نستمر في تطوير العلم والمعرفة.