أين يقع بحر الظلمات
موقع بحر الظلمات
تَفصِلُ مياه بحر الظلمات أو ما يُعرَف بالمحيط الأطلسيّ، بين قارّتي أفريقيا وأوروبا، وبين القارَّتَين الأمريكيَّتَين، وهو يَمتدّ جنوباً نحوَ القطب المُتجمِّد الجنوبيّ، وشمالاً نحوَ القُطب المُتجمِّد الشماليّ، بمسافة تَصل إلى 14 ألف كم، ومساحة تَبلغُ أكثر من 82 مليون كم مُربَّع، وبعَرْض 5 آلاف كم، إلّا أنّه يَضيقُ عند خطّ الاستواء إلى حوالي 3 آلاف كم، وعُمْق مقداره 4 آلاف كم، ويُعتبَر المحيط الأطلسيّ ثاني أكبر المحيطات في العالَم بعد المحيط الهادئ، ويَمرُّ خطّ الاستواء بالمحيط الأطلسيّ، ليقسمَه إلى جزء جنوبيّ، وجزء شماليّ، ولكلِّ جزء خواصُّه التي تُميِّزه؛ فالجزء الشماليّ يَضمُّ أهمّ الجُزُر، كالأرخبيل الإيطاليّ، وآيسلندا، وجرينلاد، وجُزُر الكناريا، كما تَحُدُّ هذا الجزء عدّة مُسطَّحات مائيّة، كالبحر الأبيض المُتوسِّط، والبحر الكاريبيّ ، وخليج المكسيك، وبعض الأودية، والأنهار العملاقة، كبحيرة هدسون الكنديّة، أمّا الجزء الجنوبيّ، فلا يوجد فيه جُزُر مُهمّة سوى جزيرة القِدِّيسة هيلانة، ولا تَحُدُّه أيّة بحار، أو خلجان، إلّا أنّ نهرَي: الأمازون، القادم من البرازيل، والكونغو، القادم من قارّة أفريقيا، يَصُبّان فيه.
تسمية المحيط الأطلسيّ ببَحر الظُّلُمات
يعود اسم المحيط الأطلسيّ إلى إله يونانيّ يُسمَّى أطلس، حيث كان يَعتبرُه الناس إلهاً لعِلم الفَلَك والمِلاحة، وقد أُطلِقَ هذا الاسم حوالي عام 450 سنة ق.م، في عَهْد هيرودوت في اليونان، ولاحقاً أصبحَ أطلانتس، وأطلسيّ، أمّا اسم بحر الظُّلُمات ، فقد أطلقَه العرب على المحيط الأطلسيّ؛ وذلك لأنّ المحيط الأطلسيّ كانَت تقع فيه عدّة حوادث مُميتة، فأطلقوا عليه اسم بحر الظلمات؛ لبيان خَوْف الناس منه، أمّا ابن خلدون ، فقد وَضَّح سبب تسمية المحيط ببَحر الظُّلُمات بقوله: "إنّ البحرَ بعيدٌ ولا تصله الشمسُ، ونظراً لقلّة الأشعة الشمسيّة، فإنّ درجة الحرارة اللازمة لتفكيك البخار المتصاعدَ من البحر تكون قليلةً، فتتكاثف الأبخرة على شكل سحب قريبة من سطحه لتحجبَ الضوءَ بشكلٍ أكبر ويصبح البحر أشدّ ظلمةً"، كما أطلقَ العرب عليه أسماء أخرى، كبحر النون، والبحر الخارجيّ، وبحر المحيط، عِلماً بأنّ اسم بحر الظلمات سادَ حتى مجيء كولومبوس .
أهمّية اكتشاف بحر الظُّلُمات
كان لاكتشاف المحيط الأطلسيّ أهميّة عظيمة في تاريخ البشريّة، فلم يكن الناس قد اكتشفوا بَعْد أنّ المحيط الأطلسيّ يصل بين عدّة قارات، إذ كانوا يستخدمونه للانتقال بين أوروبا، وأفريقيا، وآسيا على حِدة، وبين الأمريكيَّتَين على حِدة، ويتنقّلونَ ضمن مسافاتٍ كبيرة بالدوران حولَ الأرض، ولم تتمّ معرفة حدود المحيط الأطلسيّ إلّا باكتشافات كولومبوس لأمريكا عام 1492م، حيث إنّه عندما اكتشفَ المحيط، أخذَ النّاس ينتقلونَ للإبحار من خلاله، والهجرة من قارّة إلى أخرى، ومن الجدير بالذِّكر تَغيُّر الاقتصاد والغذاء في أوروبا ؛ وذلك بسبب الصادرات القادمة من أمريكا، إذ انتقلوا للتجارة عبرَ البحر للموادّ الباهظة الثمن، والتي تتعرَّض لقُطّاع الطُّرُق بَرّاً، كالذهب، والملح، والعاج، والأقمشة، والتوابل، إضافة إلى بَدْء اكتشافات الجُزُر الموجودة في المحيط الأطلسيّ، كجُزُر الكناري ، وجُزُر الأوزر، وجُزُر الرأس الأخضر التي تمّ استغلالُها كمُستعمَرات زراعيّة للبرتغال، كما تمّ استغلال المحيط الأطلسيّ لأغراض سلبيّة، كالحروب، وتجارة الرقيق.
خصائص بحر الظلمات
يَتميّزُ بحر الظُّلُمات بالعديد من الخصائص البيولوجيّة ، والحيويّة، والجيولوجيّة، ممّا يجعله مُحيطاً مُميَّزاً بخصائصه الفريدة، وفيما يلي مُوجَزٌ للخصائص التي يَتَّصف بها بَحر الظُّلُمات:
الخصائص الحيويّة
يَضُمّ المحيط الأطلسيّ عدّة أصناف كبيرة من الحيوانات ، والنباتاتِ التي تنمو في قاعهِ، وعلى حوافّه، وفي إحدى الظواهر الفريدة للمحيط الأطلسيّ، اكتشفَ العلماء عام 2006 ما بين 10-20 نوعاً جديداً من الكائنات الدقيقة في أعماقه، وقد اكتسبَ المحيط الأطلسيّ ميزة التنوُّع الحيويّ؛ نظراً لامتلاكه مجموعةً من الخصائصِ المُتعلِّقةِ بمياهه، ومناخه، وهذه الخصائص هيَ:
- قلّة ملوحة المياه: إذ يُعَدّ المحيط الأطلسيّ أحدَ المحيطات التي تتَّصف مياهها بقِلّة ملوحتها؛ ويعود السبب في ذلكَ إلى الدَّور الذي تُؤدِّيه المُسطَّحات المائيّة المُجاورة، والتي تعمل على تخفيض نسبة الملوحة في المياه.
- تنوُّع بيئاته: يَقعُ المحيط الأطلسيّ ضمنَ أنظمةٍ مناخيّة مختلفة؛ إذ إنّه يمتدّ من القُطب إلى القُطب.
- توفُّر الرسوبيّات: تُعتبَر الرسوبيّات مُفيدةً للحياة البحريّة، وتأتي هذه الرسوبيّات من المُسطَّحات المائيّة المُجاوِرة للمحيط.
- اعتدال الحرارة: يتعرّض المحيط الأطلسيّ للتيّارات البحريّة التي تُسهمُ في تلطيف درجات الحرارةِ فيه، وبشكلٍ خاصّ في منطقة خليج غينيا ، والمناطق القريبة منه، حيث يُساعد تيّار غينيا على توفير شروط النموّ والخصوبة اللازمة للغطاء النباتيّ في المحيط، وهذا هو السبب في غنى شواطئ أفريقيا الشماليّة الغربيّة بالأسماك، خاصّة أنّ هذه المنطقة يُؤثِّر فيها تيّار بارد قادم من جزر كناريا الإسبانيّة.
- تنوُّع الكائنات الحيّة: حيث يُعتبَر موطناً للعديد من الكائنات الحيّة، مثل: الإسفنج، والسلاحف البحريّة، والرخويّات، والدلافين ، والفقمات، والحيتان، وغيرها الكثير من أنواع الكائنات الحيّة المختلفة؛ علماً بأنّ كلّ نوع من الكائنات الحيّة التي تعيش فيه إنّما تعيش ضمن مناخ مُعيَّن، فعلى سبيل المثال، تعيش الدلافين في المناطق الاستوائيّة من المحيط، أمّا الفقمات فإنّها تعيش في الشمال الغربيّ، وتُفضِّل الحيتان المناطق الباردة المعتدلة، إضافة إلى المناطق القطبيّة الجنوبية الموجودة في الناحية الجنوبيّة من المحيط.
الخصائص الجيولوجيّة
نشأَ المحيط الأطلسيّ قَبل 200 مليون سنة من وقتنا الحاليّ؛ إذ بدأت اليابسة تنفصل؛ بسبب نشاط الصفائح التكتونيّة، والتي فَصَلت قارّة أوروآسيا عن أمريكا الشماليّة، وقارّة أمريكا الجنوبيّة عن أفريقيا، ونظراً لهذا التباعُد، فقد نشأ فراغ أدّى إلى إيجاد بيئة بحريّة شكَّلت المحيط الأطلسيّ، ويَتميّزُ المحيط الأطلسيّ ببُنية جيولوجيّة فريدة؛ إذ تَنتصبُ في وَسَطه سلسلة جبليّة ضخمة، يظهر جزءٌ منها على سطحِ ماء المحيط على شكلِ جُزُرٍ ، كالرأس الأخضر، وبرمودا ، وسلسلة ريو الكبيرة في الجزء الجنوبيّ من المحيط الأطلسيّ.