أين ولدت مريم العذراء
أين وُلِدت مريم العذراء؟
وُلدِت السيدة مريم العذراء في مدينة الناصرة في دولة فلسطين، وفي الناصرة كان بيتها أيضًا، وتسمّى نصارى، ومن الجدير بالذّكر أنّ الناصرة هي ذات المدينة التي نشأ فيها السيّد المسيح -عليه السّلام-، فعندما حانتْ ولادةُ السيدِ المسيح خرجت السيّدة مريم من الناصرة وقصدت بيت المقدس لتلد المسيح، وهذا هو السببُ الذي جعل اليهود يسمّونه يسوع الناصريّ ويسمّون أتباعه بالنّصارى.
قصة ولادة السيدة مريم
تبدأُ قصّةُ السّيّدة مريم العذراء من أبوين مؤمنين وهما: عمران وحنّة، وقد كانت أمّها عاقرًا لم يرزقها الله -تعالى- بالذريّة، وكان والدا مريم يتجرعان ألم الحرمان خلال السنوات التي حُرما فيها من الأولاد، ولكنّ الأمّ حنّة لم تيأس من روحِ الله وظلّت تدعوه راجيّة إياه بأن يرزقها بالولد، وقد وصل بها الحال أنّها كانت تدعو ربّها وتبكي وترجوه بأن يستجيب لها.
استجاب الله لأمّ مريم دعاءَها فحملت حملها الأول، وقد أذهب عنها فرحُها بهذا الحمل كلّ ما عانتهُ من ألم الانتظار، فملأت الفرحة جوانب قلبها وحياتها، وأشرق وجههُا بالابتسامة، وظلّ لسانها ينطق بالشكر لله -تعالى-، حتّى رفعت رأسها للسماء قائلة كما ورد في قوله -تعالى- في سورة مريم: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
وتمرّ أيام حمل أمّ مريم بها، والسعادة تغمرُ قلب المرأة الشاكرة الصابرة، ويختار الله -تعالى- زوجها عمران إلى جواره قبل أن يرى طفله الأول، ومشيئة الله -تعالى- فوق رغبة عباده، ويحين وضع الجنين ويشتدّ المخاض بأمّ مريم، حتى تضع حملها ليكون عكس ما رغبت به، فقد كانت أنثى، لتبدي بعدها الأم أسفها قائلة كما جاء في قوله -تعالى- على لسان أمّ مريم: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
أين ولَدَت مريم عيسى عليه السلام؟
نفخَ جبريل في جيب مريم لتحمل بعيسى المسيح -عليه السلام- ليأتي بعدها موعد الولادة فولدت به في بيت لحم، وهي من القرى القريبة من بيتِ المَقدس، وتقع هذه القرية على بعد فرسخَين من بيتِ المقدس، وفي القرية كنيسة وفيها قطعة من النخلِ، وقِيل إنّ هذه النخلة هي التي أكلت منها السيدة مريم العذراء أثناءَ ولادتها بعيسى المسيح، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ).
قصة ولادة مريم العذراء لعيسى
وهب الله -تعالى- للسيّدة مريم التّقوى واليقين والرزق، وفي أحد الأيام التي كانت فيها السيّدة مريم مُعتكفةً مُطمئنّة، أتى إليها رجل لا تعرفه فخافت منه، وبدأت تستعيذ بالله منه، فأخبرها الرجل بأنّه ملك مُرسلٌ من الله -تعالى- إليها ليهبَ لها غلامًا، وجاء ذلك في قوله -تعالى- في سورة مريم: (قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا*قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا).
وأخذت الدهشة مريم فهي غيرُ متزوّجة، ولم تعرف الفواحش في بيت أهلها فهي من بيتٍ طاهرٍ وشريف، فأخبرها الملك المُرسل أنّ حملها سيكون بقدرة الله -تعالى- ولحكمة يعلمُها وحدَه -سبحانه-، فإنّ ابنَها سيكون آيةً للناس، قال -تعالى-: (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) ، ومضى الملَكُ، وقد تشكّل حملُ مريم، وظلّت من بعدها خائفةً متخيّلةً ما يمكن أن يقوله الناس في حقّها، حتّ أصبحت تتمنى لو أنّها ماتت قبل أن يحدث معها هذا الأمر.
وحان موعدُ الولادة، ووضعت مريمُ مولودها، وتتفاجأ بصوت يناديها بأن لا تخاف ولا تحزن، وأجرى الله -تعالى- تحتها ماءً، وأمدها بالتّمر والرُّطب من النخلة التي وَضَعت تحتها، فاطمأنّ قلبُ مريم الخائف، وعادت إلى قومِها تحمل طفلَها، فبدأ لوم القوم لها واستنكارهم لفعلها، وراحوا يذكرونها بأصلها الشريف ونسبِها الكريم، فأشارت لطفلها، وتكلّم بأمر من ربّه، قال -تعالى-: (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) .
خلاصة المقال: ورد في المقال ذكر المدينة التي ولدتْ فيها السيّدة مريم العذراء -عليها السّلام-، وهي مدينةُ الناصرة، وكيف أنّ أمّ مريم نذرت ما في بطنها لله -تعالى-، لحملها بعد سنواتٍ من الحرمان من الذريّة، والمدينة التي ولد فيها المسيح عيسى بن مريم -عليه السّلام- وكيف كانت ولادته ومؤانسته لأمّه وكلامه في المهد بمعجزةٍ من الله.