أين هبط آدم وحواء
أين هبط آدم وحوّاء
إنّ الأخبار التي وردت في موطن نزول آدم وحواء ظنّية محتملة، فلم ترد نصوصٌ معتمدةٌ في ذلك، فمن الممكن أن تصحّ، ومن الممكن ألّا تصح، ورُوي عن عليّ بن أبي طالب، وابن عبّاس، وقتادة -رضي الله عنهم- أنّ آدم -عليه الصّلاة والسّلام- هبط في الهند، على جبلٍ يُقالُ له "نَوذ" من أرض "سرنديب"، وأمّا حوّاء فهبطت في جدّة، وتعارفا في عرفات؛ فلذلك سُمّيت بهذا الاسم، ثُمّ سار آدم -عليه الصّلاة والسّلام- حتى أتى جمعاً فَازْدَلَفَتْ إِلَيْهِ حَوَّاءُ، ولذلك سُمِّيت المُزْدَلِفة، وقيل: إنّ آدم -عليه الصلاة والسلام- هبط في البرّيّة.
وقيل: هبط آدم -عليه الصلاة والسلام- بالهند وأُنزل معه الحجر الأسود، وعن سُليمان أنّ آدم -عليه الصلاة والسلام- هبط بالهند، وهبطت حواء بجدة، وقيل: إنه هبط بدجناء في أرض الهند، وعن ابن أبي حاتم أنّه هبط في أرضٍ بين مكة والطائف، تُسمّى دجنا، وعن ابن عُمر -رضي الله عنه- أنّ آدم -عليه الصلاة والسلام- هبط بالصفا، وحواء بالمروة.
قصّة خروج آدم وحواء من الجنة
إسكان الله لآدم وحوّاء الجنة ونهيهما عن الشجرة
أَسْكن الله -تعالى- آدم -عليه الصلاة والسلام- مع زوجته في الجنة، وأمرهم بالابتعاد عن نوعٍ من الشجر، لِقولهِ -تعالى-: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)، ولم يأتِ في القُرآن أو السُنة ما يُبيّن نوع هذه الشجرة، والسّبب في نهي الله -تعالى- لهم عن الأكل منها؛ فمن الممكن أن يكون في أكلها ضرر، أو يكون ذلك ابتلاء من الله لآدم -عليه الصلاة والسلام-، وامتحاناً له، وكان ذلك بعد أن خلقه الله -تعالى- وأمر الملائكة بالسّجود له.
إغراء إبليس ووسوسته لهما
بعد أن سكن آدم -عليه السلام- الجنّة، وطلب الله -تعالى- منه عدم الاقتراب من الشجرة، جاء إليه الشيطان وألقى في نفسه بأن يأكل منها هو وزوجته، لِقولهِ -تعالى-: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ)، ولِقوله -تعالى-: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)؛ والمقصود: حملهما على الزّلل، من خلال كلامه وقسمه لهما بأنّ الأكل منها يجعلهما خالدين وملكين، لِقولهِ -تعالى-: (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ)، وجاء في رواية حمزة قوله: فَأَزَالَهُمَا، وهو من الإزالة، أي الإبعاد؛ أي أبعدهما عن الجنة وليس عن الشجرة.
أكل آدم وحواء من الشجرة
بعد أن أطاع آدم -عليه السلام- الشيطان، وقرّر أن يأكل ويتذوّق من الشجرة هو وزوجته ليتعرّفا عليها، أظهر الله -تعالى- سوأتهما وعوراتهما، فأخذا من ورق الأشجار وغطَّيا أنفسهما، لِقولهِ -تعالى-: (فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ)، وتعددت أقوال العُلماء في كيفية إغواء الشيطان لهما، فقيل إنّه كان عن طريق المُشافهة وهو قول الجمهور، وقيل إنّه كان عن طريق الوسوسة لهما.
وأمّا الشجرة التي أكلا منها، فقيل إنّها البُرّ، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنه-، وقيل: الكرم، وهو قول السّدي، وقيل: التين، وهو قول جُريج، وقيل: الكافور، وهو قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقيل: العلم، وهو قول الكلبيّ، وقيل: إنّها شجرة الخُلد التي كانت تأكل منها الملائكة، وهو قول ابن جدعان.
توبة آدم وزوجته واستغفارهما
بعد أن عصى آدم -عليه السلام- وزوجته أمر الله -تعالى- بأكلهما من الشجرة التي نهاهما عنها، ألهمهُ الله -تعالى- كلمات التوبة، فقالها وتاب عليه، لِقولهِ -تعالى-: (قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ)، وجاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّها: "سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدّك ولا إله إلا أنت، ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت"، فقَبِل الله -تعالى- توبتهما واستغفارهما له.
خروجهما من الجنة وهبوطهما إلى الأرض
بعد قبول الله -تعالى- لتوبتهما، أمرهما بالهُبوط إلى الأرض هو وزوجته وإبليس، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنه- وبعض السّلف، لِقوله تعالى: (قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ)، فالقصد بالعداوة؛ أي التي تكون بين الإنسان والشيطان، وذكر الله -تعالى- قصّتهما في سورة ص، وكان ذلك في العهد المكيّ، وأمّا في العهد المدنيّ فكانت في سورة البقرة، ومُلخّص القصة كما يأتي:
- إخبار الله -تعالى- الملائكة بأنه خَلَق بشراً من طين، ثُمّ أمرهم بالسّجود له.
- إخبارُ الله -تعالى- بمخالفة إبليس لأمره؛ بعدم السجود لآدم -عليه السلام-، ثمّ سؤال الله -تعالى- له عن سبب مُخالفته، وكان ذلك بسبب استكباره.
- طَرْد الله -تعالى- لإبليس من الجنة، واستحقاقه للّعن، وطلبه البقاء إلى يوم القيامة ، واستجابة الله -تعالى- له.
العبرة من خروج آدم وحواء من الجنة
توجد العديد من الحِكَم لِخُروج آدم -عليه الصلاة والسلام- وزوجته حواء من الجنة، ومنها:
- بيان شدّة عداوة الشيطان للإنسان، والتحذير منه ومن وساوسه ، لِقولهِ -تعالى-: (يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ)؛ أي لا يُضلّنّكم ويخدعنّكم الشيطان، ويُبعدُكم عن الجنة كما فعل مع أبويكم آدم وحواء.
- الحذر من فتنة الشيطان، وخُبثه، وكيده، ووساوسه؛ كالتّخويف من الفقر والقلق منه، أو صرف الإنسان عن الصلاة، أو إلهاء الإنسان عن ذكر الله -تعالى- ، لِقوله -تعالى-: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ).