أين نزلت سورة الفتح؟
مكان نزول سورة الفتح
نزلت سورة الفتح بعد ما انتهى المسلمون من الحُديبية، حين كانوا في الطريق الواقعة بين مكة والمدينة، وهي من السور المدنيّة، عدد آياتها تسع وعشرين آية، تقع في ترتيب المصحف بعد سورة محمّد التي تحدّثت عن ظلم المشركين والمنافقين.
وحثّت على المبادرة إلى الجهاد في سبيل الله، وطاعة الله -تعالى-، ثمّ لمّا نزلت سورة الفتح كان المسلمون في حالة من القوّة والمنعة، فبيّنت السورة ما أنعم الله به على رسوله وأمّته.
وقت نزول سورة الفتح
نزلت سورة الفتح في السنة السادسة من الهجرة، دفعةً واحدةً، وقد تحدّثت بجميع آياتها عن الحديبية وما يتعلّق بها على النحو التالي:
- روى أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- فقال: (نزلَت على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) مرجعَهُ منَ الحديبيةِ، فقالَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ-: لقد نزَلت عليَّ آيةٌ أحبُّ إليَّ ممَّا على الأرض، ثمَّ قرأَها النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- عليْهم فقالوا: هنيئاً مرياً يا رسول اللَّهِ قد بيَّنَ اللَّهُ لَكَ ماذا يفعلُ بِكَ، فماذا يفعلُ بنا؟ فنزلت عليْهِ (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ حتَّى بلغَ فَوْزًا عَظِيمًا).
- ذكر سلمة بن الأكوع أنّهم كانوا عند رسول الله يوماً، وإذ به ينادي بالناس للبيعة، فأقبل الصّحابة إلى رسول الله فبايعوه تحت الشجرة، فأنزل الله قوله -تعالى-: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) .
- ثبت في الصحيح (أنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِن أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا علَى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- مِن جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ، يُرِيدُونَ غِرَّةَ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، فأخَذَهُمْ سِلْمًا فَاسْتَحْيَاهُمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فأنزل الله -عزّ وجل-: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم) .
- ذكر جنبذ بن سبع أنّه قاتل مع رسول الله في أول النهار وكان كافراً، ثمّ قاتل معه آخر النهار وكان كافراً، وكان عددهم ثلاث رجال وسبع نساء، فأنزل الله فيهم: (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ) .
- روى البيهقي عن رسول الله أنّه رآى حين كان بالحُديبية رؤيا أنّه يدخل مكة مع أصحابه آمنين محلّلين من العمرة، فلمّا ذبح الهدي في الحديبية سأله أصحابه عن الرؤيا، فنزل قول الله -تعالى-: (لَّقَدْ صَدَقَ اللَّـهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ) .
التعريف بسورة الفتح
سمّيت سورة الفتح بما ابتدأت به في قول الله -تعالى-: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) ، وقد تجلّت موضوعات السورة بما ذكرته من الفضل الذي تفضّل به -سبحانه وتعالى- على رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- بالثناء عليه وما أكرمه بالفتح والسكينة والطمأنينة.
وذكرت السورة ما أعدّه الله للمنافقين والمؤمنين من الجزاء، وعن بيعة الرضوان ، وقبول عذر المعذورين في الخروج إلى الجهاد، وصدق رؤيا رسول الله، وما أنعم الله به على المسلمين بأن حقّق لهم النصر على عدوّهم، ثمّ انتهت السورة الكريمة بتشبيه رسول الله وصحابته الكرام بالزرع الحسن في منظره وثمره.