أين موقع قوم لوط
موقع قوم لوط
تناول عددٌ من العلماء والمؤرّخين قوم لوطٍ وموقعهم في عددٍ من المراجع التاريخيّة والدينيّة، حيث تشير هذه المراجع إلى أنّ قوم لوطٍ كانوا موجودين في مدينة سدوم، ضمن مجموعةٍ من دائرة مدنٍ خمسةٍ تقع جنوب البحر الميت، على سهل دائرة الأردن، ووفقًا لما يقوله علماء الآثار المعاصرون؛ فإنّ مدينة سدوم اليوم تقع في منطقةٍ تُدعى تل الحمام الأردنيّة، في الشمال الشرقي لمصبّ نهر الأردن، على بُعد أربعة عشر كيلو مترٍ شمالي البحر الميت، وقد ورد ذكر سدوم في بعض نصوص التوراة، في حين لم تأتِ النصوص الإسلاميّة على ذكر موقع قوم لوط تحديدًا، إلّا أنّ العلماء استندوا على النصوص الشرعيّة الواردة في عاقبة قوم لوط والخسف الذي حلّ بهم.
التعريف بقوم لوط
ينسب قوم لوطٍ إلى نبي الله لوط -عليه السلام-؛ لأنّه أرسل إليهم وعاش بينهم، وقوم لوط هم أهل سدوم، وكانوا يعبدون آلهةً كثيرةً دون الله -سبحانه وتعالى-، ورغم أنّ الله تعالى قد أنعم عليهم بنعمٍ وعطايا كثيرةٍ إلّا أنّهم قابلوا هذه النِعم والعطايا بالإعراض ومعصية الله تعالى، وكانوا قومًا فاسقين كما وصفهم الله تعالى في قوله: (وَلوطًا آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَنَجَّيناهُ مِنَ القَريَةِ الَّتي كانَت تَعمَلُ الخَبائِثَ إِنَّهُم كانوا قَومَ سَوءٍ فاسِقينَ)، فقد أتى قوم لوط بفاحشةٍ وعملٍ خبيثٍ لم يفعله أحدٌ قبلهم؛ وهو إتيان الذكور للذكور، وهو أمرٌ مخالفٌ للفطرة السليمة ولشرع الله تعالى، وكانوا يجتمعون في ناديهم لفعل هذه الفاحشة وغيرها من المنكرات؛ قال الله تعالى: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ).
دعوة لوط عليه السلام لقومه
استمرّ قوم لوط على ما هم عليه من فعل الفاحشة وعبادة الأوثان حتى أرسل الله -سبحانه وتعالى- فيهم نبيه لوط -عليه السلام- لدعوتهم إلى التوحيد وترك ما هم فيه من المنكرات، ونبيّ الله لوط هو ابن أخ نبيّ الله إبراهيم -عليهما السلام-، وقد هاجر لوط مع إبراهيم إلى بلاد الشام، فأرسله الله تعالى قومه الذين كانوا يفعلون الفاحشة؛ لينهاهم عنها ويدعوهم إلى توحيد الله تعالى، فلم يستجب قومه له، وكانوا يسخرون منه ويستخفّون به.
لم يلقَ لوط -عليه السلام- من قومه رغم دعوتهم إلا الصدّ والإنكار، وتمادوا فسألوه أن ينزل الله عليهم عذابًا، قال الله تعالى على لسانهم: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّـهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)، فدعا لوط -عليه السلام- ربّه: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)، وأرسل الله تعالى رسلًا من الملائكة إلى إبراهيم -عليه السلام- وأخبروه أنّهم أتوا إلى قوم لوطٍ، فلمّا قدم الملائكة على هيئة بشرٍ إلى لوطٍ؛ هرعوا إليه يريدون فعل الفاحشة معهم، فخشي لوطٌ منهم وغضب؛ فأخبر الملائكة لوطًا -عليه السلام- بأنهم رسلٌ من الله تعالى، ولن يستطيع قومه أن ينالوهم بسوءٍ، وأمروه أن يخرج ليلًا مع أهله المؤمنين إلّا امرأته؛ لأنّه لم تؤمن معه، فخرج لوطٌ -عليه السلام- وأهله، وأرسل الله تعالى عذابه على قوم لوط؛ بأن خسف بهم الأرض، فأصبح عاليها سافلها، وأرسل عليهم حجارةً من سجيل؛ فقضى عليهم وأهلكهم، قال تعالى فيهم: (فَلَمّا جاءَ أَمرُنا جَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ).