أين كانت تسكن إرم ذات العماد
إرم ذات العماد
أوردت الكثير من المصادر والمراجع التاريخيّة والدينيّة أخبارًا ورواياتٍ عن مدينة إرم ذات العماد، ومن المصادر ما تقول إنّها مدينةٌ مفقودةٌ، وبعضها يقول إنّها مدينةٌ خياليَّةٌ، وبعض العلماء يرجح أنّها مدينة الإسكندرية القديمة، والبعض يرجح أنّها مدينة دمشق القديمة، وبعض المصادر تقول إنّها مدينة رام الله الفلسطينية، وبعض المصادر تقول إنّها مدينة أوبار بسلطنة عمان، لكن أغلب الأبحاث ترجّح أنّها مدينةٌ تقع في اليمن، بين مدينتي حضرموت والعاصمة صنعاء وتسمى بمنطقة الأحقاف في صحراء الربع الخالي، وبناها شداد بن عاد قائد قوم عاد، وقد كان قوم عاد يتميزون بطول القامة وبالشدة والبطش.
بناء إرم ذات العماد
نقلت بعض الأخبار والروايات التاريخيّة أنّ شداد بن عاد كان شديد البطش وكثير الغزوات على الممالك التي حوله، وكان ذا بأسٍ شديدٍ، يعبد الأصنام هو وقومه، وكان مطَّلِعًا على الأخبار والنصوص التاريخيّة، وأعجب بما ورد من وصفٍ للجنة فيها، وأراد بناء جنَّته الخاصّة؛ تحدِّيًا للخالق -سبحانه وتعالى-، وبدأ بناء مدينةٍ تشبه الجنّة، وأخبر أمراءه بذلك وخصّص قرابة عشرة آلاف رجلٍ لهذه المهمّة، وكانوا رجالًا أقوياء جدًّا طوال القامة، وعراض الأكتاف والساعدين، وشرعوا ببناء المدينة بمنطقةٍ يقال إنّها أفضل أراضي العالم في ذلك الوقت وطبيعتها وهوائها الأفضل على الإطلاق، وقام شداد بن عاد بجمع الثروات من الذهب، والفضة، والمسك، والياقوت، وجمع ثروات البحار من الجواهر واللآلئ، وشرع في بناء المدينة وطلائها بالذهب، وحفر تحتها نبعاً للماء العذب، وأحاطها بأسوار من المرجان والياقوت واللآلئ، على أنّ من المؤرّخين من كذّب هذه الرواية ولم يُصحّحها.
والثابت أنّ إرم ذات العماد هي قبيلة عادٍ الأولى، وكانت قبيلةً مشهورةً بالقوّة والجبروت؛ حيث آتاهم الله تعالى قوَّةً في البدن، وضخامةً في الجسم، وزيادةً في المال، والعمران، ولم يستثمروا ما آتاهم الله -سبحانه وتعالى- في طاعته، بل أشركوا به، واستغلّوا ما آتاهم من قوَّةٍ في البطش بالضعفاء والعدوان ظلمًا على غيرهم.
النبي هود وهلاك عاد
أرسل الله -سبحانه وتعالى- سيدنا هود -عليه السلام-؛ ليدعو قوم عاد الأولى -إرم ذات العماد- إلى الإيمان بالله -تعالى- وحده وترك عبادة ما سواه من الأصنام؛ فرفض قوم عاد ذلك، وازدادوا عنادًا على كفرهم، وأصرّوا على عصيان الله والتفاخر بقوّتهم وضخامة ما بنوه، قال الله -سبحانه وتعالى- واصفًا لهم في سورة البلد: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ)، وذكرت آياتٌ عديدةٌ أُخرى عناد قوم عاد ومكابرتهم لدعوة نبيّهم هود -عليه السلام-، وبعد محاولة هود -عليه السلام- معهم للإيمان بالله وحده وترك ما هم عليه، بقوا على موقفهم؛ فسلّط الله -سبحانه وتعالى- عليهم عذابًا شديدًا أهلكهم ودمّر مساكنهم، حيث أرسل الله تعالى عليهم ريحًا شديدةً أهلكتهم وما دمّرت ما شيّدوا، ونجّى الله تعالى هودًا والذين آمنوا معه، قال الله تعالى في وصف عذاب عاد: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ).