أين غرق فرعون وجنوده
أين غرق فرعون وجنوده
أغرق الله -تعالى- فرعون وجُنوده ، لقولهِ -تعالى-: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، وهذا اليمّ ؛ أي البحر هو بحرٌ يُقالُ له إساف، ويقع وراء مصر، وأغرق الله -تعالى- فيه فرعون وجُنوده، وقيل: إنَّهم غرقوا في بحر القُلزُم، وكانت دعوة موسى -عليه السلام- في مصر، وأقام فيها إحدى عشر شهراً، ويُقال: إنهم أُغرقوا في ناحية القلزُم في مكانٍ يُسمَّى بطن مريرة، وقال مُقاتل: إنه نهر النِّيل.
نجاة بدن فرعون بعد الغرق ليكون عبرة
بعد أن أغرق الله -تعالى- فرعون ومن معه، نجَّاهُ ببدنه فقط، لِقولهِ -تعالى-: (فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ)، فألقى الله -تعالى- بدنه من غير روح على ضفَّة البحر؛ ليتيقَّن قومه من بني إسرائيل بغرقه، وذهب بعض المُفسّرين إلى أن هذه الآية فيها دلالةٌ على نجاة فرعون من الغرق وعدم موته ، لكنّ هذا الكلام غير صحيحٍ؛ حيثُ تحدَّثت الآيات عن اللّحظات الأخيرة لموت فرعون وغرقه، وإعلان إسلامه خوفاً عندما تيقّن الموت، فأجابه الله -تعالى- بقوله: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)، ممَّا يدُلُّ على أنَّه سيموت تحت الماء، ولن يبقَ بدنه في البحر، فأغرقهُ الله -تعالى-، ثُمّ نجَّى -عز وجل- بدنه دون روحه.
وسبب ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ بعض بني إسرائيل أنكروا أن يكون فرعون قد غرق، وهو أعظم من ذلك، فأخرجهُ الله -تعالى- لهم على مكانٍ مُرتفع، وقيل: إنَّهم شكُّوا في غرقه، فأمر الله -تعالى- بقذفهِ على مكانٍ مرتفعٍ في البحر حتى يتيقّنوا موته. فكان الغرض والهدف من إظهار بدنه هو اليقين بهلاكه لمن شكّ بموته من بني إسرائيل.
غرق فرعون وسببه
كان سبب إغراق فرعون هو تماديه في الكُفر والطّغيان، ومُعاندته للحقِّ بعد أن بيَّنهُ له موسى -عليه السلام-، وتآمُرهِ على قتل موسى -عليه السلام- ومن آمن معه، كما أنَّه ادَّعى الألوهيَّة، واستهزأ بأنبياء الله -تعالى-، فأغرقه الله -تعالى- مع جنوده وطرحهم في البحر المالح، فلم يكن لهم نصيرٌ أو مُعينٌ، وكان لهم الخزي في الدُّنيا، وذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ* وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ* وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ* وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، وكان السَّببُ في إهلاكهم وإغراقهم هو استكبارُهم وتعاليهم على العِباد، واستعبادهم لهم مع إذلالهم، والعُدوان عليهم بغير وجه حقٍّ.
الدُّروس المستفادة من غرق فرعون وجنوده في اليمِّ
ذكر ابنُ تيمية -رحمه الله- أنَّ المقصود من تكرُّر قصَّة موسى -عليه السلام- مع فرعون في القُرآن الكريم؛ هو الاعتبار وتوضيح العِبرة من ذِكرها، حيثُ كانت القصَّة بين طرف الحقِّ والإيمان وهو موسى -عليه السلام-، وطرف الكُفر وهو فرعون، كما أنَّ في ذلك بيانٌ من الله -تعالى- للأمم المُستكبرين في الأرض، حيث إنَّ الاستكبار لله -تعالى- وحده، فكُلُّ من يستكبر تكون عاقبته مثل فرعون وجُنوده، ومن الدّروس والعِبر أنَّ إرادة الله -تعالى- نافذةٌ على جميع الخلق، حيثُ أنقذ الله -تعالى- نبيَّهُ موسى -عليه السلام- من القتل وهو صغير.