أهمية تربية الأولاد
أهمية تربية الأولاد على الطفل نفسه
تُعدّ تربية الأولاد خلال مرحلة الطفولة والمراهقة من أكثر الأمور تأثيراً على اختيارات الأولاد، ومسارات حياتهم، وكفاءتهم في المجتمع، كما تؤثّر نوعية هذه التربية والعلاقة بين الابن ووالديه بشكل كبير على مختلف مجالات التنمية لدى الابن؛ كاللغة، والتواصل، والتحصيل الدراسي، وإدارة العمليات المعرفية، والصحة العقلية والبدنية، والنظام الذاتي، وعلاقة الابن مع عائلته وأقرانه، الأمر الذي يجعل تربية الأولاد من أكثر الأمور صعوبة في حياة الوالدين؛ لأنّها لا يُمكن أن تكون بإلقاء الأوامر والتعليمات على الأولاد، بل تكون بتفاعل الوالدين مع أبنائهم اجتماعياً خلال كافّة مراحل نموّهم، ليبدأ إدراك الأطفال منذ الصغر بتحقيق ذواتهم، ومعرفة ما يُريده الوالدين منهم.
وتساهم تربية الأولاد في غرس وتطوير العديد من الأمور في شخصية الأطفال، ومنها ما يأتي:
- التعامل مع الآخرين: يُعدّ تعليم الأطفال كيفية معاملة الآخرين باحترام، والتفكير بعواقب ارتكاب أيّ خطأ بحقهم، أحد أهداف التربية، الأمر الذي سوف يجعلهم أفرداً فعّالين ومساهمين في تنمية المجتمع.
- تحديد الأهداف: تنمّي التربية قدرة الطفل على وضع أهداف واقعيّة يُمكن تطبيقها على المدى القصير والطويل؛ ليبني حياته وفق هذه الأهداف، ويعيش حياه سعيدة، وتزيد وعيه لعدم السعي للحصول على حياة يصعب عيشها، مثل حياة المشاهير المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعيّ.
- الشعور بالثقة والتحكم بالمشاعر: من أهداف تربية الطفل مساعدته على الشعور بالثقة والرضا، وتنمية الشغف لديه، وتمنية القدرة على تحقيق الأهداف في مرحلة ما قبل الدخول إلى المدرسة، بالإضافة إلى تحسين الأداء الأكاديميّ من خلال تعليمه الصبر والتفاني، وذلك وفقاً لما أشارت إليه خبيرة التربية ميشيل بوربا (Michele Borba)، من ناحية أخرى تساعد التربية على تعليم الطفل كيفية التعامل مع مشاعره، وامتلاك القدرة على التحكّم بها حتى في اللحظات الصعبة.
- التطوّر الجسدي: تغرس التربية الصحيحة في الأولاد نظاماً جيّداً لأسلوب الحياة وتحقيق النموّ الجسدي المثالي، ويكون ذلك بتنشئتهم على ممارسة الرياضة بانتظام، والالتحاق بأحد الأفرقة الرياضية، واتّباع نظام غذائي صحيّ مناسب، والاهتمام بالصحة العامة للجسم من خلال التعلّم واللعب في آن واحد، خاصة في مرحلة الطفولة التي يكون فيها الوالدين قدوة لأولادهم.
- التطوّر العقلي: تُساهم التربية السليمة على صقل عقول الأولاد منذ الطفولة، وذلك من خلال زيادة قدرتهم على التحكّم في استجابتهم للأمور والمنبّهات المختلفة، والتعلّم بشكل إبداعي، وتقبّل الإخفاقات والتغلّب عليها، بالإضافة إلى فهم الانضباط وممارسته، وقبول النقد البنّاء من الآخرين، وإدراك مفهوم الجائزة والعقاب بشكل سلس وسليم.
- التطوّر الروحي: تتجلّى التربية الصحيحة في امتلاك الأولاد للقيم الأخلاقية الصحيحة، والمبادئ الفضلى، وتقدير الوالدين، ومعرفة الصواب من الخطأ، والسعي لتصويب الأخطاء وإصلاحها، ويكمُن دور الوالدين في توجيه الأولاد منذ الصغر للإيمان بالمصالح العامّة، وامتلاك القيم والمحافظة عليها، الأمر الذي يزيد من شعور الأولاد بإكتسابهم جملة من الأهداف، والسعي لتحقيقها، وتعزيز الجانب الروحي لديهم.
أهمية تربية الأولاد على الوالدين
يتعدّى تأثير تربية الأولاد وجعلهم أشخاص أكفّاء في المجتمع على الأولاد نفسهم، بل يصل إلى التأثير على الوالدين أيضاً، إذ تُساهم تربية الوالدين لأطفالهم في اكتشاف الوالدين لأنفسهم، والسعي لأن يكونوا أكثر كفاءة ونجاحاً في البيئة المجتمعية، حيث يفقد الوالدين حينها شعورهم بأنفسهم، ويكتشفون نقاط ضعفهم وقوّتهم بشكل مجرّد وواضح، ويتعرّفون على كلّ الأمور التي يتفاعل معها الأولاد والتي تؤثّر فيهم، ويدركون الحقائق دون تزييف أو تضليل، كلّ هذا يُساعد الأبوين على مراجعة ذواتهم، وأسلوب حياتهم، وطريقة تفكيرهم، وطريقة تفاعلهم مع الحياة ومُعطياتها.
أهمية تربية الأولاد على المجتمع
تُعدّ الأسرة اللبنة الأساسية في المجتمع ، والمكان الأول الذي تنطلق منه مفاهيم التعليم، والصحة، والتغذية، والعدل، والمساواة، وغيرها الكثير من أهداف التنمية المستدامة، وتقع مسؤولية تربية الأولاد على عاتق الأمهات والآباء، حيث يزرعون في نفوس أبنائهم عدداً من القيم المجتمعية الأساسية النبيلة؛ كالتنشئة الاجتماعية، والثقة، والاحترام المتبادل، والمسؤولية، والتعليم، والعمل الجادّ، والموّدة، والرحمة، والتسامح، والتضامن، والتطوّر الأخلاقي، كما يساهمون في تعليم الأطفال العديد من المبادئ، منها؛ احترام الفرد لحقوق الإنسان، وحسن التعامل مع الآخرين في المجتمع بإحسان وأخوة وتآزر من خلال التعامل داخل الأسرة بهذه الطريقة، والمحافظة على الالتزامات تجاه الآخرين من خلال محافظة الوالدين على الالتزامات تجاه بعضهم البعض وتجاه الأطفال أنفسهم.
وتُعدّ الأسرة المحطّة الأولى لتربية الأبناء وتحسين سلوكهم داخل المنزل وخارجه، وتُساهم في نشأة المجتمع وتطوّره، إذ يتمّ فيها تربية الجيل الصاعد الذي سيكون منه القادة السياسيون، والقوى العاملة المنتجة، والأفراد المستهلكون الذين سيعتمد عليهم المجتمع مستقبلاً، وهناك العديد من الوسائل التي تُربّي في الأبناء حسّ المساءلة؛ كإنجاز الواجبات والأعمال المنزلية، والحفاظ على الوعد، وقول الحقيقة.