أهمية الصداقة في الاسلام
أهمية الصداقة في الاسلام
تظهر أهميّة الصداقة في الإسلام بعدّة أمور، وفيما يأتي توضيحٌ لبعضٍ منها:
تناصح الأصدقاء
إنّ للصديق تأثير عجيبٌ على صديقه الذي يُحب، فتراه يقبل النصيحة منه بصدرٍ رحبٍ، ولا يقبلها من غيره، فهذا أبو الدرداء -رضيَ الله عنه-، كان بينه وبين الصحابي الجليل عبد الله بن أبي رواحة -رضيَ الله عنه- صداقةٌ قديمةٌ منذ أيام الجاهليّة.
ولمّا أسلم عبد الله بن رواحة ذهب إلى أبي الدرداء -رضي الله عنهما-، وكان لم يسلم بعد ووجد عنده أصناماً فحطّمها؛ حتى يُثبت لصاحبه بأنّها جمادات لا تضر ولا تنفع ولا تقوى على الدفاع عن نفسها، فلم تكن ردة فعل أبي الدرداء عنيفة بل تقبّل منه ذلك، وأسلم بعدها -رضيَ الله عنهما-.
ولقد جاءت الشريعة الإسلاميّة تحثّ على التآخي، وتقوّي الصلات والروابط بين أبنائها من المسلمين، كما أنّها جعلت من موجبات هذا الإخاء أو الصحبة التناصح بالخير، والإعانة على التقوى، وطلب المعونة والاستشارة ممّن يثق الإنسان ويُحب، بل وجعلت المستشار مؤتمنٌ على أمر صاحبه، وهذا كلّه يحصّن الإنسان من الوقوع في الزلل، وتجعله يقبل النصيحة بنفسٍ طيبةٍ من غير شحناء أو بغضاء فيما بينهم.
الإعانة على فعل الطاعات
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، ففي هذه السورة الجليلة يقسم المولى -سبحانه- بأنّ بني الإنسان كلّهم من الخاسرين، واستثنى فئة من ذلك جعلهم من الرابحين في الدنيا والآخرة، وهم المؤمنون الذين آمنوا وحقّقوا صدق الإيمان بالعمل.
وكان بينهم التناصح والتواصي بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بينهم، فتعاونوا على أداء الخير من الأفعال، وتجنّبوا فعل المنكرات، ثم صبروا على كل هذا واحتسبوا عند الله -سبحانه- فاستحقّوا الفوز العظيم، وكانوا أصحاب السعادة في الدارين.
تأثير الصديق على أخلاق وسلوكيات صديقه
إنّ للأصدقاء تأثيرٌ على تصرّفات الإنسان وسلوكياته، فتراه يتحلّى بأخلاق من يقترن بهم من الأصدقاء، سواءً أكانت حسنة أم سيئة، وبهذا يقول -صلّى الله عليه وسلّم-: (الرَّجلُ على دِينِ خليلِه، فلْينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلْ)، فلذلك دعا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى حسن اختيار الصديق الصالح .
وشبّهه ببائع المسك الذي لا تُحرم من فائدة أخوته وصحبته، على عكس الصديق السيء الذي لن تتركه إلّا وقد تأثرت بشرّه، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحاً طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً).
ثمرات اختيار الصديق الصالح
إنّ الإنسان الذي يُحسن اختيار الصحبة الصالحة في حياته، يعود عليه ذلك بثمرات النفع والفائدة العظيمة في الدنيا والآخرة، نذكر منها ما يأتي:
- الصّديق الصّالح يُعين على طاعة الله -سبحانه- واجتناب نواهيه.
- الصّديق الصّالح يحثّك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الصّديق الصّالح قد يكون سبباً لتقرّبك من العلم النافع وطلبه.
- الصّديق الصّالح يسعى إلى النصح الدائم لصاحبه طلباً للأجر من الله -سبحانه-.