أهم فتوحات عمر بن الخطاب
أهم فتوحات عمر بن الخطاب
فتح دمشق
فُتحت دمشق في عهدِ عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في السنة الرابعة عشر للهجرة من شهرِ رجب، وجاء عن ابن إسحاق أنّ ذلك كان بعد سير المُسلمين إليها مع أميرهم خالد، فرابطوا حتى فتح الله -تعالى- عليهم، ففُتحت دمشق صُلحاً بعد أن حاصروها أربعةَ عشر شهراً، وكان الصُّلح في يوم الأحدِ من مُنتصفِ شهر رجب بعد أن التقى المُسلون مع الرّوم بقيادة باهان، وحصل بينهم قتالاً شديداً، وهُزم بعدها الرّوم، مما أجبرهم على دُخولِ دمشق وإغلاق الأبوابِ عليهم، فحاصرها المُسلمون حتى فُتحت، ودفع الرّوم الجزيّة لهم، وكان ذلك بعد أن سمع خالد بقيام الروم بإقامة حفلٍ لصاحب دمشق، فهيّأ السلالم للدخول عليهم في المساء، وتسلّق بعض الصحابة الكِرام على السور، وفتحوا الباب لبقيّةِ الجيش، ودخل عليهم خالد واتّفق معهم على الصُّلح، وكتب بذلك إلى عُمر -رضي الله عنه-.
فتح حمص وبعلبك
كان فتح حمص وبعلبك بعد فتح دمشق، حيثُ سار أبو عبيدة -رضي الله عنه- باثْنَي عشر ألفاً، وفتحها صُلحاً في أواخر السنة الرابعة عشر من الهجرة، وقيل: فُتحت حمص في السنة الخامسة عشرة، فقد ذهب أبو عبيدة -رضي الله عنه- إلى حمص بعد أنْ فتح بعلبك، وكانت حمص من قواعد هِرقل، وكان يُرسلُ منها جُنوده لِقتال المُسلمين في الجنوب، ويُدير منها عملياته العسكريّة، وعند وصول أبي عبيدة إليها تصدّت له قوّاتِ العدو، فأرسل أبو عبيدة قوة بقيادة خالد، ثُمّ دخلوها بعد أن ولّى العدو الأدبار.
فحاصر المُسلمون أهل حمص، ولما ساءت أحوالهم وخافوا على أنفسهم؛ وافقوا النُزول تحت الحُكم الإسلاميّ صلحاً؛ والذي يتضمّن قيامهم بدفع الجزية، وحماية المسلمين لهم ولأملاكهم ولِدُور عبادتهم، وكانت حمص من أهم الفُتوحات في بلاد الشام، وكتب أبو عُبيدة إلى عُمر -رضي الله عنه- بفتح حمص وقال له: "أما بعد، فالحمد لله الذي أفاء علينا وعليك يا أمير المؤمنين أفضل كورة في الشام أهلًا وقلاعًا، وأكثرهم عددًا وجمعًا وخراجًا، وأكبثهم للمشركين كبثًا، وأيسرهم على المسلمين فتحًا".
فتح الأردن
فُتحت الأردُن كُلّها بالقوة على يد شرحبيل بن حسنة، إلا طبريّة؛ فقد فُتحت صُلحاً بأمرٍ من أبي عُبيدة، وفي السنة الخامسة عشرة من شهر رجب كانت موقعة اليرموك بين الروم الذين بلغ عددهم أكثر من مئة ألف، والمُسلمين ثلاثين ألفاً، فانتصر المُسلمون عليهم بعد أن قَتلوا سبعين ألفاً من الروم، وكان من آثارها خُروج هرقل من أنطاكية إلى القُسطنطينية.
فتح بيت المقدس
فُتحت القُدس في السنة السادسة عشرة من الهجرة بعد أن كتب عمرو بن العاص إلى عُمر -رضي الله عنهُما- يستشيرهُ في أمرِ القُدس، فترك الأمر إليه، فبدأ بمعركة أجنادين التي كانت تمهيداً لفتح القُدس في السنةِ الخامسةِ عشرة، ووزّع أرطبون قائد الرّومان في القُدس جُنوده على الرملة وإيليا اللتان تبعُدان ثمانية عشر ميلاً عن القُدس؛ استعداداً لأي تحرُّكٍ من المُسلمين، فكانت خُطة عمرو بن العاص بإشغال الرومان في فلسطين حتى ينتصر في أجنادين، ثُمّ يتفرّغ هو ومن معه لفتح القُدس.
ثُمّ قام عمرو -رضي الله عنه- بإشغال الرومان في الرملة وإيليا بإرسال قواتٍ من المُسلمين لقتالهم، وأنهى معركته في أجنادين، ثُمّ حاصر إيليا ثلاثة أيام، وبدأ بعدها برمي السهام عليهم، واستمر ذلك الحال إحدى عشر يوماً، حتى جاء أبو عُبيدة وخالد ، مما جعل أهل إيليا يرتعبون من ذلك، وحاصروهم أربعة أشهر إلى أن يئسوا مما هُم فيه، فقرّروا الاستسلام، وجاء عُمر واستلم مفاتيحها منهم.
فتح مصر
توجّه عمرو بن العاص مع جيشه المُكوّن من ثلاثة آلاف وخمسمئة مُقاتلٍ إلى مصر بعد استقرار الأوضاع في بلادِ الشّامِ والجزيرة العربيّة في السنة العشرين من الهجرة ، وكانت تحت الحُكم البيزنطيّ، وسار بجيشه عن طريق الساحل البحري إلى أن وصل مدينة القرما، وقاتل من فيها وهزمهم، وسيطر على مُعسكراتهم، ثُمّ وقعت معركة عين شمس التي كانت في طريق تحريرهم لمصر، فانتصر فيها عمرو بن العاص ومن معه، وبعث إلى عمر يطلب منه المدد، فأرسل له مدداً، وسار بجيشه حتى وصل حصن بابليون وفتح الله -تعالى- عليه، ووافق أهلهُا على الصُّلح ودَفْع الجزية، وكان ذلك فتحاً وانتصاراً كبيراً للمُسلمين في مصر، وبعث عمرو بن العاص إلى عُمر يُخبره بفتح مصر، ثُمّ فتح الإسكندريّة التي كانت نهاية الأقاليم التابعة لمصر، فقبلوا بالصُّلح بعد حصارهم ونزلوا تحت الحُكم الإسلاميّ.
مدن أخرى فتحت زمن عمر بن الخطاب
توجد العديد من المدن الأخرى التي فُتحت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومنها:
- فتح تكريت والموصل: واللّتان كانتا تحت حُكم رَجُلٍ يُسمى الأنطاق، فأمر عُمر -رضي الله عنه- عبد الله بن المعتم بقتالهم، وكان معه خمسة آلاف مُقاتلٍ، فنزل تكريت وانتصر على أهلها، ثُمّ سار حتى وصل الموصل، فاستسلم أهلها، فصالحهم على الجزية.
- فتح البصرة: وكان ذلك في السّنةِ الرابعةِ عشرة عندما بعث عُمر شُريح بن عامر إلى البصرة، فسار إلى الأهواز وقُتل هُناك، فبعث إليهم قائداً آخر يُسمى عُتبة بن غزوان المازني، ففتح الأُبُلة، ثُمّ الفُرات، ثُمّ فتح البصرة.
- فتح تستر: نزل الملك الهُرمزان تحت حُكمِ عُمر، فبعث به إلى المدينة، ولما دخلها لبس التاج والديباج، ولبس زيّهُ العجميّ، فدخل على عُمر وهو في المسجد، فسقط الهُرمزان لما أخبروه أنّهُ عُمر، وقال عُمر له: "إن لم تُسلم قتلتك"، فطلب قبل ذلك الماء، فجيء إليه بقدحٍ من خشب، فرفض الشُّرب منه، ثُمّ عرض عمر عليه الإسلام حتى أسلم.
- فتح نهاوند: تجمعت العجم والفُرس والأساورة على قتالِ المُسلمين، فلما بلغ عمر ذلك جمع الأنصار والمُهاجرين، واستشارهم في ذلك، فبعث النعمان بن مقرن، وإن أُصيب فيكون مكانه حُذيفة بن اليمان، وبعده جرير بن عبد الله البجلي، وطلب المدد من أهل الكوفة وأهل البصرة، وتجمّعوا قبل نهاوند بفرسخين، وقاتلوهم حتى نصرهم الله -تعالى-.
- مُدن فارس: ومن المُدن الفارسيّة التي فُتحت في عهد عُمر؛ مدينة اصطخر بقيادة عثمان بن أبي العاص الثقفيّ، ثُمّ فتحوا كورة أردشير وتُسمى اصطخر الأولى، ثُمّ فُتحت أصبهان.
- فتح السوس: وكان ذلك بقيادة أبي موسى الأشعريّ بعد أن حاصر أهلها.
عوامل نجاح الفتوحات فى عهد عمربن الخطاب
توجد العديد من الأسباب والعوامل التي أدّت إلى نجاح الفُتوحات في عهد عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، منها:
- المعنويات العالية في صُفوف الجيشِ المُسلم، ومعرفة الهدف الذي يُحاربون لأجله، ومحبّتهم للشهادة أكثر من الحياة.
- الإيمان والعقيدة في الجيشِ المُسلم، وارتباط عسكريّتهم بالدّين الثابت، وعدم خُضوعهم للأهواء والأطماع الشخصيّة، وجهادهم ابتغاء مرضات الله -تعالى-، بالإضافة إلى شجاعتهم وإقدامهم، وهذا كُلّه لأنه كان في سبيل الله -تعالى-، بالإضافةِ إلى تسامُحهم وإنسانيتهم، مما جعل غيرهم يؤمنون بهم.
- سياسة عُمر في المُساواة، والعدالة ، والأمن، والحُريّة، والشُورى، والتي كانت مُهيّئةً لما بعد ذلك من الجهادِ والفُتوحات.
نتائج الفتوحات الإسلامية وآثارها على العالم
كان للفتح الإسلامي الكثير من الآثار على العالم أجمع، منها:
- رفع الثقل الاقتصاديّ عن النّاس، وإعطاؤهم الحُريّة الدينيّة، وإقامة الأمن والنّظام، والإصلاح في جميع جوانب الحياة وتطويرها، وكذلك الرُّقي في التجارة، والزراعة، والاقتصاد، والثقافة، والعلم.
- تحويل الأشخاص المُسلمين من أهلِ تلك البلاد إلى طاقاتٍ للخير، ومن أعداءٍ إلى أصدقاء يُشاركون في صُنع الحضارة، بالإضافة إلى عدم إكراه أهل تلك البلاد على الإسلام.
- طرد الروم وإنهائهم من الشّام، والقضاء على الامبراطورية الفارسيّة، وجهادهم في مصر وشمال إفريقية وجُزر البحر المُتوسط.
- ازدهار البلاد الإسلاميّة، وشُعور المُسلمين بالقوّة والأمن والرخاء.