أهم أعمال ابن سينا
أهم أعمال ابن سينا
إنجازات ابن سينا في الفلسفة
اشتهر ابن سينا بكونه عالماً وطبيباً عربيّ الأصل، إلا أنّ المستشرق البريطاني إدوارد براون كان له رأياً آخراً حيث قال أنّ: "ابن سينا كان فيسلوفاً أكثر منه طبيباً"، وفيما يأتي أهم أفكار وإنجازات ابن سينا في مجال الفلسفة:
- ركّز ابن سينا -نسبةً لعلم الكونيات- على أنّ الله هو الخالق، والسبب الأول في وجود الكون ولذلك هو الأكثر أهمية، فلا شيء يسود أو يعلو على جوهره الثابت.
- ألّف كتاب الشفاء الذي يُعدّ أهم أعماله في الفلسفة والعلوم، وهو موسوعة تتكوّن من 4 أجزاء تشمل المنطق، والفيزياء، والرياضيات، والميتافيزيقيا.
- حاول ابن سينا وضع المعرفة ضمن تصنيف واسع ومُوحّد.
إنجازات ابن سينا في مجال العلوم
اشتهر ابن سينا في مجال العلوم إلى جانب شهرته في مجال الفلسفة والطب، وشمل ذلك علوم الفلك، والكيمياء، والجغرافيا، والجيولوجيا، وعلم النفس، والمنطق، والرياضيات، والفيزياء، وفي ما يأتي أهم إنجازات ابن سينا في تلك المجالات:
- علوم الأرض: أشار ابن سينا في كتابه الشفاء إلى الإحداثيّات الأرضية، واقترح أنّ التكوينات الجبلية تنجم عن حدوث تقلّبات في القشرة الأرضية؛ كالتقلّبات التي تلي زلزالٍ عنيف، أو تلك التي تنجم عن تأثير الماء الذي يسير في طرقات جديدة فيُسبب تعرية للأودية، بعض هذه التضاريس سهل الصنع، وبعضها صعب يتطلب وقتًا طويلًا لإحداث تغيير عليه.
- الفيزياء: فيما يأتي أهم إنجازات ابن سينا في مجال الفيزياء:
- طوّر ابن سينا نظرية الحركة كما وضِّح في في كتابه الشفاء، فميّز من خلال نظريته بين زاوية ميل القذيفة، وقوة المقذوف، وتوصّل إلى نتيجة مفادُها أنّ الحركة تحدث نتيجة ميل يتم نقله إلى المقذوف بواسطة الرامي، وأنّ حركة القذيفة في الفراغ لن يتوقف، كما وصف الميل كقوة دائمة تتطلّب قوى خارجية كمقاومة الهواء ليتبدد تأثيرها.
- كان ابن سينا أحد الذين ناقشوا سرعة الضوء في علم البصريات، فاشترطت ملاحظته أنّه إنْ كان إدراك الضوء ناتجاً عن انبعاث جسيمات معيّنة من مصدر مضيء، فلا بد أن تكون سرعة الضوء محدودة، إلا أنّه قدّم تفسيراً خاطئاً عن ظاهرة قوس قزح، ورغم ذلك، أُثبِتت له بعض الملاحظات لاحقاً؛ كاعتقاده بأنّ قوس قزح يتشكّل في طبقة رقيقة من الضباب تتواجد بين السحابة والشمس والراصد. كما اعتقد أنّ السحابة تعمل بمثابة خلفية لهذه المادة الرقيقة، لم يغيّر ابن سينا في نظريته مكان القوس فقط، بل وتكوين اللون أيضاً، مما يجعل التقزح اللوني مجرد إحساس وهمي في العين.
- علم التنجيم: هاجم ابن سينا علم التنجيم في رسالة، أسماها رسالة في إبطال أحكام النجوم، حيث استشهد بآيات من القرآن الكريم ليُدحِض بها قدرة علم التنجيم في التنبؤ بالمستقبل، ورغم اعتقاده بأن الكواكب تؤثر على الأرض وكل كوكب له تأثير معين؛ إلّا أنه جادل المُنجّمين بعدم قدرتهم على تحديد هذه التأثيرات الدقيقة، كما تفرّد في كتاباته فاعتبر علم الفلك الرياضي تخصصاً منفصلاً في علم التنجيم.
- علم الفلك: انتقد ابن سينا نظرية أرسطو التي تنص على أنّ النجوم تستمد ضوءها من الشمس؛ لاعتقاده بأن النجوم ذاتية الإضاءة والكواكب كذلك، كما كتب ملخص المجسطي الذي استند فيه إلى كتاب المجسطي للعالم بطليموس، وأضاف لها ملحقاً ليُطابق ما ورِد في المجسطي لما هو مفهوم من العلوم الطبيعية.
- الكيمياء: استخدم ابن سينا التقطير بالبخار لإنتاج الزيوت العطرية، مثل خلاصة الورد التي استخدمها في علاج أمراض القلب، كما ألّف كتاب المعادن، وصنّف المعادن إلى أحجار، ومواد قابلة للانصهار، وكبريت، وأملاح بناءً على أفكار أرسطو، وتُرجِمت 4 أعمال منسوبة لابن سينا إلى اللاتينية، كما كان من أهم المُؤثرين على الخيميائي وغيره في القرون الوسطى في وقتٍ لاحق.
إنجازات ابن سينا في مجال الطب
يُعدّ ابن سينا من أهم الأطباء الذين جسّدوا الصورة التكاملية للطبيب منذ القدم، حيث جمع بين طرق العلاج الكلاسيكية الحديثة مع الطرق الأكثر فعالية من الطب الشرقي، وكان ابن سينا طبيباً معروفاً في العصور الوسطى، ونُشرِت العديد من الكتب التي تُناقِش إنجازاته، ففي موسوعته العملية لقانون الطب؛ جمع ابن سينا الإنجازات والتجارب العلمية لشتّى الشعوب في القرون الوسطى، فشّمل في موسوعته الطب اليوناني، والطب الهندي، وطب آسيا الوسطى، وفيما يأتي بعض إنجازاته في الطب:
- كان له إنجازات في علم الأدوية، والصيدلة، والعلاج الدوائي، كما وصف ابن سينا العديد من النباتات الطبية التي تُعدّ راسخة في الطب التقليدي في العديد من البلدان.
- دمج ابن سينا علومه الطبية بين الطب الغربي والشرق؛ حيث كان العلماء يختلفون في تحديد العوامل المُسببة للمرض، حيث يرى الطب الغربي أنّ العوامل الخارجية؛ كالفيروسات والبكتيريا هي المُسببّة للأمراض، ويكمُن علاجها في التخلص من هذه العوامل الخارجية والوقاية منها، بينما يرى الطب الشرقي أنّ العوامل الداخلية؛ كضعف مناعة الجسم هي المُسبّبة للمرض، وعلاجها يتم من خلال تقوية مناعة الجسم واستجابته الدفاعية.
- تضمّنت موسوعة القانون في الطب لابن سينا 5 كتب؛ وكلٌّ منها مختصّ بمجال مختلف، وهي: نظرية الطب والوقاية من الأمراض وعلاجها، الأدوية البسيطة وطرق عملها، الأمراض المنفصلة وعلاجها، الجراحة والحُمّى، ووصف الأدوية والسموم المعقدة، وقد كتب العقاقير، ودورها في تشخيص أمراض القلب وعلاجها، تشخيص النبض وتقسيمه إلى عدة أنواع اعتماداً على نمط النبضة، كما وصف ابن سينا 15 طبيعة مختلفة للألم، 20 نوعاً من البول، 3 أنواع من اليرقان، و34 من العمليات الجراحية والتدخلات العلاجية التي ما زالت تُستخدم إلى هذا الوقت.
- وصف ابن سينا في كتابه ما يُقارب 670 نوعًا من المخدّر، وتناول في كتابه الحديث عن التلوّث ودوره في تحفيز الأمراض، وشمِل حساسية الجهاز التنفسي في حديثه، كما أنّه يُعدّ من أوائل العلماء المسلمين الذين تحدثوا عن أهمية العلاج النفسي، وتأثير المرض النفسي على الأعصاب والجسم؛ كالخوف، والقلق، والحزن، وهو أوّل من وصف الشلل النّصفي وأوّل مَن ميّز بين الشلل النصفي الناتج عن سبب داخلي والناتج عن سبب خارجي، كما وضّح السكتة الدماغية.
- يُعدّ ابن سينا أوّل مَن فسّر العدوى وكيفية انتقال بعض الأمراض، مثل: الجدري والحصبة، كما أنّّه أوّل من عرِف بعض الأمراض النّسائية، مثل: انسداد المهبل، والأورام الليفية، وحمّى النّفاس، بالإضافة إلى ذلك امتلك ابن سينا مهارة كبيرة في مجال الجراحة، وبيّن طرقاً عدّة لوقف النّزيف؛ كالربط والكيّ بالنّار.
إنجازات ابن سينا في الرياضيات
كتب ابن سينا في مجال الرياضيات ما يُقارب 450 عملاً، ويُعدّ أكثر المجالات التي ساهم واجتهد فيها ابن سينا، وكانت أهم أعماله كتاب الشفاء الذي خصّص جزءاً من بين أجزاء كتابه الأربعة للرياضيات، وقسّم الرياضيات إلى 4 أقسام، وهي: علم الفلك، والحساب، والموسيقى، والهندسة.
تفرّع كلّ قسم من أقسام الرياضيّات إلى فروع أخرى؛ فتفرّع قسم الهندسة إلى عدد من الأجزاء، مثل: الجيوديسيا، والإحصائيات، وعلم الحركة، والهيدروستاتيك، والبصريّات، أمّا قسم الفلك فتفرّع إلى جداول فلكية وجداول جغرافية والتقويم، وقسّم علم الحساب إلى الجبر، والجمع، والطرح الهندي، أمّا الموسيقى فقسّمها إلى آلات موسيقية لكلّ منها صوت وعمل مختلف عن الآخر.
إنجازات ابن سينا في الشعر والموسيقى
لا يزال ابن سينا مُجسّداً في لوحات وتماثيل في جميع أنحاء إيران؛ باعتباره رمزاً وطنياً للبلاد، وواحداً من أعظم الفرس الذين تعاقبوا على هذه الأرض، إذ يُقام نصباً تذكاريّاً عن حياة ابن سينا وأعماله -المُلقّب بطبيب الأطباء- خارج متحف بُخارى في إيران، كما أنّ له صورة مُعلّقة في قاعة كلية الطب في جامعة باريس، وفي ما يلي أهم أعماله في الشعر والموسيقى:
- ألّف ابن سينا عدّة مؤلفات في مجال الشعر وكتب قصائده باللغتيْن؛ العربية، والفارسية، وتُعدّ قصيدته نزول الرّوح إلى الجسد من الفُلك الأعلى القصيدة العربية الأكثر شهرة، وادّعى إدوارد جرانفيل أنّ ثمّة أبيات شعرية لابن سينا تُنسَب إلى عمر الخيام، لكنّها في الأصل تعود إلى ابن سينا.
- أُشير إلى القصائد التي كتبها ابن سينا باسم الأرجوزة، فعادةً ما تُؤلّف هذه القصائد على بحر الرّجز؛ فيُنتج نمط التكرار المقطعي نغماً موحّداً يسهُل على الإنسان تذكّره، كما أنّ الأرجوزة تمتاز بتوحّد قافية البيت الأول وعدم إتباعها في بقيّة أبيات القصيدة على عكس النمط الأحادي للقصائد النمطيّة، وبالرغم من ذلك، إلّا أنّ هناك تناغم موحّد بين شطريْ البيت الشعري في القصيدة، فكان ابن سينا شاعراً موهوباً ومجتهداً، وذكر ابن أبي عسيبية في كتابه الشهير فئات الأطباء 20 مقتطفاً من شعر ابن سينا.
- ألّف ابن سينا وهو في سن السابعة عشرة من عمره كتاباً في العَروض، أسماه؛ معتصم الشعراء في العَروض، ويذكر في قصيدته أنّ الأطباء الشعراء في زمنه ألّفوا أراجيزاً طبيّة، كما انتقد في قصائده مهنة الطب؛ لافتقارها للاجتماعات اللازمة لعقد المحاضرات والمناقشات في المستشفيات والمدارس؛ ممّا يشير إلى ممارسة هذه الإجراءات التعليمية في زمنه، ووصف قصيدته بأنها تتعامل مع جميع أجزاء الطب بأسلوب بسيط يسهل فهمه، كما كتب 12 بيت في مقدّمة قصيدته تتفكّر في خلق الله وتحمده على منح البشرية نعمة التفكير التي تُمكّن الإنسان من التعلّم والاكتشاف.
الخلاصة
يُعدّ ابن سينا عالماً وطبيباً مسلماً عربي الأصل، واسمه كامل أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا، ووُلِد عام 980م في إيران بالقرب من بخارى قديمًا -التي تُسمى اليوم بأوزباكستان-، وتُوفي عام 1037م في إيران؛ وتحديدًا في منطقة همدان، واشتُهر ابن سينا في معرفته الواسعة وإنجازاته في العديد من المجالات، كما يُعد أحد أبرز علماء الفلسفة في العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى، ويجدر بالذكر أنّه عُرف على الصعيد العالمي بإنجازاته في المجال الطبي، والفلسفة الأرسطية، كما اشتهر بكتابه الشفاء الذي يضمُّ موسوعة فلسفية وعلمية ضخمة، بالإضافة لكتاب القانون في الطب الذي يُعدّ أحد أكثر الكتب شهرة في تاريخ الطب.