أنواع الصدقات
الصدقة
تُعرّف الصدقة على أنها العطيّة التي يُبتغى بها الثواب من الله تعالى، وتجدر الإشارة إلى أن الصدقة من أعظم الأعمال وأحبّها إلى الله تعالى، لا سيّما أنها دليلٌ على صدق الإيمان بالله، واليقين بأن الرزق بيده سبحانه وتعالى، وهو القائل في كتابه الحكيم: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّـهُ)، وقد وصف الله -تعالى- عبداه المؤمنين المتّقين في أوائل سورة البقرة بأنهم يؤدّون ما عليهم من الصدقات والزكاة ابتغاء مرضاة الله تعالى ، حيث قال: (الم* ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، بالإضافة إلى أن الصدقات سببٌ لحلول الخير، ونزول البركة، حيث إن الله -تعالى- يضاعف للمتصدّق في ماله أضعافاً مضاعفة، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)، كما إن الصدقة سبب لانشراح الصدر ، وسعادة النفس.
أنواع الصدقات
تنقسم الصدقة إلى نوعين رئيسيّين، وهما صدقة النافلة، والصدقة المفروضة وهي الزكاة الواجبة، ويمكن القول إن صدقة النافلة تشمل أوجه الإحسان إلى الفقراء والمساكين من أموال غير الزكاة، أما الزكاة المفروضة فلها شروط خاصة، ومصارف معيّنة شرعاً، كما في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)، وفيما يأتي بيان كل نوعٍ على حذة.
صدقة النافلة
حثّ الإسلام على البذل والعطاء، وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تشجّع على ذلك، ومنها ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصَّدقةُ تُطفئُ غضَبَ الرَّبِّ وتدفَعُ مِيتةَ السُّوءِ)، ومن الجدير بالذكر أن صدقة التطوع لا تقتصر على نوعٍ واحدٍ من أعمال الخير ، وإنما تشمل الكثير من الأعمال، فكل معروفٍ صدقة، مصداقاً لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ وإنَّ منَ المعروفِ أن تلقَى أخاكَ بوجْهٍ طَلقٍ وأن تُفرِغَ مِن دلْوِكَ في إناءِ أخيكَ).
وأولى الناس بالصدقة هم أبناء المتصدّق وأهله وأقاربه، بل لا يجوز التصدّق على الأجنبي في حال حاجة أهل المتصدّق وعياله، ويجوز التصدّق على أهل الذمة والأسرى من المحاربين، لقول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، كما يجوز للقوي المكتسب التصدّق بكل ماله، ولكن مع مراعاة بعض الشروط التي وضعها أهل العلم، ومنها أن لا يكون المتصدّق مديناً، وليس عنده من يجب النفقة عليهم، وإلا أصبح التصدّق بكل المال مكروهاً.
الزكاة الواجبة
تُعرّف الزكاة لغةً على أنها البركة، والطهارة، والمدح، والنماء، والزيادة، والصلاح وقد وردت كلمة زكاة في القرآن الكريم بكل المعاني السابقة، ويرجع السبب في تسمية الزكاة بهذا الاسم إلى أنها تطهيرٌ للمال، وإصلاحٌ وتثميرٌ له، إذ إنها تطهيرٌ للأبدان والأموال، وزكاة النفس بتطهيرها من الكفر، والشرك، والنفاق، والفسق، والأخلاق الذميمة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)، أما شرعاً فتُعرّف الزكاة على أنها التعبد لله -تعالى- بإخراج نصيب مقدر شرعاً من مالٍ معيّن، يُنفق في مصارف مخصوصة.
وقد فرض الله -تعالى- الزكاة في العام الثاني للهجرة، وثبت وجوب الزكاة في القرآن الكريم، والسنة النبوية ، وإجماع الأمة، حيث قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وعندما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- إلى أهل اليمن قال له: (أعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ)، ومن الجدير بالذكر أن الزكاة لا تجب على المكلّف إلا إذا تحقّقت شروط معيّنة، وفيما يأتي بيانها:
- الإسلام: إذ إن الزكاة من العبادات، ولا يُطلب من الكافر أو المرتد عبادة، ولا تُقبل منه.
- البلوغ: حيث ذهب ابن عباس وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- إلى عدم وجوب الزكاة على الصبي حتى يبلغ وتجب عليه الصلاة، إذ إن الصبي غير مكلّف بالعبادات، ولا تجب عليه الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم.
- العقل: حيث إن المجنون غير مكلّف بالعبادات ، ومنها الزكاة حتى يفيق ويعود لعقله.
- الحرية: حيث إن العبد غير مطالب بالزكاة، لأنه وماله ملك لسيّده.
- النصاب: لا تجب الزكاة على المكلّف حتى يبلغ ماله النصاب ، وهو حدٌ مقدّرٌ شرعاً تجب الزكاة عند بلوغه، ويختلف باختلاف الأموال التي تجب فيها الزكاة.
- المِلك: فلا تجب الزكاة إلا في الأموال المملوكة، وذلك لأن الزكاة تمليكٌ للأموال، ولا يصحّ التمليك في غير المِلك.
- النماء: لا تجب الزكاة على المال إلا أن يكون المال قابلاً للنماء.
- الحول: لا تجب الزكاة على الأموال إلا بعد حولان الحول عليها، أي أن يمرّ عليها سنةً قمريةً كاملةً، ويستثنى من الحول بعض الأموال كالزروع، والعسل، والكنز، والمعدن، حيث تجب زكاتها عند الاستفادة منها.
فوائد الصدقة
هناك الكثير من الفوائد والفضائل للصداقات، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
- الوقاية من النار: حيث إن الصدقة تقي صاحبها من النار ، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ).
- علاج الأمراض: حيث إن الصدقة سببٌ للشفاء من الأمراض البدنية، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ).
- دخول الجنة من بابٍ خاصٍ يوم القيامة : فقد ثبت أن المتصدّق يُدعى من بابٍ خاصٍ من أبواب الجنة اسمه باب الصدقة، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ).