أنواع التفسير الموضوعي
أنواع التفسير الموضوع
التفسير الموضوعي له عدة أنواع، نبينها كما يأتي:
- التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني
هو استقراء وتتبع الباحث لكلمة، أو لفظ معين ويرصد مرات تكرارها واشتقاقاتها، ثم يستبط منها المعاني والفوائد والعبر.
- التفسير الموضوعي لموضوع قرآني
وهو أن ينتقي الباحث موضوعاً معيناً من القرآن الكريم له مقاصده وأهدافه، ويعالج عادة سلوكية أو نوعاً من أنواع العلوم، أو قضية من القضايا الاجتماعية، ثم يستنبط منها منهجاً لمعالجة المشكلات التي يواجهها المسلمون.
- التفسير الموضوعي للسور القرآنية
وهذا النوع يختص بالمحور الرئيس التي تدور حوله السورة الواحدة، وما هو المقصد الأهم من السورة.
مفهوم التفسير الموضوعي
مفهوم التفسير لغة: من الفسر، وهو الكشف والبيان، وبيان المعنى المتصور، والتفسير صيغة مبالغة من الفسر، وفي الاصطلاح: هو بذل الجهد والطاقة في إظهار معاني مفردات وكلمات آيات القرآن، وإظهار مقصود الله -تعالى- منها.
ومفهوم التفسير الموضوعي بالجمع بين التعريفات المتنوعة لهذا العلم هو: "جمع الآيات المتفرقة في سورة القرآن، المتعلقة بالموضوع الواحد لفظاً أو حكماً، وتفسيرها حسب المقاصد القرآنية".
أهمية التفسير الموضوعي
وتظهر أهمية التفسير الموضوعي فيما يأتي:
- معالجة مشكلات المسلمين المعاصرة، وفق أسس بينها القرآن الكريم.
- تقديم القرآن الكريم بصورة علمية منهجية معاصرة من خلال إظهار عظمة القرآن الكريم وجماليات مبادئه ومحاوره.
- بيان الضرورة الماسة للأخذ بتعاليم الدين بشكل عام من قبل الإنسان في هذا العصر، والإسلام بشكل خاص، وأنّ القرآن هو الطريق الوحيد للوصول إلى أهدافه.
- مجادلة خصوم الدين وكشف أكاذيبهم، وإثبات الحجة عليهم، ودحض ادعاءاتهم الجاهلية.
- بيان الاتجاهات الجديدة لموضوعات ومحاور القران الكريم، ممّا يُشجّع على تلاوة القرآن وتدبّره.
- بيان مرونة القرآن الكريم حيث إنّه يعالج المشكلات في كافة الأزمنة والأمكنة.
نشأة التفسير الموضوعي
منهج النبي صلى الله عليه وسلم
ربما يتصور البعض أنّ هذا المذهب التفسيري نشأ حديثاً؛ غير أننا إذا بحثنا جيداً نجد أنّ له وجود سابق، وأشار إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ويحذّرأصحابه من الشرك ، حينما سألوه وقالوا يا رسول الله فما من أحدٍ إلّا ويظلم نفسه، حينما استشكل كلام الله -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
ليلفت النبي -صلى الله عليه وسلم- أنظارهم وعقولهم إلى آية أخرى في كتاب الله -تعالى-، حيث يذكر فيها وصية لقمان الحكيم لابنه، فقال -تعالى-: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فبيّن لهم أنّ المقصود بالظلم في هذه الآيات هو الشرك بالله -تعالى-، فهذه إشارة واضحة لجمع مواضيع آيات الكتاب وفهم مقاصد القرآن الكريم.
منهج الصحابة
وهناك شواهد من أقوال الصحابة -رضوان الله عليهم- منهم ابن عباس -رضي الله عنهما- حينما سأله رجل فقال: إني أجد في كتاب الله أشياء لا أفهمها، وذكر قول الله -تعالى-: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ).
وذكر قول الله -تعالى-: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ)، فأجابه ابن عباس بقوله -تعالى-: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)، في النفخة الأولى، وقوله -تعالى-: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ)، في النفخة الثانية.
وفكرة التفسير الموضوعي موجودة منذ أن نزل القرآن الكريم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصاحب ذلك اهتمام العلماء به، وبالرغم من ذلك لم يكن هناك ضرورة ماسة لتعلم السابقين هذا العلم؛ لأنّهم وعوا وحفظوا كتاب الله -تعالى- بقلوبهم وصدورهم، وامتلكوا المهارة العالية في معرفة علاقة ومناسبة الآيات ذات الموضوع الواحد، فيفهمون معناها ومرماها ومقصدها.
حاجة الزمان
ولمّا تباعد الزمان عن وقت نزول القرآن الكريم ، وعن وقت الذين شهدوا نزوله وفهمه؛ أصبح تعلم مثل هذا الاتجاه ضرورة لا بدّ منها؛ وذلك لاستعمال طرق جديدة في الدعوة إلى الله -تعالى- في هذا الزمان الذي تحيط به أمواج من الإلحاد، والعصيان، والظلم، والطغيان، وقد تكالبت الحملات المسعورة ضد الإسلام والمسلمين.
ممّا جعل كثير من أهل العلم ودعاة الدين يقفون ضد هذه الحملات، ويناضلون في سبيل إظهار الحق ويوظفون مداد أقلامهم وأفكارهم النيرة، فألفوا الكتب التي تعتني بهذا الاتجاه من التفسير الموضوعي.
ومن العلماء الذين كان لهم جهد ظاهر: الشيخ شلتوت ألف كتاب (القرآن والمرأة)، وكتاب (القرآن والقتال)، وألفت عزة دروزة كتاب (اليهود في القرآن)، وألف العقاد (المرأة في القرآن)، وهذه المؤلفات كانت بمثابة بداية خير لتأسيس مدرسة التفسير الموضوعي في العصر الحديث.
ولا شك ولا ريب أنّ من أهداف نزول القرآن الكريم هداية الناس لأفضل الأخلاق، وتحريرهم من العادات والعقائد السيئة، وإحلال مكانها الأخلاق الحميدة والعقيدة الصافية النقية، ومن أهدافه نبذ أشكال التمييز المقيت؛ كالتمييز المبني على اللون والعرق، والجنس والدين وغيرها، ونشر قيم الخير من الحق والعدل.
وكثيرة هي المواضع القرآنية التي حث فيها الحق -جل جلاله- على فهم الآيات وتدبر معانيها، والوصول إلى تعاليم وأسس منوطة بكل مجالات الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتربوية، والذي يعد من الواجب علينا إظهارها للناس كافة؛ ولن تلبي اتجاهات التفسير الأخرى غرض الوصول إلى مقاصد موضوعات القرآن الكريم مثل التفسير الموضوعي.
منهج البحث في التفسير الموضوعي
ولا بدّ لطالب علم التفسير الموضوعي بداية أن يرصد جميع الآيات التي يربطها موضوعٌ واحد، فلا يستنبط حكماً ولا يستنتج فائدة قبل أن يطبق هذه الخطوات:
- أن يرتب الآيات حسب ترتيب النزول.
- أن يدرس كل موضوع منها على حدة.
- أن يحيط بالظرف الذي نزلت فيه مجموعة الآيات ذات الموضوع الواحد.
- فهم الناسخ والمنسوخ منها.
- دراسة الآيات وفق ورودها.
- فهم الآيات وتفسيرها وفهم ما يتعلق بها من معاني وأحاديث، ووقائع، وقضايا ذات صلة.
- معرفة الأبحاث القرآنية المعاصرة الخاصة بالموضوعة والاطلاع عليها.
- استخراج الفوائد والدلالات، وبيان الأهداف المعاصرة للموضوع.