أنواع الانشطار النووي
أنواع الانشطار النووي
يحدث الانشطار النووي Nuclear Fission عند انقسام نواة الذرة إلى نوى أصغر بسبب تفاعل كيميائي، وقد يكون هذا الانقسام تلقائي طبيعي، أو قد يحدّث صناعيًّا عن طريق توجيه عدد من النيوترونات إلى نواة العنصر بهدف تنشيطها لتبدأ الانشطار داخل المفاعلات والمختبرات، ونواتج هذه التفاعلات لها كتلة مجمعة أقل من الكتلة الأصلية للعنصر، وذلك بسبب تحول الفرق بين الكتلتين إلى طاقة نووية، وللانشطار النووي نوعين، هما:
- الانشطار النووي الصناعي: يبدأ بتوجيه نيوترون عالي الطاقة نحو نواة عنصر مشع مثل نواة اليورانيوم 235U، فيستجيب العنصر لتحفيز النيوترون وينقسم، وينتج عن انقسامه هذا طاقة نووية هائلة يُصاحبها نيوترونات إضافية، لتبدأ هذه النيوترونات دورها بتحفيز ذرات العنصر نفسه، فينقسم مرة أخرى من خلال تفاعل متسلسل يستمر بإنتاج الطاقة.
- الانشطار النووي العفوي أو التلقائي: وهو من الظواهر النادرة التي من خلالها تنقسم نواة العناصر المشّعة إلى نوى صغيرة مستقرة دون الحاجة لأي تدخلات خارجية، نظرًا لندرته وقلة السيطرة عليه يعتبر غير مجدي وغير مضمون مقارنة بالانشطار النووي المُفتعل الذي يعتمد على قذف العناصر بنواة النيوترون، ويحدث هذا النوع عن امتصاص النواة المشعة لنيوترون الذي يعتبر مثاليًا لهذا الغرض بسبب شحنته المتعادلة، أيّ أن النواة الثقيلة تمتصه بسهولة، والنواة الانشطارية الوحيدة الموجودة في الطبيعة تعود لعنصر اليورانيوم 235، وهو نظير نادر لليورانيوم يتمتع بعمر نصفي يصل إلى 700 مليون سنة.
ما هو الانشطار النووي؟
يعرف الانشطار النووي بأنه تفكيك أو تقسيم النوى الخاصة بالذرات الثقيلة إلى جزئيين أصغر حجمًا من النواة الأساسية للعنصر وأقل كتلةً، وتُعد نواة كل من عنصري اليورانيوم والبلوتونيوم من أهم الأمثلة على العناصر ثقيلة النوى والمستخدمة الآن في تفاعلات الانشطار النووي بهدف إنتاج الطاقة وبالتالي توليد الكهرباء، فهذا الانقسام يصاحبه كمية كبيرة من الطاقة، لذلك فإن التفاعلات النووية الحُرّة أو التلقائية خطرة وتتسبب بالكوارث في حال حدوثها دون مراقبة، في حين أن التفاعلات المُتحكّم بها من الممكن أن توفر طاقة هائلة تُساعد في إنتاج الكهرباء وباقي التطبيقات الأخرى الوارد استخدامها لمنفعة المجتمع، على عكس التفاعلات غير المسيّطر عليها كتفاعلات اطلاق القنبلة الذرية، التي تحدث انفجارات ذات قوة تدميرية هائلة.
لحدوث تفاعل الانشطار يجب توفر نيوترونات لكي تصطدم بذرة العنصر المشع، التي تنقسم بعدها إلى ذرتين أصغر حجمًا تُعرف باسم "نواتج الانشطار"، ويُصاحب هذه النواتج نيوترونات إضافية يمكنها بدء تفاعل متسلسل، وهذا التفاعل المتسلسل يطلق كمية هائلة من الطاقة التي تستخدم كثيرًا حاليًا في تسخين الماء إلى بخار، ويستخدم هذا البخار بدوره لتدوير العنفة أو التوربين لإنتاج كهرباء خالية من الكربون (طاقة نظيفة).
كيف يحدث الانشطار النووي؟
يحدث الانشطار النووي التلقائي أو المفتعل بعد توجيه عدد من النيوترونات باتجاه نواة ثقيلة، والاصطدام بها بسرعة معينة وبوتيرة تؤدي إلى الإخلال باستقرار نواة العنصر المشع، وبالتالي تحلّلها وتجزئها إلى نواتين متطابقتين في الحجم والكتلة تقريبًا، على أن تكون كتلة النواة الأم أكبر من مجموع كتلتي نواتج انشطارها، ولا يقتصر ناتج الانشطار على النوى الصغيرة الجديدة، بل يرافقها مقدار كبير من الطاقة بالإضافة لانبعاث نيوترونين أو ثلاثة تواصل بدورها مهمة النيوترونات الأولى المقذوفة تجاه نواة العنصر المشع لتكوين ما يعرف بعملية التفاعل المتسلسل، ففي جزء صغير من الثانية، تُطلق النوى المنقسمة طاقة أكبر بمليون مرة من طاقة حرق الكربون أو الطاقة الناتجة من تفجير الديناميت، وليس ذلك فحسب بل أن الطاقة التي تحصد من هذه التفاعلات هي مقدار ضئيل جدًا من الطاقة المطلقة بالفعل، وبسبب سرعة التفاعل النووي، ويبقى إنتاج الطاقة النووية أسرع بكثير من سرعة التفاعل الكيميائي، وهنالك ضرورة للتحكم بعدد النيوترونات المتحررة والمسببة للتفاعل المتسلسل، وذلك للحفاظ على استقرار وسرعة التفاعل، وفي حال تمّكن العلماء من ضبط عدد النيوترونات المُنتجة، فإنهم يتحكمون بالتفاعل نفسه، وعلى هذا المبدأ تقوم المفاعلات النووية.
اكتشاف الانشطار النووي
اُكتشفت تفاعلات الانشطار النووي عام 1938م على يد العالمين "هان" و "ستراسمان" إثر تجاربهم على عنصر اليورانيوم، بعد ضربهما لنواة العنصر بالنيوترونات، فاكتشفا من تجربتهما بأن التفاعل خلّف مادة "نظائر الباريوم" كواحدة من نواتج تجربة الاضمحلال، ولم يجدا تفسيرًا لهذا الناتج الإضافي، فلم يكن معروفًا بعد حينها أن للنيوترونات قوة قد تتسبب في انشطار نواة ذرة أكبر منها حجمًا، فأرسل بعدها العالم "هان" رسالة إلى العالمة "مايتنر" ووصف لها تجربته، لتقوم مايتنر وابن أخيها الفيزيائي الألماني "أوتو فريش" بدراسة هذه النتائج وتحليلها لمحاولة فهمها، وخلصوا في النهاية إلى أن النواة المنقسمة هي بالمحصلة قطرة سائلة، أسوةً بنموذج كيميائي اقترحه سابقًا الفيزيائي الروسي "جورج جاموف" ووافق عليه الفيزيائي "بور"، إلّا أن التفسير لم يكن مقنعًا لـ "أوتو فريش" الذي رسم مخططات توضح كيف يمكن لنواة اليورانيوم السائلة كقطرة ماء حسب نموذج جورج جاموف أن تصبح مستطيلة بعد أن تصطدم بالنيوترون ثم تنقسم إلى جزئيين، ولاحظ أنه بعد الانقسام، يحدث انفصال جزئي للمادة بسبب قوة التنافر الكهربائي المتبادل التي تولد طاقة عالية تصل لـ 200 ميغا إلكترون فولت، الأمر الذي دفعهم جميعًا للتساؤل عن مصدر هذه الطاقة، لتفحص مايتنر بعدها النوى الناتجة، فاكتشفت بأن مجموع كتلتيهما أقل بحاولي خمس كتلة نواة اليورانيوم الأصلية، واستندت لهذا على معادلة أينشتاين الشهيرة التي تربط الكتلة بالطاقة "E = mc2"؛ فاكتشفت بعدها بأن انشطار النواة رافقها نواتج لها كتلة أقل وطاقة عالية جدًا تصل لـ200 ميجا فولت، ونقلت العالمة مايتنر الخبر لإبن أخيها العالم أوتو فريش الذي شارك الخبر مع الفيزيائي بور، وبالتالي وصل خبر اكتشاف الانشطار النووي لأمريكا، حيث قوبل باهتمام فوري وابتدأ العمل به.