أنواع الاستقامة في الإسلام
أنواع الاستقامة في الإسلام
حثّت الشريعة الإسلامية - المسلمين على الاستقامة في أمور دينهم ودنياهم كلّها، حيث قال الله -تعالى-: (أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ) ، [1] وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)، [2] وتنوّعت ألفاظ السلف في تعريف الاستقامة، فمنهم من قال إنّها الإخلاص في الدين والعمل، ومنهم من قال إنّها المداومة على أداء الفرائض، ومنهم من قال إنّها الاستقامة على طاعة الله، أمّا التعريف الجامع للاستقامة؛ فهو: فعل الطاعات الظاهرة والباطنة، وترك المعاصي الظاهرة والباطنة.
وأمّا عن أنواع الاستقامة؛ فإنّها تكون بالقلب واللسان والجوارح، ويقول في ذلك الإمام ابن رجب: "أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلّها على طاعته، فإنّ القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده؛ فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان؛ فإنّه ترجمان القلب والمعبِّر عنه".
سبل تحقيق الاستقامة
فيما يلي ذكرٌ لسبل تحقيق الاستقامة:
- المحافظة على الطاعات والاجتهاد فيها ومجاهدة النفس عليها: إنّ إيمان المسلم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأهم ما يحافظ عليه المسلم الصلوات الخمس، وكذلك الالتزام ببقية الفرائض، وأن يستزيد من النوافل ويداوم عليها.
- الإخلاص في العلم والعمل: لا بدّ للعبد أن يخلص نيته لله -تعالى- وأن يجعلها خالصةً لوجه الله وحده؛ إذ إنّ النيّة روح العمل، قال الله -تعالى-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا).
- الإكثار من قراءة القرآن: لا بد للمؤمن حتّى تكتمل استقامته أن يداوم على قراءة القرآن الكريم، وأن يكون له وردٌ يوميٌّ يقرأ ما تيسر من القرآن فيه، وأن يتدبّر القرآن وأن يعمل بما جاء فيه، وأن يحاول حفظه كاملاً أو ما تيسر منه، فقد جعل الله -تعالى- القرآن سبيلاً لمن أراد أن يستقيم، قال -تعالى-: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ* لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ) .
- الدعاء: الدعاء من مقوّيات إيمان العبد، وسببٌ لاستقامته وثباته على الطاعات.
- الصحبة الصالحة: إذ إنّ صحبة أهل الذنوب والمعاصي تضعف الاستقامة، وصحبة الصالحين تزيد من استقامة العبد وتحثه على الثبات على الطاعات .
- التوسط والاعتدال: فالواجب على المسلم أن يكون وسطًا، لا إفراط وغلو وتشديد في الدين، وأيضًا لا تفريط باتباع الهوى والرخص في الفتاوى، ولكن الوسط في ذلك وهو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
مظاهر نقص الاستقامة
سنذكر بعض مظاهر نقص الاستقامة فيما يأتي:
- عدم الاستعداد لتقديم التضحيات: ليس على المؤمن فقط أن يؤدي الفرائض من صلاة وصوم وزكاة وحج، بل لا بد حتى تكتمل استقامة المسلم أن يقدم التضحيات من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وأن يتحمل الأذى في سبيل هذا الدين.
- الرياء والنفاق في العمل: إن الذين يتحركون بعبادات جسدية ليس فيها إخلاص لله -تعالى- ولا روح، إذ إن كثيراً من أعمالهم يتخللها النفاق و الرياء فان أولئك استقامتهم ناقصة، ولا بد أن يعودوا لله -تعالى- حتى تكتمل استقامتهم.
- الكذب وإخلاف الوعد والفجور في الخصومة: الذي إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا تخاصم مع أخيه المسلم فجر في الخصومة، وقطع أخاه قطعًا تامًا، فإنّ هؤلاء استقامتهم ناقصةٌ، ولا بدّ من مراجعة أنفسهم حتى تكتمل استقامتهم.