أبيات من شعر الهجاء في العصر الجاهلي
قصيدة: فإن يأتكم مني هجاء فإنما
قال أوس بن حجر :
فَإِن يَأتِكُم مِنّي هِجاءٌ فَإِنَّما
- حَباكُم بِهِ مِنّي جَميلُ اِبنُ أَرقَما
تَجَلَّلَ غَدرًا حَرمَلاءَ وَأَقلَعَت
- سَحائِبُهُ لَمّا رَأى أَهلَ مَلهَما
فَهَل لَكُمُ فيها إِلَيَّ فَإِنَّني
- طَبيبٌ بِما أَعيا النِطاسِيَّ حِذيَما
فَأُخرِجَكُم مِن ثَوبِ شَمطاءَ عارِكٍ
- مُشَهَّرَةٍ بَلَّت أَسافِلَهُ دَما
وَلَو كانَ جارٌ مِنكُمُ في عَشيرَتي
- إِذاً لَرَأَوا لِلجارِ حَقّاً وَمَحرَما
وَلَو كانَ حَولي مِن تَميمٍ عِصابَةٌ
- لَما كانَ مالي فيكُمُ مُتَقَسَّما
أَلا تَتَّقونَ اللَهَ إِذ تَعلِفونَها
- رَضيخَ النَوى وَالعُضِّ حَولاً مُجَرَّما
وَأَعجَبَكُم فيها أَغَرُّ مُشَهَّرٌ
- تِلادٌ إِذا نامَ الرَبيضُ تَغَمغَما.
قصيدة أطردتني حذر الهجاء ولا
قال المتلمس الضبعي:
أَطرَدتَني حَذَرَ الهِجاءِ وَلا
- وَاللاتِ وَالأَنصابِ لا تَئِلُ
وَرَهَنتَني هِنداً وَعِرضَكَ في
- صُحُفٍ تَلوحُ كَأَنَّها خِلَلُ
شَرُّ المُلوكِ وَشَرُّها حَسَبًا
- في الناس مَن عَلِموا وَمَن جَهِلوا
الغَدرُ وَالآفاتُ شيمَتُهُ
- فافهَم فَعُرقوبٌ لَهُ مَثَلُ
بِئسَ الفُحولَةُ حينَ جُدَّتَهِم
- عَركُ الرِهانِ وَبِئسَ ما يَخِلوا
أَعني الخُؤولَةَ وَالعُمومَ فَهُم
- كالطِبنِ لَيسَ لِبَيتِهِ حِوَلُ.
قصيدة قدامة أمسى يعرك الجهل أنفه
قال الحطيئة :
قُدامَةُ أَمسى يَعرُكُ الجَهلُ أَنفَهُ
- بِجَدّاءَ لَم يُعرَك بِها أَنفُ فاخِرِ
فَخَرتُم وَلَم نَعلَم بِحادِثِ مَجدِكُم
- فَهاتِ هَلُمَّ بَعدَها لِلتَنافُرِ
وَمَن أَنتُمُ إِنّا نَسينا مَنَ اَنتُمُ
- وَريحُكُمُ مِن أَيِّ ريحِ الأَعاصِرِ
فَهَذي الَّتي تَأتي عَلى كُلِّ مَنهَجٍ
- تَبوعُ أَمِ القَعواءُ خَلفَ الدَوابِرِ
مَتى جِئتُمُ إِنّا رَأَينا شُخوصَكُم
- ضِئالاً فَما إِن بَينَنا مِن تَفاكُرِ
وَأَنتُم أُلى جِئتُم مَعَ البَقلِ وَالدَبا
- فَطارَ وَهَذا شَخصُكُم غَيرُ طائِرِ
أَريحوا البِلادَ مِنكُمُ وَدَبيبُكُم
- بِأَعراضِنا فِعلُ الإِماءِ العَواهِرِ.
قصيدة: إنك يا أوس اللئيم محتده
قال بشر بن أبي خازم:
إِنَّكَ يا أَوسُ اللَئيمُ مَحتَدُه
- عَبدٌ لِعَبدٍ في كِلابٍ تُسنِدُه
مُعَلهَجٌ فيهِم خَبيثٌ مَقعَدُه
- إِذا أَتاهُ سائِلٌ لا يَحمَدُه
مِثلَ الحِمارِ في حَميرٍ تَرفِدُه
- وَاللُؤمُ مَقصورٌ مُضافٌ عَمَدُه.
قصيدة ألا قبح الله البراجم كله
قال امرؤ القيس :
أَلا قَبَّحَ اللَهُ البَراجِمَ كُلَّه
- وَجَدَّعَ يَربوعًا وَعَفَّرَ دارِها
وَآثَرَ بِالمِلحاةِ آلَ مُجاشِعٍ
- رِقابَ إِماءٍ يَقتَنينَ المَفارِما
فَما قاتَلوا عَن رَبِّهِم وَرَبيبِهِم
- وَلا آذَنوا جارًا فَيَظفَرَ سالِما
وَما فَعَلوا فِعلَ العُوَيرِ بِجارِهِ
- لَدى بابِ هِندٍ إِذ تَجَرَّدَ قائِما.
قصيدة إني وجدك ما هجوتك
قال طرفة بن العبد :
إِنّي وَجَدِّكَ ما هَجَوتُكَ وَال
- أَنصابِ يُسفَحُ بَينَهُنَّ دَمُ
وَلَقَد هَمَمتُ بِذاكَ إِذ حُبِسَت
- وَأُمِرُّ دونَ عُبَيدَةَ الوَذَمُ
أَخشى عِقابَكَ إِن قَدَرتَ وَلَم
- أَغدِر فَيُؤثَرَ بَينَنا الكَلِمُ.
قصيدة لعمرك لا أهجو منولة كلها
قال الحادرة:
لَعَمرُكَ لا أَهجو مَنولَةَ كُلَّها
- وَلَكِنَّما أَهجو اللِئامَ بَني عَمرِ
مَشاتيمَ لِاِبنِ العَمِّ في غَيرِ كُنهِهِ
- مَباشيمَ عَن لَحمِ العَوارِضِ وَالتَمرِ
مَفاريطَ لِلماءِ الظَنونِ بِسُحرَةٍ
- تُغاديكَ قَبلَ الصُبحِ عانَتُهُم تَجري
يُزَجّونَ أَسدامَ المِياهِ بِأَينُقٍ
- مَثاليبَ مُسوَدٍّ مَغابِنُها أُدرِ.
قصيدة هجوت صريح الكاهنين وفيكم
قال العباس بن مرداس:
هَجَوتَ صَريحَ الكاهِنَينِ وَفيكُمُ
- لَهُم نِعَمٌ كانَت مِنَ الدَهرِ تُرتُبا
أُولَئِكَ أَحرى لَو بَكَيتَ عَليهِمُ
- وَقَومُكَ لَو أَدَّوا مِنَ الحَقِّ موجَبا
مِنَ الشُكرِ إِنَّ الشُكرَ خَيرٌ مَغَبَّةً
- وَأَوفَقُ فِعلاً لِلَّذي كانَ أَصوَبا
فَكُنتَ كَمَن أَمسى يُقَطِّعُ رَأسَهُ
- لِيَبلُغَ عِزّاً كانَ فيهِ مُرَكَّبا
فَبَكِّ بَني هارونَ وَاِذكُر فَعالَهُم
- وَقَتلَهُمُ لِلجوعِ إِذ كُنتَ مُجدِبا
أَخَوّاتُ أَذرِ الدَمعَ بِالدَمعِ وَاِبكِهِم
- وَأَعرِض عَنِ المَكروهِ مِنهُم وَنَكِّبا
فَإِنَّكَ لَو لاقَيتَهُم في دِيارِهِم
- لَأُلفيتَ عَمّا قَد تَقولُ مُنَكِّبا
سِراعٌ إِلى العَليا كِرامٌ لَدى الوَغى
- يُقالُ لِباغي الخَيرِ أَهلاً وَمَرحَبا.
قصيدة ومولى ضعيف النصر ناء محله
قال عمرو بن قميئة:
وَمَولى ضَعيفِ النَصرِ ناءٍ مَحَلُّهُ
- جَشِمتُ لَهُ ما لَيسَ مِنّي جاشِمُه
إِذا ما رَآني مُقبِلاً شَدَّ صَوتَهُ
- عَلى القِرنِ وَاِعلَولى عَلى مَن يُخاصِمُه
وَأَجرَدَ مَيّاحٍ وَهَبتُ بِسِرجِهِ
- لِمُختَبِطٍ أوذي دَلالٍ أُكارِمُه
عَلى أَنَّ قَومي أَسلَموني وَعُرَّتي
- وَقَومُ الفَتى أَظفارُهُ وَدَعائِمُه.
قصيدة لا أرى أن بالقتيل قتيلا
قال زيد الخيل الطائي:
لا أَرى أَنَّ بِالقَتيلِ قَتيلاً
- عامِرِيّاً يَفي بِقَتلِ دَوابِ
لَيسَ مَن لاعَبَ الأَسِنَّةَ في النَقْ
- عِ وَسُمِّيَ مُلاعِبًا بِأَرابِ
عامِرٌ لَيسَ عامِرُ بنُ طُفَيلٍ
- لَكِن العَمرَ رَأسُ حَيِّ كُلابِ
ذاكَ أَن أَلقَهُ أَنالُ بِهِ الوَتْ
- رَ وَقَرَّت بِهِ عُيونَ الصِحابِ
أَو يَفُتني فَقَد سُبِقتُ بِوَتَرٍ
- مَذحَجِي وَجَدِّ قَومي كِئابِ
قَد تَقَنَّصتُ لِلضَبابِ رِجالاً
- وَتَكَرَّمتُ عَن دِماءِ الضِبابِ
وَأَصَبنا مِنَ الوَحيدِ رِجالاً
- وَنَفيل فَما أَساغوا شَرابي.