وسائل الدعوة
فضل الدعوة
الدعوة إلى الله -تعالى- هي وظيفة الأنبياء عليهم السلام، وكل من سار في طريق الدعوة فإنه مُتبع لآثارهم، ومبلّغا عن الله -تعالى- وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن الدعوة عندما يرافقها العمل الصالح تكون من أعظم العبادات والأعمال، ولها أثر كبير في إصلاح البشرية جمعاء، أما الدعاة إلى الله فإن لهم أجراً عظيماً وثواباً كبيرا، فالخير الموجود في أمتنا بسبب دعوتهم لله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أكبر عمل يقومون به، ولهم أجر على دعوتهم حتى وإن لم يستجب لها المدعوون، فإن استجابوا كان للداعي أجر بكل عمل يقوم به المدعوون مهما بلغ عددهم.
وسائل الدعوة
هي الطرق التي يسير بها الداعي ومن خلالها يتوصل إلى تحقيق أهدافه، ويجب أن تكون هذه الوسائل مشروعة، بمعنى أن الشرع الحكيم أباحها وأمر بها، وفيما يأتي بيان لوسائل الدعوة المشروعة.
وسيلة القول
وهي الوسيلة الأولى في إيصال الحق للناس، فعلى الداعية أن يختار في طريق دعوته ألفاظاً حسنة وكلاماً عذباً، وأن يبدأ بالقول اللين ثم ينتقل إلى التغليظ فيه، فالكلمة الطيبة تأتي بنتائج وثمار طيبة، يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، وقد يضطر الداعي إلى التغليظ في قوله، لأنه إذا كان القول اللين هو الكلمة الأولى، فليس هو الكلمةَ الأخيرة.
اللغة
يجب على الدعية أن يخاطب الناس الذين يدعوهم بلغتهم، وأن يكون أسلوبه متناسباً مع المستوى الذي هم فيه من الثقافة والفهم، ومن واجبات الداعية أن يلتزم بقواعد اللغة العربية في الكتابة والخطابة، فعندما يتعود الإنسان على لغة فإنها ستؤثر في عقله ودينه وخلقه، ومعرفة اللغة العربية فرض واجب، وفهم الكتاب والسنة فرض كذلك، ولا يُفهمان إلا عند فهم هذه اللغة، أما إذا أراد الإنسان تعلم لغة أجنبية من أجل دعوة أهلها للإسلام فلا بأس، بل إنها واجب على من تعيّن عليه.
العمل الصالح والقدوة الحسنة
أمرنا الله بالعمل الصالح بعد الإيمان به، فالإيمان بلا عمل زعمٌ فارغ لا قيمة له، ومن أهم الوسائل التي تؤثر في المدعوّين؛ أن يتطابق القول مع العمل، وإن تخالفا فإن ذلك عيب لا يليق بالمسلم والداعية أن يتصفا به، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)، ومن الواجب أن يُلزم الداعي نفسه بما يدعو إليه، وأن يُطابق عمله قوله، فلا يدعو إلى الزهد مثلاً وهو يعيش في قصر واسع ويركب سيارة فارهة، ومخالفة القول للعمل لا تكون إلا لمن فقد البصيرة، أما من يملكها فإنه حريص كل الحرص على أن يوافق عمله قوله، وهذا هو الواجب، والإسلام يأمر بالصدق وإتقان العمل والأمانة والإحسان في كل شئ، وتسمى الأخلاق الأساسية، وينهى عن الظلم وإخلاف الوعد إلى غير ذلك من الخصال السيئة، والالتزام بالأخلاق الحسنة هو أول طريق النهوض، وهو بحد ذاته دعوة ودليل للالتزام بأخلاق الدين الإسلامي.
الكتابة والحوار عن طريق الإنترنت
إن شبكة الإنترنت مكان خصب للرد على مزاعم أعداء الإسلام وشبهاتهم، وهي من الوسائل المعاصرة التي ظهرت في زماننا بقوة، لكن على الداعي أن يركّز على مجال الدعوة فيها من غير أن يبدّد طاقاته في أمور جانبية لا تعود عليه بالنفع.
الجهاد
ويُقصد بالجهاد؛ الجهاد بمفهومه الشامل، فهو سيد الوسائل وذروة سنامها، ويبدأ من داخل النفس البشرية، فيقوم بإصلاحها ويجاهدها من أجل تعلم العلم الصحيح والعمل به والدعوة إليه، وبعد ذلك يجاهد الشيطان ويحمي نفسه من مداخله؛ وهي الشبهات والشهوات، ثم جهاد الأعداء والمنافقين، فالجهاد سيد الوسائل كلها.
واجب الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله هي سبيل الأنبياء وأتباعهم إلى يوم القيامة ، وهي أهم الواجبات الإسلامية، والمدعوّون أصنافهم كثيرة؛ فمنهم من يرغب بالخير ولكنه غافل وبصيرته قليلة، وهذا الصنف يحتاج إلى تفهيمه وإرشاده إلى الحق، ودعوته بحاجة إلى الحكمة، وعندها سيقبل الدعوة ويسعى إلى الحق وينتبه من غفلته، أما الصنف الثاني فهو معرض عن الحق ومشتغل بغيره، وصاحبه يحتاج إلى وعظه بالحسنى واستخدام أسلوب الترغيب والترهيب، وعلى الداعي أن يقوم بتنبيهه على المصالح العاجلة والآجلة إن تمسك بالحق، وعلى خلاف ذلك من العواقب السيئة إن لم يتمسك به، فلعل ذلك يدعوه لطريق الحق وترك الباطل، ومنهم من له شبهة تقف بينه وبين فهم الحق، وهنا يتم النقاش والجدال بالحسنى حتى تزول الشبهة، وعلى الداعي أن يرفق بهذا الصنف أكثر من الأصناف السابقة، وعليه بالصبر على مناقشته حتى يتم استئصال الشبهة من قلبه، وهذا يكون باستخدام الأدلة الدالة على الحق من خلال شرحها وتوضيحها والتنويع فيها.
الدعوة إلى الله في السلوك اليومي
من أعظم أساليب الدعوة إلى الله هي الدعوة بالسلوك، وهي أن يطبق المسلم دين الله تعالى، وعندها سيكون قدوة للناس، وعلى الداعية أن يستخدم الأساليب المشوقة في دعوته، وديننا لا يمنع من استخدام وسائل تعين الداعي في دعوته؛ كالهدايا والزيارات وغير ذلك، فالطبيب داعية إلى الله بعمله، ولا شك أن تأثير العمل أبلغ من القول، فعندما يتقن الطبيب عمله ويتابع مرضاه ويحرص عليهم، وعندما يتعامل مع زملائه ومرضاه وغيرهم بالحسنى، فإنه يعكس صورة مشرقة حسنة عن الطبيب المسلم ، وعندها ستؤثر دعوته على الآخرين، وإن كان بخلاف ذلك فإن الناس ستنفر منه، ويجب علينا العودة لما كان عليه النبي والصحابة أجمعين، والتأسي بالرسول -عليه الصلاة والسلام- فهو قدوة البشرية جميعا، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا).
الداعي إلى الله
ليس شرطاً في الداعية أن يكون صاحب علم كبير، ولكن الشرط أن يكون عالماً بما يدعو إليه، أما الدعوة عن جهل وبناءً على العاطفة فلا يجوز ذلك، فبعض الدعاة أصحاب العلم القليل نجدهم لقوة عاطفتهم يُحرِّمون ما لم يحرّم الله، ويوجبون ما لم يوجبه، وهذا أمر خطير جدا، أما إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه، فليس هناك فرق بين أن يكون عالماً كبيراً أو طالب علم مجتهد أو عامياً بشرط أن يكون علِم المسألة علماً يقيناً.