واجبات العمرة
واجبات العمرة
إنّ للعمرة أركاناً وواجباتٍ وسنناً عديدة، وتتلخّص واجباتها في ثلاثة أمور، وهي: الإحرام من الميقات، وتجرّد الرجال من المخيط، والتحلّل بالحلق أو التقصير، ونبيّن هذه الواجبات فيما يأتي:
الإحرام من الميقات
الإحرام من الميقات واجب، ولا يجوز تجاوز الميقات بِلا إحرام، ومَن تجاوزه وجب عليه الرجوع إليه والإحرام منه، وإن لم يرجع إلى الميقات فعليه دم، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يُحرمون من الميقات، وأَمَر المسلمين أن يأخذوا عنه مناسكهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ).
وميقات أهل المدينة هو ذو الحليفة، وميقات أهل الشام ومصر هو الجحفة، أما ميقات أهل اليمن فهو يلملم، وميقات أهل نجد هو قرن المنازل، فقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).
أمّا المقيم في مكّة إذا أراد العمرة فإنّ ميقاته أدنى الحلّ، فيخرج للحلّ بأي جهةٍ من الجهات ويُحرم منه، ويُستحبّ أن يُحرم من الجعرانة؛ اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو من التنعيم، لأنّ النبي أمر عائشة -رضي الله عنها- أن تُحرم منه.
التجرد من المخيط للرجال
إنّ تجرّد الرجال من المخيط بعد الإحرام واجبٌ، والمخيط هو ما يُحيط بالبدن أو بعضوٍ منه، كالقميص، والسروال، والعمامة، ونحوها، فيحرم لبسها، و يلبس المُحرم إزاراً ورداءً، ويُستحب أن يكونا أبيضيْن.
ويدلّ على وجوب التجرّد من المخيط بعد الإحرام قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَلَا الخُفَّيْنِ إِلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فإنْ لَمْ يَجِدْهُما فَلْيَقْطَعْهُما أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).
الحلق أو التقصير
يعتبر حلق الشعر أو تقصيره واجباً من واجبات العمرة عند التحلّل بحسب قول جمهور الفقهاء، بدليل قول الله -تعالى-: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)، وعن ابن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحالَ كُفّارُ قُرَيْشٍ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وحَلَقَ رَأْسَهُ بالحُدَيْبِيَةِ).
والحلق أفضل لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا للمحلِّقين والمُقصرين فقال: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قالوا: ولِلْمُقَصِّرِينَ، قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قالوا: ولِلْمُقَصِّرِينَ، قالَهَا ثَلَاثًا، قالَ: ولِلْمُقَصِّرِينَ).
حكم من ترك واجباً من واجبات العمرة
مَن ترك واجباً من واجبات العمرة فعليه الفدية، وبيانها فيما يأتي:
- ترك الإحرام من الميقات
إذا رجع المسلم إلى الميقات فأحرم منه فلا دم عليه، أما إذا لم يرجع وأحرم بعد تجاوزه فعليه دم يُوزّع لحمه على فقراء الحرم، أما إذا كان لا يملك ثمنه فقد ذهب جمهور العلماء إلى القول بوجوب صوم عشرة أيام؛ ثلاثة في الحجّ وسبعة عند رجوعه قياساً على فدية المتمتّع .
- ترك الحلق أو التقصير
مَن ترك الحلق والتقصير فإنه يأتي به وإن رجع إلى بلده، ولا دم عليه إلا إذا ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام قبل حلقه أو تقصيره، وهي على التخيير: دم أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستّة مساكين.
وقيل: مَن تركه ناسياً أو جاهلاً فلا إثم عليه، وعمرته صحيحة، ولكن يجب أن يحلق أو يُقصّر إلا إذا فات الأوان، فحينها عليه دم يذبحه ويتصدّق به على فقراء مكة.
- فدية لبس المخيط
مَن لبس المخيط في إحرامه لغير ضرورةٍ -كفقدان ملابس الإحرام- فعليه فدية الأذى، وهي على التخيير، فيصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة، أو يُطعم ستة مساكين.