هل يجوز توزيع الميراث قبل الموت؟
حكم توزيع الميراث قبل الموت
إن الأصل في الميراث أن يُترك لِيوزَّع بعد الموت على مستحقّيه، لكن الميراث قدّ يوزّع قبل موت صاحب المال على سبيل الهبة والعطيّة أو على سبيل التوريث، وفيما يأتي بيان حكم هذه الحالات:
توزيع الميراث قبل الموت على سبيل الهبة
يقوم البعض بتقسيم أموالهم قبل الموت على ورثتهم إذا رأوا مصلحة معيّنة في قيامهم بذلك، فيوزّعونها عليهم على سبيل الهبة والعطية لا على سبيل الميراث، وحكم ذلك أنه مباح جائز، لا سيما إن كان هناك سبب لذلك؛ كخوفهم من ظلم وحرمان بعض الورثة لغيرهم وما شابه مما يحصل كثيراً في مجتمعاتنا للأسف الشديد، أمّا إن كان يضمن أنه سيوزع بالحق والعدل بعد أن يموت فالأولى أن يُترك الأمر إلى ما بعد موته.
وذهب جمهور العلماء في ندب واستحباب التسوية في العطاء بين الأولاد ذكوراً وإناثاً، كما اتفقوا على كراهة التفضيل بينهم في حال الحياة والصحة، لكن تعددت آرائهم في بيان المراد من التسوية المستحبة كما يأتي:
- ذهب الجمهور من المالكية والشافعية وأبو يوسف من الحنفية إلى أن المراد من التسوية في العطاء؛ أنه يستحب للأب أن يسوّي بين الذكور والإناث في العطية؛ فتُعطى الأنثى كما يُعطى الذكر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: (سَاوُوا بَيْنَ أوْلَادِكُم فِي العَطِيَّةِ وَلَو كُنتُ مُفضِّلًا أحدًا لفضَّلتُ النِّسَاء"، وقوله صلى الله عليه وسلم من حديثٍ له:"اتَّقُوا اللهَ وَاعدِلُوا بَينَ أوْلادِكُم) ، وحملوا الأمر في هذه الأحاديث على الندب لا الوجوب.
- وذهب الحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أنه ينبغي للأب أن يقسم بين أولاده الذكور والإناث على حسب قسمة الله في الميراث؛ للذكر مثل حظ الأنثيين ، كمثل حالة الموت؛ لأن قسمة الله أول ما يُقتدى به، ولأن العطيّة استعجال لتوزيع ما يكون بعد الموت في الأصل، فينبغي أن تكون على حسَبِه.
- وقالت جماعة إنه يجب التسوية في العطاء والهبة، وتبطل العطية بدون المساواة، وأن الأمر في الاحاديث يقتضي الوجوب، كما أنه يسن التسوية في العطية بين الوالدين، والعطية بين الإخوة والأخوات.
توزيع الميراث قبل الموت على سبيل الإرث
أمّا تقسيم التركة للورثة قبل الوفاة على سبيل الإرث فلا يصح ولا يجوز، لأن المورّث لا يزال حيّا، والحيّ لا يورَث، وملكه باقٍ على أمواله، والميراث إنما يُستحقه الورثة بعد موت صاحب المال وزوال يده عنه، وإن من أهم شروط الميراث؛ تحقق موت المورّث حقيقةً يقيناً، أو حُكمًا وذلك بإلحاقه بالموتى كالمفقود لمدة طويلة إذا حكم القاضي بموته، بعد ذلك يستحق الورثة ميراثهم بالطريق الشرعي الصحيح.
شروط الإرث
شروط الميراث ثلاثة سأذكرها فيما يأتي:
- تحقق موت المورّث حقيقةً أو حكماً، ووضحنا ذلك سابقاً.
- تحقق حياة الوارث بعد موت المورّث حقيقةً، أو حكماً كالمولود إذا انفصل عن أمه وعاش ولو قليلاً بعد وفاة المورّث، فإنه يُلحق بالأحياء ويستحق الميراث، وهناك تفصيل في كتب الفقه حول ذلك.
- العلم بالجهة المقتضية للإرث؛ من زوجية أو قرابة أو ولاء، وتعين جهة القرابة؛ من بنوة أو أبوة أو أمومة أو أخوّة أو عمومة، والعلم بالدرجة التي اجتمع فيها الميت والوارث، لكي تكون كل جوانب الإرث واضحة جليّة ليستحق الوارث حقه على بيّنة.