هل القلق يسبب نقصان الوزن
هل القلق يسبب نقصان الوزن أم زيادته
تُعدُّ مشاكل الشهيّة إحدى الأعراض التي يُمكن أن يُسبّبها القلق، وعلى الرغم من أنّها ليست من الأعراض الرئيسيّة له؛ إلّا أنّها قد تؤدي إلى تغيُّراتٍ كبيرةٍ في النظام الغذائي للعديد من الأشخاص دون إدراكهم لذلك، ويختلف تأثير القلق في الشهيّة من شخصٍ لآخر، كما قد يختلف لدى نفس الشخص في حال كانت درجة القلق طفيفةً، أو كان يُعاني من القلق الشديد، وبناءً على هذه الاختلافات قد يؤدي القلق إمّا لزيادة الوزن أو نُقصانه، فمثلاً تزداد الشهيّة لدى بعض الأشخاص عند شعورهم بالقلق، ممّا يجعلهم يسعون لزيادة تناول الطعام محاولةً منهم للتخلّص من شعور القلق، كما قد تختلف الشهيّة عند الشعور بالقلق لدى النساء عن الرجال، ففي إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة Psychosomatic Medicine عام 2016 تبيّن وجود رابط لدى النساء بين ارتفاع مستويات القلق وزيادة الوزن ومؤشر كتلة الجسم ، بينما لم يظهر هذا الرابط لدى الرجال؛ حيثُ أشارت الدراسة إلى ميل النساء إلى استهلاك سعرات حراريّة أكثر عند شعورهنّ بالقلق.
ومن جهة أخرى فقد يشعر البعض الآخر بقلّة الجوع والعطش، وعدم الرغبة في تناول الطعام عند تعرضهم للقلق؛ وخاصّةً عندما يُرافقه الاكتئاب، إذ يؤدي القلق المُستمر إلى ارتفاعٍ مُستمر في نِسَبِ الهرمون المطلق لموجهة القشرة (بالإنجليزية: Corticotropin-Releasing Factor) في الجسم، وهو أحد الهرمونات التي يُفرزها الجسم استجابةً للضغوط النفسيّة والتوتر، ممّا يؤدي إلى فُقدان الشهيّة لفتراتٍ طويلة، كما قد يؤدي الشعور بالقلق إلى بعض التغيّرات الجسديّة أحياناً، مثل: الشعور بالغثيان، أو الإمساك وهذا أيضاً قد يؤدي إلى قلّة الشهية للطعام، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّ القلق يزيد من إنتاج هرمون الكورتيزول الذي قد يؤدي إلى تسريع عملية الهضم عن طريق زيادة إفراز العُصارة الهضمية، وفي حال عدم تناول الطعام فإنّ ذلك قد يؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة (بالإنجليزيّة: Stomach ulcer).
القلق وزيادة الوزن
كما ذُكر سابقاً؛ فإنّ علاقة القلق بالوزن تُعدّ من العلاقات المُعقّدة إلى حدّ ما؛ فبينما يُمكن لزيادة الوزن أن تكون إحدى الأعراض المؤثرة في العديد من الأشخاص المُعرّضين للقلق والتوتر، يُمكن في الوقت ذاته ألّا يُسبّب القلق هذا التأثير دائماً، بل قد يُسبّب عكس ذلك كما ذُكِر سابقاً، ولكن يمكن القول إنّ القلق يمكن أن يسبب زيادة الوزن نتيجة العوامل الآتية:
- ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول: (بالإنجليزية: Cortisol)؛ وهو هرمون يفرزه الجسم في حالات التوتر والقلق، وعلى الرغم من أنّ هذا الهرمون يقلل الشهية كما ذُكر سابقاً، إلّا أنّه يسبب أيضاً تراكم الدهون في منطقة وسط الجسم، ويُعدّ ارتفاع مستويات هذا الهرمون أحد أهمّ العوامل التي تجعل من الصعب على من يعانون من القلق التحكم في وزنهم.
- الشعور بالرغبة في تناول كمياتٍ كبيرةٍ من الطعام: وقد يحدث ذلك لسبيين رئيسيين، أولها: أنّ تناول الطعام قد يساهم في إفراز هرمون الإندورفين (بالإنجليزية: Endorphin)، والذي يُحسّن المزاج، وقد يزيد تناول الطعام عند من يعانون من القلق كوسيلةٍ للتعامل مع هذه المشكلة، أمّا السبب الثاني فهو أنّ بعض الأشخاص يشعرون بالجوع بشكلٍ أكبر عند شعورهم بالتوتر، ولكنّ هذا التأثير يختلف من شخصٍ إلى آخر كما ذُكر سابقاً.
- قلة النشاط الجسدي: في العادة يقضي الأشخاص المصابون بالقلق وقتاً أطول في المنزل دون الخروج وممارسة الأنشطة المختلفة، وقد ينامون لفتراتٍ أطول أيضاً، ويعني ذلك قلة النشاط البدني وحرقاً أقلّ للسعرات الحرارية، وقد يلعب ذلك دوراً في زيادة الوزن.
لمحة عامة عن القلق
يتعرّض الإنسان في حياته الطبيعيّة للعديد من المواقف أو الالتزامات التي تجعله يشعر بالهمّ أو القلق من حين إلى آخر؛ كاقتراب موعد امتحان ما أو موعد مُقابلة عمل، أو عند إجراء فحصٍ طبيٍّ مُعيّن، ولكن قد لا يستطيع الجميع السيطرة على هذه المشاعر أو التعامل معها بالطريقة الصحيحة؛ حيث يتعرّض بعض الأشخاص للقلق باستمراريّةٍ قد تَصِل في أغلب الأحيان إلى التأثير في حياتهم اليومية أو إعاقتها، وبشكلٍ عام يتّصفُ شعور القلق بالإحساس بالتوتر وسيطرة الأفكار السيئة على الذهن، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم وبعض التغيرات الفيزيائيّة أو الجسديّة الأخرى، وقد يُضطر بعض الأشخاص المُصابين باضطرابات القلق إلى تجنُّب مواقف مُعيّنة بسبب شعورهم بالقلق تجاهها، وغالباً ما تُراوِدهم الأفكار المُقلِقة والمخاوف بشكل متكرر، وقد تصل الأعراض عند بعضهم إلى الارتعاش (بالإنجليزية: Trembling)، أو التعرق، أو الشعور بالدوار، أو تسارعٍ في نبض القلب، وعلى الرغم من أنّ القلق يُعدّ ردّة فعلٍ طبيعيةٍ للتوتّر، إلّا أنّ القلق المُستمر قد يكون ناتجاً عن بعض الاضطرابات؛ كاضطراب القلق العام (بالإنجليزيّة: Generalized anxiety disorder)، أو اضطراب الهلع (بالإنجليزيّة: Panic disorder)، أو القلق الاجتماعي .
نصائح للتخلص من القلق
على الرغم من أنّ القلق والتوتر يُسببان العديد من التغيرات في الجسم، إلّا أنّه يوجد العديد من الطرق التي يُمكن أن تُعيد حالة الانسجام والتوزان للعقل والجسم؛ كالمُحافظة على نظامٍ غذائيٍّ صحيّ ومتوازن، والاعتدال في استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين ، وممارسة التمارين الرياضيّة، وتعلُّم تقنيات الاسترخاء وممارستها، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الانشغال بالأفكار الإيجابية بدلاً من الأفكار السلبيّة، والحفاظ قدرَ الإمكان على سلوكٍ إيجابيّ يُعدّ مهمّاً للتخلّص من القلق، وفي النهاية فإنّ أكثر ما يحتاجه الجسم عند التوتر أو الإجهاد هو النوم لفترةٍ كافية.