هل الحج واجب على الفور أم على التراخي؟
هل الحج واجب على الفور أم على التراخي؟
اتفق جميع العلماء أن الحج يجب على المسلم في حال توفر شروط الحج ، أما إن لم تتوفر الشروط فلا يجب على المسلم الحج؛ أي أنه لا يُحاسب إن لم يحج إلى بيت الله تعالى لعدم الاستطاعة وعدم توفر الشروط، بينما تنوعت أقوالهم فيما إذا كان الحج واجبٌ على الفور أم على التراخي عند توفر الشروط؛ حيث كان للعلماء في ذلك قولان، بيانهما فيما يأتي.
القول الأول: وجوب الحج على الفور
وهو قول الحنابلة، وقول أبو حنيفة، وتلميذه أبو يوسف، وهو قول الجمهور، وعندهم أن من يؤخر الحج عن العام الذي تحققت فيه الشروط يكون آثماً، وإن ذهب للحج في العام التالي، فيُعد حجه قضاءً لا أداءً، ويُرفع عنه الإثم.
واحتجوا بأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وجب عليهم الحج في العام التاسع للهجرة، ولكنهم لم يحجوا، وذلك لوجود المانع؛ حيث إن المشركين في العام التاسع كانوا ما يزالون يحجون بالبيت وهم عراة، وما كان للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يطوف بالكعبة موحداً مع المشركين، فأخرَّ الحج حتى العام العاشر، وقد أنذرهم بقوله: (لا يَحُجُّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطوفُ بالبيتِ عُرْيانٌ)، ثم حج في العام العاشر، بعد زوال المانع مباشرةً.
القول الثاني: وجوب الحج على التراخي
وهو قول الإمام الشافعي، والإمام محمد بن الحسن؛ أي إن الحج من العبادات الواجب وجوباً موسعاً، وللمسلم أن يفعله متى شاء، أما تعجيل أداء الحج لمن يجب عليه فهو سنة عند الشافعي، فلا يأثم من توفرت فيه الشروط إن لم يحج على الفور مباشرةً.
ولكن التأخير عندهم جائز بشرط العزم على الحج؛ أي أن يُحدِّث المسلمُ نفسَه بالحج في المستقبل، أما إن خاف المسلم حدوث له شيء في المستقبل من ذهاب المال، أو العجز عن أداء الحج، عُدَّ تأخيره حراماً.
واحتجوا على قولهم، بأن الله أوجب الحج في السنة السادسة للهجرة، في الحديبية، بقوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ، فرجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوان الله عليهم إلى المدينة، ولم يحجوا إلا في العام العاشر؛ فدل هذا على وجوب الحج على التراخي.
واستدلوا أيضاً بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل أبا بكرٍ -رضي الله عنه- أميراً على الحج، وجلس هو بالمدينة ولم يحج، ولم يكن مشغولاً بشيء ولم يكن محارباً، ولم يحج أكثر المسلمين القادرين على الحج حينها، الأمر الذي يدل على وجوب الحج على التراخي.
شروط وجوب الحج
يجب الحج على المسلم إذا توفرت جميع شروط وجوبه، وبدون توفرها جميعاً لا يجب عليه الحج، وهي:
- الإسلام.
- العقل.
- البلوغ.
- الحرية.
- الاستطاعة .