نمو الجنين في الشهر الرابع بالتفصيل
نمو الجنين في الشهر الرابع
يُعتبر الشهر الرابع من الحمل بداية الثلث الثاني من الحمل تقريبًا؛ فقد قُدّر الشهر الرابع بأنه الأسابيع الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، والجدير بالعلم أنّ ثمّة تغيرات كبيرة تطرأ على مستوى الجنين خلال هذا الشهر من الحمل، وسيأتي بيانها بشيء من التفصيل أدناه.
الأسبوع الرابع عشر
يبلغ حجم الجنين في الأسبوع الرابع عشر من الحمل ما يُقارب حبة الليمون؛ إذ يصل طوله إلى 8.7 سم تقريبًا بينما يزن ما يُقارب 43 غرامًا، وفي الواقع يكون معدل نموّ جسم الجنين أعلى وأسرع من معدل نمو رأسه، ولكنّه بشكل عام يُصبح شبيهًا لهيئة الإنسان؛ إذ تتكون رقبته، وتكون ذراعيه في موضعهما الصحيح بالنسبة لباقي الجسم، ولكن لا تزال ساقاه في هذه المرحلة قصيرتين بعض الشيء لأنّ معدل نموّهما أبطأ، ومن الجدير بالبيان أنّه في هذه المرحلة من تكون الجنين يبدأ شعر خفيف بالظهور على جسم الجنين ورأسه، ويُعرف هذا الشعرباسم اللانوغو أو زغب الجنين (بالإنجليزية: Lanugo)، وتكمن أهمية هذا الشعر في تنظيم درجة حرارة جسم الجنين؛ إذ يساعد على التصاق مادة شمعية بجسم الجنين تُعرف باسم الطِّلاَء الجُبْنِي أو اللخن الجنيني أو الطلاء الدهني (بالإنجليزية: Vernix caseosa)، وحقيقة إنّ زغب الجنين ستزداد كثافته خلال الستة أسابيع القادمة من عمر الجنين، ولكن قبل موعد الولادة بما يُقارب أربعة أسابيع فإنّ هذا الشعر يتساقط، وقد تبقى آثار بسيطة منه بعد ولادة المولود، وأمّا بالنسبة للتطورات الحركية للجنين في هذا الأسبوع؛ فتتمثل بزيادة تنسيق حركة ذراعي الجنين وساقيه، وقد تُسجّل ركلاته أو حركاته عند فحص الأم بجهاز الموجات فوق الصوتية، فقد يكون باستطاعة الأم رؤية هذه الحركات، كما أنّ الجنين في هذه المرحلة قد يكون قادرًا على تحريك أصابعه، ومع ذلك فإنّ الأم لا تستطيع الشعور بحركة الجنين في بطنها في هذا الوقت، ولكن يُعتقد أنّ الجنين قد يستجيب لحركة الأم ويتفاعل معها؛ فقد يتحرك عندما تلمس بطنها برفق مثلًا، وأمّا بالنسبة لتطور ملامح وجهه؛ فإنّ عضلات الوجه تبدأ بالتطور الحقيقيّ، وتظهر ملامح على وجه الجنين كالعبوس مثلًا، كما يبدأ الجنين بإحداث حركات بطيئة في عينه تحت الجفن المغلق.
من التطورات الأخرى التي تطرأ على الجنين خلال الأسبوع الرابع عشر ما يأتي:
- القلب: يضخ القلب في هذا الأسبوع ما يُقارب 32.5 لترًا من الدم في اليوم الواحد.
- وضعية الجنين: يبدأ الجنين باتخاذ وضعية الاستقامة وذلك لأنّ عضلات جسمه تزداد قوّة كما يتكوّن هيكل عظامه.
- الفم والجهاز الهضميّ: يتطور سقف الفم في هذا الأسبوع، وكذلك يبدأ نشاط الجهاز الهضمي بالتطور، حيث تفرز الأمعاء ما يُعرف بالعقي (بالإنجليزية: Meconium) وهو ما يخرج من المولود كفضلات أولية بعد ولادته.
- خلايا الدم الحمراء: تبدأ خلايا الدم الحمراء بالتكوّن في الطحال (بالإنجليزية: Spleen) الخاص بالجنين.
- جنس الجنين: قد يظهر نوع الجنين في هذا الأسبوع أو خلال الأسابيع القليلة التي تليه.
- أظافر القدمين: تبدأ أظافر قدمي الجنين بالظهور.
- الأعضاء التناسلية: تبدأ جُريبات المبايض بالتكون لدى الأجنة الإناث، وأمّا بالنسبة للأجنة الذكور؛ فتبدأ البروستاتا بالظهور.
الأسبوع الخامس عشر
في الأسبوع الخامس عشر يصل طول الجنين إلى 9.5 سم بينما يزن 80 غرامًا تقريبًا، وكذلك يكون معدل نمو جسمه أسرع من معدل نموّ رأسه، ومن الجدير بالبيان أنّ حركة الجنين أو ركلاته تشعر بها الأم الحامل لأول مرة في هذا الأسبوع في الغالب، ولكن يجدر التنويه إلى أنّ الأم في بعض الحالات قد لا تشعر بركلات الجنين حتى الأسبوع الخامس والعشرين، وفي الواقع إنّ الجنين يبدأ بالسمع حوالي هذا الأسبوع، إذ يمكن أن يسمع الجنين الأصوات الخافتة في العالم الخارجيّ، وكذلك أصوات الجهاز الهضميّ الخاص بالأمّ، وكذلك قلب الأم وصوتها، وأمّا بالنسبة لتطور النظر لدى الجنين؛ فإنّ عينيه تصبحان حساستين للضوء، فبالرغم من أنّ عينيه تكونان مغلقتين؛ إلا أنّه يستشعر الضوء الساطع خارج بطن أمه، كما تُصبح العينان أقرب إلى الانف، ويبدأ بتطوير الحواجب، فضلًا عن أنّ الجنين في هذا الأسبوع تظهر لديه الحازوقة التي تكون مقدمة لعملية التنفس ، وفي الوقت ذاته فإنّ جلد الجنين لا يزال رقيقًا للغاية، بحيث يُرى من خلاله الهيكل العظمي والأوعية الدموية ، وفي سياق الحديث عن ذلك يُشار إلى أنّ العظام والهيكل العظمي عامة يبدأ بالتصلب؛ بحيث يتحول من الغضاريف (كتلك المكونة للأنف والأذنين) إلى عظم أكثر صلابة ويمكن التعرف عليه عبر الأشعة السينية. وأخيرًا فإنّ الجنين في الأسبوع الخامس عشر يُظهر نوعًا من استجابات ردات الفعل كالمص والبلع.
الأسبوع السادس عشر
يُقدّر حجم الجنين في هذا الأسبوع من الحمل بما يُقارب حجم حبة الأفوكادو، حيث يصل طوله إلى 11.6 سم بينما يزن ما يُعادل 100 غرام، وكما بيّنّا سابقًا فإنّ الأم قد تصبح قادرة على الشعور بحركة الجنين خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المُقبلة؛ فقد يتفاوت وقت الشعور بركلات الجنين وحركاته بين أم وأخرى، وفي الواقع فإنّ الجنين في هذا الأسبوع من الحمل يبدأ بتطوير أمور أخرى، ومن ذلك أنّ عضلات الوجه تبدأ بالحركة، كما أنّ ملامح الوجه تبدأ بالظهور، ولكن الجدير بالعلم أنّ الجنين لا يتحكم في هذه الملامح أو حركات عضلات وجهه عامة، وحقيقة فإنّ الجهاز العصبي يستمر في التطور في هذا الأسبوع، ومن ذلك السماح بردات فعل العضلات الموجودة في أطراف الجنين، ومن التطورات الجميلة التي تحدث في الأسبوع السادس عشر كذلك: قدرة الجنين على أن يصل كلتا يديه ببعضهما البعض، حيث يمكن أن يُمسك يديه معًا عندما تتلامسان، فضلًا عن قدرته على إحكام قبضة يديه، وكذلك يمكن أن يُمسك بيديه الحبل السريّ، وأمّا بالنسبة لعمل القلب وكفاءته؛ فإنّه يستمر في هذا الأسبوع في ضخ ما يُعادل 23.6 لترًا من الدم في اليوم الواحد، مع العلم أنّ قلب الجنين سيضخ ما يُقارب 1798 لترًا من الدم ببلوغ الأسبوع الأربعين من الحمل، ومن التطورات التي تحدث خلال هذا الأسبوع كذلك أنّ الجنين يمكنه حمل رأسه بالاتجاه الصحيح إلى الأعلى، وأمّا بالنسبة لجلد الجنين؛ فلا يزال شفافًا في هذه المرحلة العمرية من الحمل، كما أنّ الجنين في هذا الأسبوع لا يزال جسمه لا يحتوي على الكثير من الدهون أو النسيج الدهنيّ، الأمر الذي يُفسر ظهور الجنين طويلًا ونحيلًا بعض الشيء، ومن التطورات التي تحدث أيضًا في الأسبوع السادس عشر بدء الأظافر بالبزوغ والظهور كما أنّ براعم التذوق تبدأ بالتطور بشكل ملحوظ في هذا الأسبوع، وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أنّ عيني الجنين تبدآن بالحركة بشكل بسيط وبطيء في هذا الأسبوع، وأمّا بالنسبة لأنفه فيأخذ في الواقع الموضع الذي سيتخذه أنفه عند الولادة.
الأسبوع السابع عشر
في هذا الأسبوع من الحمل تبدأ حركة الجنين بالتزايد في السائل الأمينوسي المحيط بالجنين ، ويضخ قلب الجنين في هذه المرحلة ما يُقارب 47 لترًا من الدم في اليوم الواحد، وذلك ما يُعادل 140-150 نبضة في الدقيقة الواحدة، والجدير بالعلم أنّ القلب في هذه المرحلة من الحمل يخضع للتحكم من قبل الدماغ، وأمّا بالنسبة للتطورات المرتبطة بالمهارات فأغلبها تتمثل بزيادة قوة مهارات المص والبلع، فضلًا أنّ ردود الأفعال البدائية التي يمتلكها الطفل عند ولادته تتكون بشكل جيد في هذه المرحلة، وأمّا بالنسبة لتطور الحواسّ فقد لُوحظ في هذا الأسبوع أنّ الجنين يفتح فمه ويُغلقه، ويُحكم قبضة يده، فضلًا عن أنّ عينيه تتحركان حتى وإن كان الجفن مُغلقًا، وفي الواقع فإنّ كمية الدهون التي تتكون على جسم الجنين تزداد في هذا الأسبوع، وتجدر الإشارة إلى أنّ الدهون مهمة للغاية لإعطاء الجنين الطاقة والشعور بالدفء عند ولادته.
ومن التطورات الأخرى التي يشهدها الجنين في هذا الأسبوع من الحمل نذكر الآتي:
- يتناسب حجم الرأس مع حجم الجنين بشكل عامّ.
- تنمو الأظافر الخاصة بأصابع اليدين وكذلك أصابع القدمين إلى نهايتها.
- يكون جلد جسم الجنين مُجعّدًا ومغُطّى بطبقة من الطلاء الدهني الذي سبق بيانه.
- تبدأ المرارة بإفراز ما يُعرف بالعصارة الصفراء (بالإنجليزية: Bile)، والجدير بالبيان أنّ الصفراء مادة مهمة وضرورية في عمليات الهضم التي تتم في جسم الإنسان.
- تبدأ خلايا الدم بالتكون في نخاع العظم (بالإنجليزية: Bone marrow).
- يبدأ البول بالعبور عبر الكلى مرة كل خمسين دقيقة، وهو بالفعل السائل الأمنيوسي الذي تمّ ابتلاعه من قبل الجنين.
- يبدأ الحبل السري الخاص بالجنين بزيادة سمكه وقوته.
- تبدأ البويضات بالتكون داخل المبايض في حال كان الجنين أنثى.
- تبدأ براعم التذوق الخاصة بالجنين بالتفريق بين الطعم المر أو اللاذع والطعم الحلو.
- تنمو المشيمة بشكل يتناسب مع حاجة الجنين ونموّه وتطوراته، وفي سياق هذا الحديث يجدر التذكير أنّ المشيمة هي المسؤولة عن تغذية الجنين وتزويده بالعناصر الغذائية والأكسجين، وهي كذلك مسؤولة عن تخليص الجسم من الفضلات؛ حيث إنّ المشيمة في هذه المرحلة من الحمل تحتوي على آلاف الأوعية الدموية التي تنقل الغذاء والأكسجين من جسم الأم إلى جسم الجنين.
نظرة عامة حول نمو الجنين
يقضي الجنين في بطن أو رحم أمه فترة تُقدّر في الغالب بثمانية وثلاثين أسبوعًا، ومع ذلك فإنّ فترة الحمل تُعتبر أربعين أسبوعًا، والسبب في ذلك يعود إلى أنّه قد يصعب تحديد الوقت الذي حدث فيه الإخصاب بشكل دقيق، الأمر الذي دفع الأطباء لاعتماد اليوم الأول من آخر دورة شهرية هو أول يوم في حدوث الحمل، وبدءًا من ذاك اليوم يتم عدّ أربعين أسبوعًا ليكون موعد الولادة المتوقع، والجدير بالعلم أنّه قد تم تقسيم الحمل بطريقة أخرى تُعرف بالأثلاث، بمعنى أنّ الحمل ثلاثة أثلاث؛ الثلث الأول بدءًا من حدوث الحمل وحتى الأسبوع الثاني عشر، وأمّا الثلث الثاني فهو الفترة التي تتراوح ما بين الأسبوع الثاني عشر والأسبوع الرابع والعشرين، وأخيرًا يُعتبر الثلث الثالث الفترة الواقعة من بين الأسبوع الرابع والعشرين حتى الأسبوع الأربعين أو نهاية الحمل.