نماذج من صبر النبي صلى الله عليه وسلم على الأذى
صبر النبي الكريم على أذى قريش
كانت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مدرسة في الصبر، فتحمل فيها -صلى الله عليه وسلم- ألم اليُتم وصبر، وألم الفقر فصبر، وألم التكذيب والاستهزاء التعذيب -وهو الكريم صاحب الحق- فصبر، وألم فقد الزوجة والولد والأقارب والأحباب فصبر، وألم الهجرة عن الوطن فصبر، ولذة الغنى فصبر ولم يتكبر أو يغتر.
وقد صَبَر النبي -صلى الله عليه وسلم- على أذى قريش الذين تفنّنوا في أذيتهم، ومن هذه المواقف:
استهزاء أبي جهل
عداوة أبي جهل للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللإسلام بدأت منذ اللحظة الأولى لإعلان الدعوة، وامتدت حتى وفاته، سلك فيها شتى الوسائل وكل ما يستطيع، فكان يعذّب ضعاف المسلمين ويصدّ من يلين للإسلام من الكبراء، حتى قيل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمّاه فرعون هذه الأمة.
ونال النبي -صلى الله عليه وسلم- من إيذائه واستهزائه ما ناله، ومن تلك الحوادث: أن أبا جهل كان يتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحد الطرقات مرة، فأخذ أبو جهل يحرك أنفه وفمه سخرية، فاطلع عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا عليه أن يبقى على هذه الهيئة، فظل كذلك حتى مات.
أذى المشركين له في الكعبة
تعرّض النبي لأذى المشركين له في الكعبة، وأبرز هذه المواقف:
- خنْق النبي -عليه الصلاة والسلام-
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في حجر الكعبة، وبينما كان ساجدا جاءه عقبة بن معيط، فأمسك بثوب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ يخنقه به بشدة، واستمر على ذلك حتى جاء أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فدفع عقبة وهو يتلو قوله -تعالى-: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ).
- وضع أحشاء الناقة على النبي وهو يُصلّي
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في صحن الكعبة، فجيء بأحشاء ناقة ذُبحت قريباً، فطلب أبو جهل أن تُلقى عليه -صلى الله عليه وسلم-، فقام أحد الجالسين وفعل ذلك، فأخذ الجالسون من الكفار بالضحك والاستهزاء ولم يجرؤ أحد أن يزيل الأذى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى جاءت فاطمة -رضي الله عنها- فأزالته وهي تبكي.
تعذيب قريش لأصحابه
بعد أن انتشر الإسلام بين أهل مكة، حاولت كل قبيلة أن تثني من أسلم من أبنائها عن دينه بالتعذيب الشديد، ومن تلك القصص:
- تعذيب عثمان بن عفان
ما ناله سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من عمه الحكم بن أبي العاص، حيث كان يربطه بشدة، ويقول له: سأتركك على هذه الحالة حتى تعود عن دينك، ولكن عثمان يصبر ثابتا على دينه، واستمر الحكم يفعل ذلك حتى يئس من عودة عثمان إلى الكفر فترك تعذيبه.
- تعذيب آل ياسر
كان من أشد من وقع عليهم العذاب: آل ياسر، حيث كان المشركون وعلى رأسهم أبو جهل يخرجونهم في شدة الحر يعذبونهم، فلم يتحمل ياسر المسن العذاب فاستشهد، وطعن أبو جهل -لعنه الله- سمية، فاستشهدت هي الأخرى، وما زالوا يعذبون عمارا حتى ذكر آلهتهم بخير -ولكن قلبه عامرٌ بالإيمان-.
صبر النبي الكريم على ضرب أهل الطائف له
حاول -النبي صلى الله عليه وسلم- أن يجد موطنا للدعوة خارج مكة بعد كل الصد الذي لقيه من قومه، فخرج إلى الطائف، وقابل سادتها فردوا عليه أسوأ رد واستهزؤوا به وأرسلوا سفهاءهم وأطفالهم يضربونه بالحجارة ويسبّونه، واستمروا على ذلك حتى مسافة بعيدة من الطائف.
وبعد أن ابتعد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وجلس يستريح قليلا، أخذ يدعو الله -سبحانه وتعالى- دعاء من يخشى أن يكون ما حصل له بسبب غضب الله عليه، ولم يدعو عليهم، بل رفض أن يطبق عليهم ملك الجبال الجبلين، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يوحّد الله.
صبر النبي الكريم على أذى المنافقين
عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- مدة دعوته في المدينة بين قوم ظاهرهم الإسلام، وباطنهم الكفر، ولقي منهم المكر والخديعة والأذى، و كان النبي -صلى الله عليه وسلم صابرا على أذاهم في سبيل الدعوة، ومن صور صبر النبي -صلى الله عليه وسلم-على أذاهم:
- كانوا إذا حضروا مجلسه -صلى الله عليه وسلم- يضعون أصابعهم في آذانهم خوفا من أن ينزل فيهم شيء يفضحهم.
- تخلفهم عن غزوة تبوك بالأعذار الكاذبة.
- حادثة الإفك، حيث رمى المنافقون عائشة -رضي الله عنها- كذبا وافتراء.
صبر النبي الكريم على أذى اليهود
كانت اليهود تُعادي الإسلام والمسلمين وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد أنكروا نبوته وهم في الحقيقة عارفون بها. ومن صور أذاهم أن خيبر كانت مركزاً للتآمر وحشد الأعداء وتحريضهم على حرب المسلمين؛ فقد أثاروا بني قريظة على الخيانة وحزبوا الأحزاب ضد المسلمين في غزوة الأحزاب ونقضوا العهود.
الملخّص: لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- صنوفا من الأذى في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، وكان صبره -صلى الله عليه وسلم- مثلا يُحتذى به في حياة المسلم من كل جوانبها، ولقد استهزئ به وأُوذي وعُودي من قومه من المشركين ومن أقرب الناس إليه، وممن تستروا بالإسلام، ومن ألد الأعداء، واستقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك كله بصبر وثبات وإحسان.