نظريات المدرسة البنيوية
البنيوية الماركسية
كانت بنيوية لوي ألتوسير تتميز بطابعها الماركسي، فألتوسير كان الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي، وبصفته باحثًا في التراث الماركسي، فإنه أعاد قراءته وفقًا لمنهجية جديدة تشكلت في نهايات القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وهي البنيوية، فقد حول ألتوسير الماركسية من منهجية عمل وممارسة ثورية إلى وضعية تؤكد حتمية سيادة نظام معين لا سلطان عليه.
كانت الظروف السياسية التي تزامنت مع أبحاث ألتوسير سببًا رئيسيًا في وصوله لهذه النتيجة، ومع طغيان الماركسية، والدوغمائية السياسية المنتشرة، أصبح الفكر متحجرًا، ومتعصبًا، ومن خلاله هذا نظر إلى الأدب على أنه نسق من تمثلات تتشكل من تصورات وأساطير لها دور في المجتمع، والمدرسة الألتوسيرية ترى أن الأدب يعيق بسبب جماليته الأيديولوجيا التي يقوم عليها النص.
وبهذا يكون ألتوسير انطلق من مقاربة تجاوزت الأطروحات التقليدية للعلاقة بين البنى التحتية والبنى الفوقية، ويقصد بالبنى التحتية القوى الاقتصادية، أما البنى الفوقية فهي الفلسفة والأيديولوجيا والأدب والجمال، ورأى أن العلاقة بين البنيتين حتمية، وذكر أنه من الممكن أن تبتعد البنى الفوقية عن تأثير البنى التحتية، والأدب مثال على ذلك، لذلك البنيوية الألتوسيرية تهدف إلى فضح أيديولوجيا النص.
البنيوية الأنثروبولوجة
تقوم البنيوية الأنثروبولوجية على توظيف المنهج البنيوي في الدراسات الأنثروبولوجية، وإن كلود ليفي شتراوس عميد هذه المدرسة، ومؤسسها في القرن العشرين، وقد انصب اهتمام شتراوس على الكشف عن حقائق العقل البشري، لكن من دون الاهتمام بالبعد الاجتماعي، على الرغم من أن شتراوس كان متأثرًا بالماركسية، واستخدم المنهج الجدلي الهيجلي لمعرفة التعاقب النظامي، إلا أنه وظف البنيوية بشكل رئيسي.
كانت البنية التي شكلت المجتمعات البدائية وشعوبها وعاداتها وتقاليدها، وتوصل إلى نتيجة تخص بنيتها، وهي أن ما هو قديم ليس أقل حداثةً، وتغلغلت مفاهيم الطبيعة، في دراسات شتراوس، وتوصل إلى أن الثقافة إنتاج أدمغة بشرية، واعتمد التوسير في دراسة الثقافة على أبحاث دي سوسير في اللسانسات، والسيميائية.
البنيوية التكوينية
يعد لوسيان غولدمان مؤسس المدرسة البنيوية التكوينية، التي كانت تهدف إلى دراسة النص الأدبي من خلال علاقاته الداخلية، وتهتم بالبنية الدلالية وتداخلها في البنية الاجتماعية، ومن خلال ذلك تكون البنية أكثر شمولًا، وقد لجأت البنيوية التكوينية إلى الأدوات التي استنتجتها من التاريخ الفلسفي والأدبي، وأوله أعمال أفلاطون وأرسطو، ونظرية المحاكاة في الفن.
في العصر الحديث استنبطت البنيوية التكوينية مبادئها من جان بابتست فيكو الذي ربط النسق الاجتماعي بالأجناس الأدبية، كما اهتمت هذه البنيوية بالتراث الماركسي، واستخدمت أدواته، واستعانت بمنهجيته، وركزت أعمال غولدمان على دراسة البنى الداخلية وعلاقتها بما هو خارج النص؛ وذلك لمعرفة كيفيّة تكوّن النص الأدبي، وتحديدًا العمل الروائي، وأشار غولدمان إلى اختلاف البنيوية التكوينية عن باقي المدارس البنيوية، فقد دمجت بين النص والتاريخ والمجتمع والصراعات الواقعة، لمعرفة ماهية النص.