نظرة الإسلام للشخصية النرجسية
مفهوم الشخصية النرجسية
يعد اضطراب الشخصية النرجسية واحدًا من الاضطرابات التي تصيب الشخصية، وهي الشخصية التي تتمتع بمجموعة من الخصائص والسلوكيات التي تدّل على الغرور والإعجاب الشديد بالذات لدرجة الهوس، ومن سمات هذه الشخصية أنها تقلل من شأن الآخرين، وتسعى بشكل أناني لإرضاء الطموحات الشخصية، وعادةً ما يغضب أصحاب هذه الشخصية عندما لا يتلقون معاملة خاصة من قبل الآخرين، كما أنهم يصرّون على الحصول على الأفضل، وفي الوقت نفسه، قد يواجه الشخص المتصف بالنرجسية مشكلة في التعامل مع النقد، وقد يتعامل بازدراء مع الآخرين، ويحاول أن يقلّل من شأنهم ليبدو أكثر تفوقاً، وأيضاً قد يشعر بالاكتئاب وتقلب المزاج بسبب عدم كَمالهِ من وجهة نظره.
نظرة الإسلام للشخصية النرجسية
تلخص النقاط التالية نظرة الإسلام للشخصية النرجسية والصفات والسلوكيات المرتبطة بها:
- حث الإسلام على التواضع، واعتبر أنّ معيار التفوق بين الخلق هو التقوى، بغض النظر عن الأصل، أو الجنس، أو السلالة، أو الجاه، أو المال، كما في قوله تعالى: "يآيُها النّاس إِنَّا خَلقْناكُم مِنْ ذَكرٍ وأُنثَى وجَعلْناكُم شُعوباً وقَباِئلَ لِتَعارفوا إنَّ أَكْرمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكم"،فالغرور والتكبر من السمات التي ذمها الإسلام، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).
- ومن مظاهر التواضع في الإسلام أيضاً أنّ الأنبياء كانوا يعملون في مهن بسيطة؛ كالرعي، والنجارة، والحدادة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ)،وفي تحريم الكبر والغرور يقول الله تعالى: "تِلكَ الدَّارُ الآخِرةُ نَجْعلُها للّذينََِ لا يُريدونَ عُلُّواً في الأَرضِ ولا فَساداً والعاقِبةُ للمُتقين"،وكذلك قوله تعالى: "ولا تَمْشِ في الأَرضِ مَرَحاً"
- ويبغض المسلمون الغرور والكبر، وهما من الصفات التي تبعد الإنسان عن الكمال، ومن أعظم المهالك في الحال والمال، ولقد جاء القرآن والسنة بتحريمهما، والتنفير والتحذير منهما، كما في قوله تعالى: "وغَرَّتكُم الأَمَاني حتّى جَاءَ أَمْرُ الله وغَرّكمْ الله الغَرُور"،وقوله تعالى: "يآيّها الإِنسانُ ما غرَّكَ بِرَّبِكَ الكَريم"، ولذلك فالتواضع واجب على المسلم في غير مهانة أو مذلة، وهو من الصفات العالية والأخلاق المثالية.
علاج النرجسية في الإسلام
إن البشر متفاوتون في أنماط سلوكياتهم وأشكالها، ويعتبر الإسلام أنّ الأساس في علاج الشخصية النرجسية هو معرفة الذات، ثم قبولها، ثم تطويرها، وهذا لا يحدث إلا إذا استبصر الإنسان بحالته، وأدرك ما به، ومن الأفضل أن يشرف على ذلك شخص مهني محترف، وأيضاً من الأمور المفيدة للعلاج التركيز على إيجابيات الشخصية ثم تطويرها، مما يؤدي إلى إضعاف السمات السلبية، وتشير دراسة حديثة أنّ الانضمام إلى العمل الجماعي والجمعيات التطوعية يساعد في تقليل حب الذات، وتوسيع دائرة محبة الآخرين، والاهتمام بهم، كما يعزز التواضع.