نص إنشائي عن النظافة (لطلاب الثانوي)
المقدمة: النظافة مسلك أخلاقي
إنّ النظافة تشملطهارة الجسد من الأوساخ وكذلك خلو المكان مما يلوثهمن قمامة وأوساخ، ولتحقيق هذا المطلب اعتاد الناس القيام بعادات يومية تقوم على العناية بالنظافة الشخصية من خلال استخدام المواد القاتلة للجراثيم والبكتريا، ويعتمد ذلك على ممارسات معينة ضمن الأعمال اليومية التي ترتبط بجسد الإنسان والأدوات التي يستخدمها، من أجل الحفاظ على نواحي الحياة المختلفة وأولها الصحة النفسية والجسدية، وذلك بابٌ من أبواب التحلي بالأخلاق الكريمة، لأن فيها كفّ الأذى عن الآخرين.
العرض: نظافة المكان والأبدان
لا شك أن المجتمع المسلم مجتمع يسعى لتنظيف الإنسان من الأوساخ التي تحيط به من الخارج، إضافة إلى تنظيف قلبه من الداخل بالإيمان والصلاح والابتعاد عما يكدّرها، فالنظافة من هذا المنظور يجب أن تكون مزدوجة ليحظى المرء بالهدف الأخلاقي السامي للإسلام، فالحفاظ على النظافة الروحية والجسدية إرث ورثه المجتمع الإسلامي من الحضارة النبوية، وبالتالي فهو عبادة يتقرب بها المسلم لله تعالى، فإذا تأمل الإنسان حثّ القرآن الكريم والأحاديث النبوية على الطهارة والغسل والوضوء علمَ أنّ "الطُّهُور شَطْرُ الإيمانِ".
يمكن القول إنّ النظافة المعنوية التي يجب على الإنسان التحلي بها -وهي نظافة القلب ـ لا بد أن تشتمل على العديد من المعايير والمرتكزات التي تؤدي إلى تخلق الإنسان بأفضل الأخلاق، فمن سبُل تحقيق طهارة الإنسان الباطنية ـ وبالدرجة الأولى ـ طرحُ الأخلاق الذميمة من القلب، كتدريب القلب على التخلص من الحسد والحقد والبغضاء والشحناء والكبر والبخل، وهي رياضة قد يجد فيها العديد من الناس صعوبة أكبر بكثير من تنظيف الجسد وتطهيره من الأوساخ الحسية.
إنّ طرح المتعلقات الفانية من القلب تأتي في الدرجة الثانية، وهي كل ما يخص الدنيا التي تمضي إلى الزوال، فإذا ما استطاع المرء تحقيق ذلك المطلب أصبح قلبه على جاهزيةٍ تامة لاستقبال الواردات الإلهية من نفحات إيمانية، أما الدرجة الأخيرة من مراحل طُهرِهِ هي تزكية القلب بفضائل الأخلاق وذلك مثل: الصدق وحب الخير للآخرين، والكرم والتقوى والنزاهة، وما إلى ذلك من صفات تجعل الإنسان على مستوى عالٍ من الرقي والصلاح والقرب من الله تعالى.
تعد النظافة للإنسان مظهرًا من مظاهر الحضارة والرقيّ، كما أنها وسيلة من وسائل تقبل الآخرين للفرد وإعجابهم به، والأهم من ذلك أنها الوسيلة الوحيدة للحماية من الأمراض التي قد تكون مُعدية ومسببة للوفاة في كثير من الأحيان، كالتيفوئيد والكوليرا، أو الأمراض الجلدية التي تعتمد في نشوئها على انعدام نظافة الجلد وقلة الاهتمام بالنظافة الشخصية، ومن المحتمل أن تتسبب قلة النظافة أيضًا بالعديد من الأمراض النفسية الناتجة عن نفور الآخرين وازدراء المجتمع، لذلك تكتسب النظافة مكانة مهمة في حياة الشعوب.
تتوزع أهمية النظافة على بدن الإنسان بالدرجة الأولى، وعلى المكان الذي يعيش فيه بالدرجة الثانية، لما لكليهما من أهمية في حماية صحته وحمايته من الأمراض الخطيرة، فحفاظ الإنسان على جسمه ضرورة من ضرورات الحياة، ويمكن أن يظهر ذلك في العديد من المجالات التي يخوضها خلال حياته اليومية، والسلوكيات التي يتعامل بها مع الآخرين، لا بد للإنسان من العناية بنقاط أساسية لتحقيق النظافة الشخصية، ويمكن للمرء أن يفنّد هذا المطلب على قسمين، ففيما يخص البدن لا بد من الاهتمام بأجزاء الجسد كافةً.
تُعد نظافة الجلد من أولى الأمور في هذا الصدد، حيث يعد الجلد الجزء الذي يجعل الإنسان يلامس العالم الخارجي والأشياء المحيطة، ومن هنا تكتسب العناية بنظافة الجلد أهميتها، ويمكن أن توضع في رأس القائمة في جدول العناية الشخصية، أما نظافة الشعر فتليها في الأهمية، بما أنه يغطي مساحاتٍ محددةً من الجلد فهو جزء لا يتجزأ من الأشياء التي لا بد من العناية بنظافتها، ولا سيما شعر الرأس الذي تتراكم على جذوره الدهون بشكل يومي، وإهمال هذا الأمر يتسبب بالعديد من الأمراض الجلدية، وقد يُلحِق بالشعر القمل.
إذا ما فكّرَ الإنسان بتقليم الأظافر عرفَ الحكمةَ من استحباب هذا الأمر في الإسلام، لما قد يتجمع تحتها من أوساخ تؤثر سلبًا على الإنسان أثناء تناوله للطعام أو تحضيره له، وبتقليمها المتجدد وتنظيفها بالماء والصابون بعد ذلك يتخلص المرء مما يمكن أن يتسبب في تلويث الطعام والشراب الداخل إلى معدته، ويتبع الطعامَ أيضًا تنظيف الأسنان، وهي جزء من أهم أجزاء الجسم التي ينبغي العناية بنظافتها وتعطيرها، لأنها الجزء المباشر الذي يطحن الطعام ويلامسه بشكل مستمر، مما يجعل تراكم الدهون وبقايا الأطعمة عليها سهلًا وسريعًا، كما يجعل رائحتها مزعجة للغاية بالنسبة للآخرين.
أما بالنسبة لتنظيف المكان الذي يحيط بالإنسان وما يشمل ذلك من أدوات يستخدمها فيمكن التركيز بدايةً على نظافة المنزل، وهو المكان الذي يعيش فيه المرء حياته اليومية، ولا شك أن العادات اليومية تتطلب استخدام عشرات الأدوات منها الأدوات المنزلية، ونظافة البيت تؤدي الدور الأساسي في حماية الإنسان من الأمراض، كما أن فصل النفايات داخل سلة المهملات في المنزل يساعد عامل النظافة على فرزها حسب ما تقتضيه مصلحة البيئة.
ثم يولي اهتمامًا بنظافة المدرسة، حيث يمكن أن تكون المدرسة مكانًا لانتقال العدوى بشكل سريع إذا لم يهتم المعنيّون بالأمر بنظافة المرافق الموجودة في المدرسة، وإذا لم يكن التلاميذ على درجة من الوعي الذي يمكنهم من الحفاظ على مرافق المدرسة بلا تلويث، وعلى مقاعد الصف وأرضه وجدرانه بلا إتلاف، أو من خلال القيام بتصرفات غير مسؤولة تؤدي إلى نشر الأوساخ في باحات المدرسة ومرافقها.
أما نظافة مكان الثياب والطعام، فنظافة الثياب هي الجزء المكمل لنظافة الجلد، ونظافة مكان الثياب هي الجزء المكمل لنظافة المكان وما يحيط به، كنظافة المرافق التابعة للمنزل أو المدرسة، ومكان جلوس العائلة، ومكان نومهم، ومكان لعب الأطفال في الحديقة، وتنظيف مقاعد التلاميذ في مدرستهم ومكان حفظ الأطعمة الخاصة بهم، إذ لا بد من الاهتمام بكل هذه التفصيلات للحصول على حياة مثالية من ناحية التعقيم والحماية.
تظهر أهمية النظافة في سائر تفاصيل حياة الإنسان من تلك البنود، وإهمال قسم واحد منها قد يتسبب في مشكلاتٍ يصعب حلُّها، فالنظافة ثقافة وسلوك، وإذا لم تدخل في جميع تصرفات الإنسان وعلاقاته يمكن أن تنهدم العديد من أواصر المحبة والوداد بينه وبين الآخرين، فيتجنبه الجميع وينفرون من الالتقاء به، ولا سيما العلاقات التي تشتمل على الاحتكاك والتواصل اليومي، كعلاقة أصدقاء الدراسة وأصدقاء العمل وعلاقة الإخوة فيما بينهم ضمن الأسرة الواحدة.
بين يدي الناس والإعلام تكون حماية البيئة من التلوث هدفًا من الأهداف التي تسعى الدول لتحقيقها، وتوجد العديد من المقترحات الناجحة للمحافظة على النظافة، كما أن معظم الدول تدعم هذا الأمر من خلال مساهمات كثيرة، منها: وضعُ سلاتٍ للمهملات بشكل متقارب في الحدائق العامة، وتوزيع مكبات النفايات في مناطق متقاربة، وهذا ما يمكِّن جميع الأفراد الذين يمرون من الحديقة أو الشارع يوميًّا من رمي الأوساخ في أي سلة يصادفونها مهما كان المرء على عجلةٍ من أمره، وهو نوع من أنواع التسهيلات الإيجابية.
إنّ العناية بإنشاء مصافي المصانع والسيارات نوعٌ من أنواع التسهيلات المقدَّمة في هذا الميدان، فهو الذي يساعد على حماية الجو من التلوث ومنع ذلك التأثير من أن يصيب الإنسان، لأن في ذلك العديد من المخاطر التي تجلب المشاكل الصحية، كما تحرص العديد من الدول على الإكثار من زرع الأشجار ومنع قطعها لتكثيف الاستفادة من نقاء الهواء الذي يدخل إلى الرئتين.
إضافة إلى نشر اللافتات التي تُذكّر المارة بضرورة الاهتمام بهذا المطلب لدعم الصحة العامة وتوطيد العلاقة بين الجهود المبذولة من قبل الدولة والوعي الذي يحمله المجتمع للوصول إلى نقطة مشتركة، ألا وهي الحياة السليمة الخالية من الأوبئة والأمراض، وتمويل المنظمات التي تدعم حملات التوعية بأهمية النظافة وتفعيل دورها في إعادة التدوير للمواد البلاستيكية والزجاجية والحديدية، وعنايتها بالجامعات والمدارس والحدائق العامة والشوارع والأحياء السكنية، وهذا ما يجعل تلك الدول على درجة من الارتقاء بمستوى الشعوب من خلال حماية الأفراد والاهتمام بمصلحتهم ومصيرهم.
تبدأ مهمة الإنسان في جعل النظافة ثقافة مجتمعية سائدة من تقديره لعامل النظافة، فالشعور بهذا العامل في كل شارع يجعل الإنسان على يقين بأن الجهود التي تبذل في سبيل صفاء الهواء الذي يستنشقه ونظافة الشوارع التي يمشي بها كفيلٌ أن يجعله محافظًا على نظافته ومقدرًا لجهود الآخرين من حوله، ومن يحترم هذه الجهود لا يمكن أن يترك خلفه كيسًا يحتوي على القمامة في منتصف الطريق، ولا يستطيع أن يرمي عبوةً فارغة من نافذة السيارة، وهنا يمكن القول أنه وصل إلى الفهم الصحيح لعلاقة الإنسان مع البيئة.
الخاتمة: الحفاظ على النظافة والصحة
إنّ المداومة على النظافة جزء من استراتيجات تعزيز الصحة، التي لا يخترقها الوباء إلا في حالات استثنائية، وبهذا المعنى ينبغي أن يكون الوعي ملازمًا للفرد الذي يشكل نواة المجتمع، كما ينبغي أن يُتَرجَم هذا الوعي إلى تصرفات تعبر عن فكر سليم، وبذلك يكون عدم رمي النفايات في الشارع والبحث عن مكبات النفايات جزءًا من منظومة فكرية تريد للنظافة أن تسود في مجتمعاتها، وأن تصبح جزءًا من الثقافة التي تعبر عن ذلك المجتمع نفسه، حينها ستكون النظافة شعار حياة!
قد يهمك قراءة نموذج لتعبير آخر عن الموضوع نفسه: موضوع تعبير عن النظافة .