نص إنشائي عن المعلم (لطلاب الابتدائي)
أحبّ معلمي
المعلم هو الإنسان الذي أوكلت إليه مهمة بناء إنسان آخر لا يمت له بأية صلة أو قرابة، المعلم نجمة مضيئة تخترق ظلمة الأرض فيثني كل الناس على ضوئها آملين أن تكون سراجًا يهديهم إلى الطريق الصحيح، المعلم هو الأبجدية الأولى التي يُلقنها الإنسان منذ نعومة أظافره فتكون يده ما زلت صغيرة على حمل القلم، إنّ العربية في أحرفها الثمانية والعشرين لتعجز عن وصف المعلم وفضله على الآخرين.
معلمي قدوتي
كم أحببت معلمي في الصف الأول الابتدائي لما دخلت المدرسة في المرة الأولى وكنت خائفًا جدًا، فقد سمعت من أقراني ما يكفي لإخافتي من المعلم وعصاه التي تضرب الجميع بذنب أو دون ذنب، لذلك فقد كنت أترقب في اليوم الأول ضربات من عصاه على يدي وكلي رعب وخوف مما سيحدث لي، دخلت الصف فرأيت المعلم، كان شابًا في مقتبل العمر يضع نظارات رقيقة على وجهه وبضعة خصلات من شعره متدلية على أذنيه وهو يلبس بنطالًا من القماش الأزرق وقميصًا أبيض باهر الجمال، كان رقيقًا جدًا وأهداني الأقلام الملونة لأنني استطعت أن أكون أول طالب أفلح بإمساك القلم بشكل صحيح، ومن يومها أحببت معلمي وحملت له مشاعر عظيمة في نفسي.
اليوم وقد تعديت تلك المرحلة منذ سنوات كسرت حاجز الخوف الذي صنعته بنفسي، إن علاقة المعلم بطلابه تشبه العلاقة الأبوية التي يملؤها الحب والاحترام ولا بد فيها من بضع نظرات قاسية تعيدنا إلى الطريق الصحيح عند الحياد عنه، المعلم هو أعظم إنسان يتمكن من تحويل الظلام إلى نور مشع جميل، كيف لا وقد بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معلمًا، علم الخليقة كلها التوحيد وأخذ بيدهم إلى النجاة، فأنقذ الكون وخطّ القوانين وأبعدهم عن شريعة الغاب التي كانت تقضي أنّ الحياة للأقوى.
المعلم هو النبراس الأول للجميع سواء أكانوا صغارًا أم كبارًا، وهو الكلمة الأولى التي تصلح البشرية بها، ولا يكون المعلم قادرًا على التغيير ما لم تكن سمة الصلاح في نفسه بارزة، وقد ظهر ذلك لما كان الخلفاء ومن بعدهم يستقطبون المعلمين من أجل تعليم أبنائهم فكان للمعلم قدره، وقد استقطب هارون الرشيد الأصمعي من أجل الإقامة على تدريس الأمين والمأمون فكان هو الآمر الناهي عليهم، إذًا فالمعلم هو الجذوة التي يهتدي بها الأبناء في طريق حياتهم؛ إذ لا شعلة تهديهم إلى الصواب سوى نصائح المعلمين.
لما كنت صغيرًا كنت أحاول دائمًا تقليد من حولي، فلو بكت أختي الصغيرة بكيت مثلها، ولو طلب أخي الكبير الماء كنت أفعل مثله، لم أكن أعلم في ذلك الوقت أني أبحث من خلال تقليدي للآخرين عن قدوة لي، لكن لما رأيت معلمي صرت أحاول أن أقلده في وقفته ومشيته وكلامه وصمته وحتى في نظرات عينيه وظننت أني الآن صرت مثله، اكتشفت فيما بعد أن تلك الأمور ما هي إلا صفات خارجية لا يحسُن تقليدها لأنني لن أكون حينها إلا نسخة عنه، أما ما يحسُن تقليده فهو الدواخل النفسية التي ارتقت بمعلمي ليكون كما هو الآن.
حاولت أن أجعله قدوتي في الصدق فلا أكذب أبدًا، وحاولت أن أتمسك بالصبر فأكون هادئًا مهما حدث حولي، وهذا بالفعل ما غيّر من شخصيتي ورفع من ذاتي، لقد خلق الله الإنسان كائنًا مؤثرًا فهو يستقي من الآخرين شيئًا ويمنحهم أشياء أخرى، ولذلك أستعين بصفات معلمي ليكون لي قدوة أخلاقية ، فأحاول دائمًا أن أكون ذلك الإنسان السويّ الذي يتمثل بالمعلم أمامي، إن الإنسان ليرغب أن يكون مثل القمر مضيئًا في الظلمات الحالكة، ولا قمر على الأرض خير من المعلم الذي أفنى شبابه بين دفات الكتب ودفاتر التلاميذ وهو يحاول تقويم خطأ في الوقت الحاضر إلا أنه يقوم شخصية مع مضي الوقت وتعاقب الأيام، المعلم هو خير مَن في الدنيا وأنبل بني البشر.
المعلم هو الإنسان الذي يترك العالم بأسره من أجل بناء عقل يكون في يوم من الأيام سببًا في تطوير الأرض وما عليها، كيف يمكن للإنسان أن يتجاهل رجلًا شارك في بنائه بل ربما كانت له الحظوة الكبرى في ذلك البناء، إنّ أيّ عاقل لا يُمكنه أن يتجاهل فضل ذلك الإنسان عليه، فقد أفنى بصره في سبيل تعليمه ليس علمًا ماديًا فقط، بل بناه أخلاقيًا وروحيًا ونفسيًا، المعلم هو الكلمة الأولى في الحياة وقد بُعث سيد العالمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معلمًا للبشرية بأكملها فأنقذ الناس من براثن الجهل إلى شاطئ الحياة والأمان.
المعلم هو الرجل الذي تكون مهمته تمكين اللبنة الأولى التي أشرف الوالدان على تثبيتها، المعلم هو واحد من ملائكة الأرض التي لم يشركها الله بصفات الملائكة الجسدية بل وضع فيها من الصفات النفسية ما يجاري ملائكة السماء، كيف يمكن أن أقدّم شكري للمعلم بعد بضع من السنين مضت وأنا أنهل من خيرات روحه وأستقي من معين علمه وأطلب عونه في محطات حياتي كلها، ما زلتُ أذكر حتى الآن بطاقة الشكر التي سطرتها في يوم عيد المعلم لما أردت أن أهديه شيئًا؛ فإن نقودي لم تسعفني في ذلك اليوم، فحملت قلمًا من أقلامي وبدأت خط كلمات الشكر ورسم القلوب الحمراء التي كتبت فيها اسم معلمي.
شكرًا معلمي
أحمل بين جنبي قلبًا ينبض بالشكر لذلك الرجل الذي اختط سواد شعره باللون الأبيض، وما يزال يحمل نظارته التي تساعده في شرح الدرس، معلمي ها أنا ذا أخط كلمات شكري إليك وأتمنى من كل قلبي أن أكون ذلك الطالب الذي حلمتَ به دائمًا وسعيتَ لأن يكون، أزف إليك عبارات التهاني على الأمجاد التي سطرتها في ساحات قتال الجهل وكيف أسهمتَ في انتصار نور العلم، شكرًا لك يا معلمي وأقدم بين يديك أسمى عبارات الودّ والإخلاص لأنني لن أستطيع أن أوفيك حقك مهما فعلت.
قد يفيدك قراءة مقال مشابه: تعبير عن المعلم .