نص إنشائي عن التعاون (لطلاب الابتدائي)
المقدمة: التعاون بذرة الإنتاج
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتقوى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، في هذه الآية الكريمة توجيه وحثّ على غرس بذرة الإنتاج؛ فلا يستقيم إنتاج دون تعاون، لذا كان لزامّا علينا أن نبذلَ قصارى جهدنا، ونتعاون مع الآخرين؛ لنغرس هذه البذرة في نفوسنا؛ حتى نصلَ إلى ما نصبو إليه، ونحطم كل ما يصادفنا من عقباتٍ، فالمرجو هو أن نقدمَ إنتاجًا قويًّا متماسكًا تمامًا، لبذرةِ التعاونِ أثرٌ جميلٌ يعودُ على الإنسانيةِ بعظيمِ المنفعةِ التي لولاها لما كان للإنسانيةِ وجودٌ على هذه الأرضِ، فالإنسانُ حينما لا تكون بذرة التعاونِ قائمةً في قلبهِ لا يمكن له أن يعيشَ بمعزل عمن حولَه.
العرض: نتعاون من أجل مجتمع أفضل
التعاونُ صفةٌ حميدةٌ حثتْ عليها الشرائعُ السماويةُ جميعُها، وهي عملٌ إنسانيٌّ نبيلٌ يهدفُ إلى مشاركةِ الآخرينَ في إنجاز أمرٍ ما، به نفعٌ للمجتمعِ المحيط بنا، إذن يكون التعاون في أمرٍ به نفعٌ، ولا يكونُ الهدفُ منهُ الإضرارَ بالمجتمعِ، فإذا ضرَّ من حولَه لم يعدْ تعاونًا، وإنما تدميرٌ للمجتمعِ، ويكون التعاون بذرةً نافعة حينما نأخذُ بيد بعضنا بعضًا لتحقيقِ مصلحةٍ عامةٍ بها نفعٌ للإنسانِ والبيئةِ المحيطةِ على حدٍّ سواء، فيكون خلق التعاونِ مثل البذرةِ التي غُرست في تربةٍ صالحةٍ وسُقيت بالعملِ والجدِّ فنبتتْ وأثمرتْ، واستفادَ الجميعُ من ظلِّها وثمرِها الطيب.
ومن الآثارِ الطيبةِ التي يتركُها التعاونُ، أثرُه على المجتمعِ، فالمجتمعُ المتعاونِ المتماسكِ يكون مجتمعًا متقدما مزدهرًا مميزًا عن المجتمعات الأخرى؛ لأن البناءَ المتماسكَ يكون أقوى من البنيانِ المتفرقِ المتهالكِ، وهكذا يكون فيما يتعلق بالمواطنين في المجتمعِ الواحدِ، إذا أخذ كل فردٍ من أفرادِ المجتمع بيد أخيهِ وكان التعاونُ عنوانهم، وأصبحت لديهم الرؤية الواضحة نحو مجتمعٍ أفضل يعمهُ الخيرُ والمحبة، وتتلاشى فيه الفرقة والعداوة والبغضاء، فالكائناتِ الحيةَ جميعُها مثلا تتعاونُ فيما بينها للمحافظةِ على نفسِها من الانقراضِ والتشتتِ والعدوان، وعليه تكونُ بذرة التعاونِ أساسًا لوجودِ الإنسان الصالح المتقدم في شتى المجالات، ومن هنا فلا يكون المجتمع مجتمعًا ضعيف البنية كثير الثغورِ قليل المنفعةِ.
ويسهمُ التعاونُ في خلق مجتمعٍ أقوى وأفضل: ينهضُ وحده أولا وينهض بين المجتمعاتِ الأخرى ثانيًا، إذا قام أفراده بالسيرِ في طريقٍ واحدٍ مستقيم أساسه التعاون، مما يجعلهم أقوياء في نظرِ الآخرين إذ يصعب على أي شخص بما أوتي من قوة وعزيمة أن يخترقَ صفوفهم، ويكسر شوكتهم، فالمجتمعُ القويُّ المزدهرُ بين المجتمعاتِ أساسه أفرادٌ صالحون عرفوا معنى الوحدة كلمةً وصفّا، وعرفوا قيمة وطنهم وأمتهم، على النقيض من المجتمع الضعيفِ تمامًا القائم على التفرقةِ الذي شُغل كل فردٍ بنفسه، وأهمل وطنه فما استطاع تحقيقَ ذاته، ولم يجعل لوطنه مكانةً بين الأوطان المجاورة.
لذلك ينبغي على كل شخصٍ منا أن يبحثَ في طيات نفسهِ عن التعاونِ، وثماره الغضة الطيبة وأن يمحو الحقدَ والأنانيةَ والتعصب منها؛ حتى تصفُو ذاته، ويتقبل الآخر، ويأخذ بيده؛ فيعظم شأنه فيعظم وطنه وأمته، ويعلم الآخرين درسًا مفاده: أن التعاون ليس ضعفًا وقلة حيلة، بل هو قوةٌ كامنةٌ للتسامحِ والعطاءِ، تجعلُ من الإنسان كائنًا مدركًا مفهوم الإنسانيةِ، وواعيًا على كون الإنسان له قيمته في بناء هذا المجتمعِ الواحد، وهو ركنٌ وعمودٌ لا بد من وجوده؛ حتى يسمو الوطن ويرتفعُ مجدُه بين سائرِ الأوطان، ويثمِّن المعنى من التعاون، ويقدرُ كل شخصٍ مد يدهُ له، فيأخذ بها ويشد عضد أخيه؛ حتى يقوى البنيان ويعظم الإنسان وتنهض الأوطان.
فالتعاونُ يحمل بين طياته أسمى المعاني التي تجعل من المتعاونِ عَلَمًا فريدًا في مجتمعهِ، بل قويًا قائدًا قادرًا على تحمل مسؤوليةِ القيادةِ؛ ليخدمَ وطنه وأمتهُ، فيرتفع بنفسه وبوطنه، كيف لا، وهو قد نشأ على حبِّ الوطن وخدمته، حبٌ نشأ من الصغرِ فكبر معه، فالمتعاون وجدَ في نفسهِ أمورًا إنسانية أهّلته أن يُحترم، ويقدّر ويثنى عليه، كأن يزيلَ ما في نفسه من تعصبٍ نحو نفسهِ وقبيلتهِ ودينهِ؛ ليتقبلَ أخاهُ الإنسان مهما كانت بينهما من فروق قد وجدها الكثيرُ حاجزًا منيعًا للوصولِ إلى صاحب الإنسانية، ويلغي ما علقَ به من أنانية.
من هنا يا أصدقائي نتعلمُ أن كل فرد منا مسؤولٌ أمام وطنه وأمته، يسمو به ويرتفعُ، لذا ينبغي أن ننضوي جميعًا تحت رايةُ التعاون؛ حتى نحمل لواء وطننا عاليًا، وننهضَ به في سماء المجدِ، فتجمعنا تحت رايته الأخوةُ والمودةُ والسلام، فنكون حينئذٍ مجتمعًا حصينًا مهابًا لا ضعيفًا يتكالب عليه كل طامعٍ فيؤذينا في أنفسنا ووطننا، ويسلبُ خيراتنا، فالتعاونُ مفتاحُ الرفعةِ والقوةِ والنصرِ، وهو كنزٌ لا يعرف قيمته إلا من كان له مجربًا، ولوطنه خادمًا ومدافعًا، ومواطنًا صالحًا يثمِّن الوطنَ بكلِّ ما أوتيَ من روحٍ ومالٍ وعزيمةٍ.
الخاتمة: بالتعاون أعزز شخصيتي
ختاما يسهمُ التعاونُ بما فيه من إيجابياتٍ في صقلِ شخصية المتعاونِ وتهذيبها، بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ نبيلةٍ عريقةٍ تُغرَس في النفسِ، مثل: الإيثار والتسامح والإخاء وتقبل الآخرِ وغيرها، هذه كلها ميزاتٌ يكسبها الشخصُ المتعاون، التي تجعل منه إنسانًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ إنسانية جميلة، علاوةً على ذلك أن يكونَ هذا الشخص محبوبًا بين أفراد مجتمعِه وغرسا طيبًا يعود على أمته بالنفع والعطاءِ، فالمتعاونُ شخصٌ لا يعرف الحقدَ والغلَّ والأنانية؛ لأنه يعي تمامًا أنه هو وغيره إخوةٌ تجمعهم وحدةُ الجسدِ الواحدِ المتكاتف الذي ما إن يشكو أي عضو منه ألمًا إلا وتألّم الجسدُ كلُه، لذا علينا أن نكون قدوة، وخير دليل على هذا الخلق النبيل نثاب عليه بين أهلينا بالثناء وعند الله جزيل العطاء.
قد يهمك الاطلاع على نموذج آخر لموضوع تعبير عن التعاون: موضوع تعبير عن التعاون .